هناك آلاف الناس الذين يتم تشخيصهم بمرض السرطان كل عام في المملكة المتحدة، فالسرطان ليس مرضاً واحداً بل 200 نوع مختلف وكل له أعراضه الخاصة وطرائق تشخيصه وعلاجه. يصاب الإنسان بالسرطان عندما تبدأ خلايا الجسم بإعادة الإنتاج خارج سيطرة الجسم مكوناً خلايا جديدة غير طبيعية، فهذه الخلايا من الكتل تعرف بالأورام. إذا لم تنتشر الخلايا من الورم فيعتبر حميداً، إذ يمكن في الأغلب استئصالها، وإذا انتشرت الخلايا وغزت الخلايا السليمة والأعضاء المجاورة أو انتشر في أنحاء الجسم من خلال الدم أو الجهاز الليمفاوي مسبباً المزيد من الأورام القادرة على الانتشار عندها تكون أوراماً خبيثة أو سرطانية، فهذه الخلايا السرطانية سوف تنتشر في الأغلب إذا لم يتم علاج الورم الأم. فكل خلية في الجسم تحتوي على الحمض النووي، فهي تحمل الشفرات الجينية التي تعمل على توجيه عمل الخلايا كلها، وإذا كان الحمض النووي تالفاً داخل الخلية فإن التوجيهات تخطئ أهدافها، فتحدث العملية التي تعرف بـالطفرات، وتظهر في خلايا الجسم عن طريق الانشطار وإعادة الإنتاج، ففي أغلب الأحيان تتعرف الخلايا إلى ظهور الطفرات وتعدل الحمض النووي أو تتفكك ذاتياً وتموت. لو ظهر عدد من الطفرات في الحمض النووي الخلية، فإن التحكم في نمو الخلية ربما يضيع وبالتالي لا تموت، وعوضاً عن ذلك تبدأ في اتباع التوجيهات غير الطبيعية التي تمكنها من إعادة الإنتاج والنمو، بحيث تنتج الكثير من الخلايا التي حدثت لها طفرات - وهذه بداية مرض السرطان. هناك عوامل كثيرة منها التدخين والتعرض الشديد للشمس يكونا السبب في تدمير الحمض النووي وبالتالي إلى التراكم السريع للطفرات التي تسبب الإصابة بالسرطان. تاريخ العائلة المرضي يزيد من فرص الإصابة بالأمراض، لأنه يعني في العادة أن الشخص يبدأ حياته بوراثة طفرات الحمض النووي التي تقوده إلى الإصابة بالسرطان. حتى الذين شفيوا يكونون عرضة لخطر الإصابة به مرة أخرى، ففي أغلب الحالات السبب في الإصابة بمرض السرطان غير معروف حتى الآن. وأظهرت دراسات حديثة أن هناك 80 علامة وراثية (مثل الطفرات الجينية) التي تؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والمبيض، وعلى سبيل المثال فإن الأطباء يعتقدون أن النتائج ربما سوف تؤدي إلى الاستخدام الواسع للحمض النووي الذي يبين السرطانات، ولذلك فإن فحص جينات الأشخاص الذين لديهم تاريخ إصابة بنوع من السرطان في عوائلهم معمول به الآن. تستطيع الخلايا السرطانية الانتشار في كل أجزاء الجسم والاستيطان والنمو لتشكل أوراماً جديدة تعرف بالودائع الثانوية، كما يعرف موقعه الأول بالورم الابتدائي، فالخلايا تنتشر بالتوغل داخل الدم أو الأوعية الليمفاوية والتنقل داخل الجسم. على سبيل المثال لو انتشر سرطان المعدة من خلال جدار المعدة ذاته، فيمكنه الانتشار في المثانة البولية، وإذا دخلت الخلايا السرطانية في مجرى الدم فيمكنها الانتقال إلى الأعضاء البعيدة مثل الرئتين والمخ وبمرور الزمن تعمل الأورام على تغيير الأنسجة الطبيعية. تعرف عملية انتشار الخلايا السرطانية بنمو الورم الخبيث، فبمجرد بدء السرطان في الانتشار تصبح فرص العلاج ضئيلة وصعبة لعدة أسباب، فالسرطان يؤذي الجسم بطرق عدة، فحجم الورم يمكن أن يسيطر على الأعضاء القريبة أو القنوات التي تحمل المواد الكيمياوية المهمة، مثلاً ورم البنكرياس ينمو ليسد القناة الصفراوية ما يؤدي بدوره إلى الإصابة باليرقان الانسدادي، أما سرطان المخ يمكن أن يصيب الأجزاء المهمة للمخ مسبباً فقدان الوعي والنوبات ومشاكل صحية خطيرة، ويمكن أن تكون هناك مشاكل صحية واسعة مثل فقدان الشهية وزيادة في استخدام الطاقة مع فقدان الوزن أو ربما إلى فرص الإصابة بالجلطة. والسرطان مرض معقد للغاية، فأي نوع من أنواعه يختلف بيولوجياً عن الآخر فمثلاً سرطان الجلد يختلف بيولوجياً عن سرطان الدم الذي يعرف بـاللوكيميا وله أنواع متعددة، ويختلف بين الأشخاص حسب اختلاف الجينات وطبيعة طفرات الحمض النووي التي تسبب السرطان لهم، فكل هذا يجعل من الصعب إدراك كيفية إصابة الناس بالسرطان وانتشاره في الجسم، ومن دون معرفة علم وظائف أعضاء السرطان، من الصعب إيجاد علاج ناجع له. فأكثر من شخص واحد في كل ثلاثة أشخاص يصابون بنوع من السرطان في حياتهم، ففي 2010 تم تشخيص 324,579 شخصاً في المملكة المتحدة بالمرض، ولا يشمل هذا الحصر أرقام المصابين بسرطان الجلد غير القتامي. أي عملية لإزالة الأورام السرطانية يمكن أن تنجح، ولكن يمكن للسرطان العودة مرة أخرى إذا لم تستأصل كل الخلايا السرطانية، وكذلك يمكن أن يعود إذا كانت الخلايا انتشرت أصلاً في باقي الجسم من الخلية الابتدائية وشكلت أوراماً صغيرة ثانوية لا ترى بالعين المجردة في بقية أنحاء الجسم قبل البدء في استئصال الورم الابتدائي. ولأن خلايا السرطان هي خلايا أجسامنا ذاتها، فإن محاولات علاجها خطرة لأنها يمكن أن تدمر الخلايا السليمة، فمن الأسئلة الجدلية عن السرطان، لماذا يصعب إيقافه؟ لأنه متجذر في الصفات الوراثية القديمة لجينات الإنسان. يعتقد باحث في جامعة ولاية أريزونا أنه يمكن للسرطان أن يستغل مسارات جينات تمت تجربتها واختبارها وراثياً تعود إلى مليار سنة، لزمن الحياة متعددة الخلايا. ويقول الباحث إن هذه الظاهرة اختفت بسبب ظهور الجينات الحديثة ولكن هذه الخلايا تظل نائمة في كل الكائنات الحية، فالسرطان يظهر عندما يفتح سبب ما هذه المسارات القديمة، ولكن لا يوافق بعض الأطباء على هذه النظرية لأنهم يرون أن هذه الخلايا القديمة لم تكن بإمكانها العيش لملايين السنين من التطور إذا كانت كذلك، ومن المعلومات المؤكدة أن جينات الإنسان تحمل سر السرطان وكيفية معالجته.