×
محافظة المنطقة الشرقية

17 طبيبة يثقفن المجتمع في فعالية «السمنة لا تليق بي»

صورة الخبر

مضت عدة سنوات والمطالبة بفرض رسوم على الأراضي البيضاء حديث الساعة في مجلس الشورى، وفي الصحافة، وبعض المجالس التي تدور فيها الأحاديث في الشأن الاقتصادي مروراً بأزمة الإسكان، وغلاء أسعار الأراضي، وحاجة الناس، وخصوصاً الأجيال الصاعدة إلى الاستقرار النفسي والعائلي في منازل تتناسب مع دخولهم وحجم عوائلهم. إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وبدا للكثيرين أن هذه الرسوم لن تُفرض لاعتبارات كثيرة، وأن مسألة الإسكان مستعصية على الحل على الرغم مما بذلته الدولة من حلول كثيرة تمثلت في منح الأراضي السكنية لمختلف فئات المجتمع، وتقديم القروض التشجيعية من الصندوق العقاري، ومن البنك السعودي للتسليف والادخار لمن يمتلك بيتاً قديماً لترميمه، ولكن دون جدوى، فغلاء الأراضي يتصاعد، والمشكلة تتفاقم، وكل من لديه أرض من كبار الملاك متحفظ عليها، ومتمسك بها دون أن يستثمرها أو يخططها ويطرحها للبيع، فيكثر المعروض، وترخص الأسعار، ويشتري القادرون على الشراء والتعمير، فيزدهر العمران، ويكثر البنيان، وينتشر ويتوسع نطاقه، فيسكن الناس سواء في بيوت يمتلكونها، أو حتى يستأجرونها، وإنما بإيجارات معقولة لكثرة ما يُتَوَقَّع من المعروض منها للإيجار من الشقق، والأدوار الخالية في المنازل الفردية المفصولة، وحتى الوحدات المنزلية المعروضة للبيع أو الإيجار صغيرها وكبيرها. ولكن الذي حصل على مدى السنين أن كلاً متمسك بأرضه، وكأنها جزء من عِرْضِه، حتى غدت نسبة مساحات الأراضي البيضاء في النطاقات العمرانية لبعض المدن تزيد على نسبة مساحات المعمور منها، أو قريبة من ذلك، وأصبحنا حينما نمشي في بعض مدننا نواجه بمساحات شاسعة من أراض غير مستغلة، وبعضها عليها لوحات تحمل أرقام صكوك بأسماء أصحابها. ونقول لهؤلاء إلى متى هذا العَضْل البغيض لهذه المساحات الشاسعة من الأراضي البيضاء؟ لأن عدم بيع الأراضي، وعدم استغلالها بزراعة وعمارة هو بمثابة عَضْل لها شبيه بعَضْل النساء من أن يتزوجن، فالمرأة إن لم تتزوج لا تنجب، ولا تسهم بوظيفتها الطبيعية في عمارة الكون، والأراضي إن لم تُعْمَر تصبح كالمرأة العقيم؛ لكونها لا زرع فيها ولا ذرع ولا تجارة رابحة، ثم إلى متى الاحتفاظ بتلك المساحات المهولة دون الاستفادة منها على الرغم مما وصلت إليه أسعارها من ارتفاع تجاوز كل حدود؟ فهل يريد أصحابها ارتفاعاً أكثر من هذا الارتفاع أم أنه الاحتكار بعينه؟ وفي ظني أن احتكار الأراضي في زماننا هذا الذي يشهد غلاء الأراضي وارتفاع الإيجارات أشبه ما يكون باحتكار الطعام في زمن المجاعات، ومن حق ولي الأمر أن يتدخل لكسر هذا الاحتكار، وقد فعل ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ حينما اعتمد نظام رسوم الأراضي البيضاء بهدف تحفيز ملاك الأراضي على تطويرها والاستثمار فيها بما يسهم في سد الاحتياج المتزايد في المسكن كما جاء في كلمته الأخيرة ـ حفظه الله ـ بمجلس الشورى. أما لماذا جاءت هذه الرسوم على الأراضي البيضاء في وقتها الآن أكثر من ذي قبل؟ فالجواب واضح، ذلك لأن أسعار البترول قبل الآن كانت في السماء، وفي تصاعد مستمر حتى خُيّل للبعض أنها ستصل إلى 200 دولار للبرميل الواحد، وكان دخل الدولة من تلك السلعة التي حبا الله بها أرضنا عاليًا جداً بحيث أنسانا أو أغنانا، أو أبطأ بنا عن التفكير في أي مورد آخر يسهم في موازنة الدولة، وفي دخلها الوطني. فكان ما اعتمد للإسكان في وقت ليس بالبعيد من المبالغ ما يحوِّل المملكة وقراها إلى غابة من الوحدات السكنية اعتماداً على مواردنا من البترول. فلو فُرضت تلك الرسوم في تقديري في ذلك الوقت، لما حملها كثيرون على محمل الاهتمام، ولتباطأ مُحَصِّلوها في جبايتها لاستغنائهم عن المُتَحَصَّل منها بغيرها. أما الآن وبعد ما رأيناه من سياسة الدولة المعلنة والجادة نحو التحول الوطني، والتفكير بحزم وجديّة في تنويع موارد الدخل فإن هذه الرسوم ستكون أحد أهم تلك الموارد التي ستوجه كما نص عليه نظامها للإسكان وتطويره، وبالتالي فهي تأتي في مرحلة ستتسم بالجدّ في تحصيلها، وتوجيهها التوجيه السليم نحو الأهداف والرؤى التي اعتمدت من أجلها، وستسهم -دون شك- بفاعلية في حل مشكلة الإسكان المزمنة حقًا، سواء بتأثيرها في كثرة المعروض منه، وتدني أسعاره، أو في دعم وزارة الإسكان لإسراع الخطى في برامجها الإسكانية، بما في ذلك إتاحة الفرص للقطاع الخاص المتمثل في المطوّرين العقاريين للإسهام بفاعلية مع الدولة في حل هذه المشكلة التي تؤرق الجميع.