أوضح الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام أنه رغم ما تعانيه الأمة الإسلامية من تشتت وتفرق ظهرت تباشير الأمل من رياض الوحدة والتوحيد، حيث شع النور من جديد، وجاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وصوره، والقضاء على أهدافه ومسبباته، لافتاً الانتباه إلى أن ذلك يعد أداء لواجب حماية الأمة ممن يعيث في الأرض فساداً، فكان تحالف خير وبركة. وأكد الشيخ السديس في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام أن أمتنا الإسلامية يقف لها التاريخ ليسجل في سجل التعاون والوفاق والتحالف أنصع شهادة لها، ليسمع العالم بهذا التحالف الذي يعد فتحاً مبيناً وانتصاراً عظيماً، في قرار تاريخي يرسم خريطة طريق للأمة للترقي في مدارج النصر والعزة والتمكين، وليعلن بجلاء براءة الإسلام من تهمة الإرهاب، موصياً الأمة بالالتحاق بهذا التحالف، والحذر من التخالف والتخاذل، حيث يصنع أبناء الإسلام المجد من جديد سيراً في دروب التنمية والنماء والخير والوفاء، التي تتطلب التكامل والتوازن والنظر إلى المصالح العامة. وقال "إنه في زمان الفتن والقلاقل التي تزلزل شموخ أمتنا يتجلى مبدأ عظيم ومنهج قويم وتبدو قيمة قويمة وتضيء الأنوار الساطعة لتبدد ظلمات الشك والحيرة وتعيد الثقة للأمة بمقوماتها ورجالاتها وإنجازاتها، وهو مبدأ تحقيق التعاون على البر والتقوى ونبذ النكوث وفصم العروة الوثقى، وإن من عظمة الإسلام وجلاله وشموله وكماله وإشراقاته وجماله الأواصر الاجتماعية السامية والوشائج الإيمانية والخلقية الحانية، الحاثة على التعاون والتآزر والتضامن والتشاور، التي تمتن العلاقات مهما تقلب الزمان أو اختلت الأوزان". وأفاد بأن أوجه التعاون على البر جليلة عن الحصر لا يحدها أرباب البراعة، فمن التعاون الأبهى التعاون على الاعتصام بالكتاب والسنة وتحقيق المعتقد الصحيح والمنهج السليم الذي هو قوام الدين والمرقى إلى درجات اليقين، ويدلف هذا بالأمة إلى التعاون على التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن خيرية هذه الأمة مرهونة بهذا التعاون الأغر الذي ضربت به الأمثال ونشده أهل الفضل والعلم والكمال، ويلحق به قرينه وهو التعاون في رفع منار الدعوة الإسلامية على هدي خير البرية وأزكى البشرية، عليه الصلاة والسلام، لافتا الانتباه إلى أن هناك شرفا آخر للتعاون وهو تعاون المسلم مع أخيه في قضاء الحاجات وتمهيد العقبات، ويدخل في الإثم من حجب جهده عن الخلق. وأوضح الدكتور السديس أن من التعاون على البر والتقوى مواساة المكلوم ونصرة المظلوم، وأن من أحسن أوجه البر والتقوى التي يلبيها المرء الإصلاح بين الناس زوجياً وأسرياً واجتماعياً، وتقريب وجهات النظر بالطرق السلمية. ورأى أنه بهذا التآلف والتلاحم يتمكن أبناء الأمة الإسلامية من البناء والتنمية وإعمار الأوطان وتشييد العمران، وكذلك التعاون على رد الشائعات والأكاذيب والافتراءات وإيصاد الأبواب أمام ما تبثه بعض وسائل الإعلام من أكاذيب. وأشار إلى أن من أروع التعاون وأجمله تعاون أبناء الأمة مع قادتهم وولاة أمرهم وعلمائهم ورجال أمنهم، تعزيزاً للحس الأمني في استقرار المجتمع والأمة وتحقيق الأمن والأمان ومعالجة قضايا الأمة الإسلامية الساخنة، وكل ما يثيره الواقع ويقتضيه، وكذلك التعاون على الحفاظ على المقدرات والمكتسبات ورد الغوائل والمدلهمات والتصدي للأفكار الضالة والمسالك المنحرفة كالغلو والتطرف والتكفير والإرهاب، تحقيقاً للوسطية والاعتدال وتعزيزاً للأمن الفكري والوحدة الدينية واللحمة الوطنية، وصد كل من يريد خرق سفينة الأمة بالدعوات الهادمة إلى الفتن أو تعاطي المسكرات وترويج المخدرات، والإبلاغ عن هؤلاء وأولئك حتى يسلم أبناء الأمة من شرورهم ويتعافى من وقع في براثنهم من سمومهم. وشدد إمام وخطيب المسجد الحرام على أن التعاون الذي تضرب به الأمثال تعاون ولاة الأمر في مختلف بلاد المسلمين لجمع الكلمة وتوحيد صف الأمة والبعد عن النزاع والشقاق، فهما نار كأنها تنتظر موقداً، ذلك أن تعاون ولاة الأمر في رأب الصدع بين أبناء الأمة هو تاج عز ووسام فخر لأبناء الأمة أجمعين، وكذلك التعاون في نصرة قضايا المسلمين كقضية فلسطين والأقصى وبلاد الشام والعراق واليمن وغيرها، والتعاون على حل مشكلات الفقراء والمعوزين والمحتاجين واللاجئين والمشردين والنازحين. وفي المدينة المنورة أوصى الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي، المسلمين بتقوى الله - عز وجل -. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد النبوي أمس "لقد قدر الله أسباب كل خير سعادة في الدنيا والآخرة، وقدر أسباب كل شر في الدارين، فمن أخذ بأسباب الخير والفلاح ضمن الله له صلاح دنياه وكان له في الآخرة أحسن العاقبة مخلداً في جنات النعيم فائزاً برضوان الرب الرحيم".