بعد أن أسفرت زيارة الرئيس التركي "اردوغان" عن الاتفاق على إقامة "تحالف سعودي - تركي" استراتيجي بعد أقل من أسبوعين على الإعلان عن التحالف الإسلامي الجديد من "34" دولة.. أستطيع القول إن المملكة مصممة على المضي في سياستها الجديدة.. والقائمة على تجميع عناصر القوة في هذه الأمة وحشدها بمواجهة الاخطار والتحديات التي نواجهها معاً.. ولن تستثني منا أحداً في يوم من الأيام.. •• هذا التوجه الذي أحيا في أبناء الأمتين العربية والإسلامية كل معاني العزة.. والكرامة بعد أن استضعفنا العالم.. واستهدفتنا الأطماع حتى من داخل منطقتنا.. يتأكد اليوم بإخراج مصطلح "تحالف" من معانيه وأدبياته.. وإعطائه دلالات عظمى.. تتجاوز الحدود الرمزية إلى الدمج الفعلي للسياسات.. والإمكانات.. وإعادة بناء القوة بين الشركاء الجدد على أسس متينة.. وفاعلة.. وبعيداً عن التهديد.. أو الوعيد.. كصفتين ارتبطتا بمفهوم تحالف.. جاء تحت مظلة مجلس تعاون استراتيجي بين الدولتين.. •• والسؤال الآن هو: لماذا تركيا على وجه التحديد؟ •• والسؤال الآخر هو: وكيف يمكن لهذا التحالف أن يكبر في المستقبل.. ويتعزز بمشاركة دولة كبيرة مثل مصر العربية.. مع معرفتنا بما هو قائم وموجود من خلافات بين القاهرة واسطنبول؟ •• والإجابة باختصار شديد.. تكشف عن أن هذا الأمر سوف يتحقق في وقت غير بعيد.. لأن الأخطار والتحديات الضخمة التي تتهدد سلامة الدول الثلاث واحدة.. وأن المصلحة تفرض أعلى مستويات التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث.. والقفز فوق أسباب الخلاف الحالي بين العاصمتين العزيزتين علينا.. بصرف النظر عن التشابكات التي قد يؤدي إليها هذا التحالف مع دولة مثل روسيا.. التي تجمعنا وتجمع المصريين بها مصالح كبيرة وقوية.. وقابلة للتطوير.. •• هذه المصالح مرشحة للتعزيز والتوسع إذا أعاد الروس تقييم علاقاتهم مع الدول الثلاث ككتلة واحدة.. ووازنوا بين حجم المصالح الكبيرة بيننا وبينهم، وبين سياساتهم الحالية في المنطقة.. وبصورة أكثر تحديداً في سورية.. ونحو تركيا.. على وجه التحديد. •• ولدي شعور قوي بأن الروس يدركون مدى أهمية هذا التعاون الاستراتيجي الثلاثي في حالة اكتماله.. ونفس الحال فإن طهران لن تستطيع أن تتجاهله أيضاً.. فلا تمضي في سياساتها العدوانية تجاه دولنا وتدخلاتها المكشوفة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.. إذا هي أحسنت التقييم للموقف. •• وإذا هي أخطأت في الحساب واستمرت فيما هي سائرة فيه.. فإنها تفقد بذلك فرصة ثمينة للتعامل بواقعية أكبر مع هذا المتغير الإقليمي الجديد.. حتى وإن اختارت الارتماء أكثر في أحضان الروس.. وحتى وإن فقدت "البوصلة" تماماً.. وتصرفت بشكل غير مسؤول.. لأنها في هذه الحالة وتلك سوف تخسر رهانها الذي مضت فيه مع الدول (5+1) بالنسبة للاتفاق النووي المبرم معها.. وهو الاتفاق المرشح للسقوط في أي لحظة.. وبالذات في ظل ارتكاب أي حماقة كبرى في المنطقة بعد اليوم. •• صحيح أن مجلس التعاون الجديد بين الدولتين حتى الآن قد يُساء فهم إبرامه في هذا الوقت بالذات من قبل روسيا التي تُمارس ضغوطاً شديدة على الأتراك لاعتقادها بأن تحالفاً مثل هذا سوف لن يترك تركيا وحيدة في ميدان المواجهة معهم.. إلا أن الأكثر صحة هو.. أن الروس يدركون تماماً أن المملكة لا تناور.. ولا تتناقض في مواقفها وسياساتها.. وأن الهدف من هذا التحالف الاستراتيجي اقتضته ظروف المنطقة.. وأن العمل على ترجمته إلى واقع ملموس قد استغرق شهوراً طويلة سبقت حادث الطائرة الروسية وتدهور العلاقات بين موسكو.. وأنقرة بكثير.. •• ثم.. من قال إن هذا التحالف الجديد موجه ضد أي دولة أو أي طرف بعينه.. حتى يُغضب موسكو أو يثير حساسية طهران؟ إن التحالف السعودي - التركي.. وغداً السعودي - التركي - المصري له هدف واحد ومباشر هو تأمين سلامة الدول الثلاث.. وصولاً إلى الاستقرار الشامل في المنطقة.. وبالتالي فإن أي دولة في هذا العالم تتفق معنا على تحقيق هذا الهدف.. فإنها مدعوة للالتحاق به.. ووضع يدها في أيدينا.. بحيث تتشابك مصالح الجميع وتعظم. •• شيء أخير أريد أن أؤكد عليه هو أن خلاص المنطقة من الواقع الذي تعيشه الآن.. يتطلب تجميع القدرات.. وتوجيه الطاقات.. جميع الطاقات لخدمة الأمن والسلام وإشاعة روح المودة بين شعوب الأرض.. بصرف النظر عن الأشكال والصيغ.. والتكتلات التي تقوم هنا أو هناك.. وهذا هو ما فعلناه حتى الآن. •• وسوف تؤكد المملكة العربية السعودية للعالم كله أن المستقبل للسلام.. وليس للحروب والمؤامرات.. وممارسة الضغوط.. والتهديدات.. والتدخلات السافرة في شؤون الدول. * ضمير مستتر: •• لا شيء يفوق القوة في التأثير لفرض إرادة الحق وبسط العدالة في الأرض..