عام مرّ على الثقافة السعودية والثقافة العربية يستدعي منا وقفة مع بعض المثقفين والكتاب لاستخراج حصيلة موجزة عن أهم الكتب والإصدارات الأدبية بنظرهم، وعن أهم الأحداث البارزة التي أفرزتها الساحة الثقافية المحلية والعربية خلال عام مضى.. رغم الحروب والإرهاب والآلام التي أثرت كثيرا على الثقافة.. لا يزال المثقف يقرأ ويكتب من أجل واقع أفضل.. الفجيعة الثقافية في البدء يقول الكاتب والروائي عبده خال: في زمن الحروب يختبئ الفن لرصد وحشية الإنسان، ويظل صامتا ريثما يستطيع استيعاب محركات ذلك العالم المنفلت عن تثمين القيمة الإنسانية، ولأن عالمنا العربي غدا مرجلا تغلي فيه كل التناقضات الفكرية لم يعد لدينا الوقت الكافي لمناقشة الأزمة الجوهرية للعقل العربي الذي دفن في أكوام نفايات الحروب المتتالية ولم يعد العربي معنيا بالتطور أو التنمية أو الفنون.. الوجود كله غدا باًحثا عن ملجأ فكيف لشريد أن يغني؟ وإذا أردنا إحصاء أهم حدث ثقافي في العالم العربي فلن نعبر الفجيعة الثقافية التي أدت إلى نسف الآثار في العراق وسوريا. فهي جريمة لم ترتكب عبر الصور، المشكلة أن هذا الخراب والدمار للموروث الإنساني لم يحرك فينا شيئا، وسبب أننا نرى دم الإنسان أكثر استباحة، وعندما يستباح الإنسان لا توجد أي قيمة توازي إراقة دمه.. مضى هذا العام من غير أن تتحرك الفنون بعيدا في معظم الدول العربية وإن رفرفت بيارق الثقافة فهي بيارق معدودة قد يكون أهمها إعلان جائزة الرواية في قطر وإقامة المهرجان السينمائي في مصر. وفي محيطنا المحلي قد يكون عودة معرض الكتاب لمدينة جدة أبرز تظاهرة لهذا العام ولا نغمط حق جمعية الثقافة في الدمام، في تقديم المهرجان السينمائي بقيادة الرائع أحمد الملا، لقد مضى العام الماضي مجففا من الثقافة. الثقافة والإعلام ويرى الدكتور صلاح فضل أن أهم الأحداث في عام 2015 فقدان الثقافة كلا من جمال الغيطاني وادوار الخراط وعبدالرحمن الأبنودي وذلك يمثل خسارة فادحة للادب العربي، وقد ترك كل منهم أعمالا ابداعية أثرت الثقافة العربية وايضا نلاحظ بعض التغيرات التي طرأت على الساحة الثقافية وساهمت في ازدهار القصة القصيرة جدا وانتشارها، وقد قمت بنقد أكثر من 30 إصدارا من مجموعات قصصية قصيرة جدا، مع ملاحظة زيادة معدل النشر لمجموعات القصص القصيرة جدا في عام 2015 بنسبة تزيد 50% عن العام الذي سبقه. على المستوى العربي اهتمّت مؤسّسة الفكر العربي بالتكامل ما بين الشأن الثقافي والشأن الإعلامي، وهو تكامل ناقل للمعرفة بشتى أوجهها، وهادف للنهوض بالجوانب الثقافية والإبداعية في المجتمعات العربية، حيث عقدت المؤسّسة شراكات إعلامية عدّة مع كبريات الصحف والدوريات العربية، ومع فضائيات عربية وأجنبية. على المستوى المحلي اختيار مرشحين لجائزة القصة العربية والبوكر من مصر، ووصل عدد الروايات المرشحة إلى 24رواية.. مما يعني تنوع الخريطة الإبداعية في مصر وانعكاسها على الإنتاج الأدبي العربي. مؤسسات ثقافية ويقول الدكتور الكاتب خالد عزب مدير المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية: من ناحية الأدب العربي كان صدور رواية العربي الأخيرة نهاية عام للأديب واسيني الأعرج 2015 وهي رواية ممتازة من ناحية البناء والنص والفكرة، حيث تعالج قضايا سياسية وأدبية بصورة غير مسبوقة أما المؤسسات الثقافية العربية التي أحدثت طفرة فمنها المنظمة العربية للتربية والثقافة للعلوم بعد توقف ما يقرب من خمسة عشر عاما والتي تبناها عبدالله محارب مدير المؤسسة من أجل إعادة هيكلة المؤسسة بطريقة جيدة وهو دخول التكنولوجيا الرقمية للمؤسسة وإعادتها لحيويتها، كما أن هناك مؤسسات ثقافية بدأت تلعب دورا حيويا مثل مركز عيسى الثقافي بالبحرين وهناك الحراك الثقافي داخل المملكة المغربية والذي تقوده بعض المؤسسات الثقافية ومنها المكتبة الوطنية المغربية. الفكر العربي الدكتورة الكاتبة ملحة عبدالله قالت إن أهم أحداث هذا العام الدور الرائد الذي لعبته مؤسسة الفكر العربي في إثراء الحركة الثقافية محليا وعربيا، ومن أهم المعارض التي أحدثت طفرة في توزيع الإصدرات لكبار الكتاب معرض جدة للكتاب ومعرض القاهرة الدولي للكتاب، ومهرجان آفاق المسرحي والذي ساهم في اكتشاف المواهب في التأليف والاخراج والتمثيل على المستوى العربي، وهنا أشير لدورة مبادئ تقنيات الكتابة المسرحية والتي عقدت على مدى خمسة أيام من 27 ديسمبر الى 31 ديسمبر 2015 بهدف تخريج جيل جديد من كتاب المسرح لنشر الوعي والفكر المنعكس على الثقافة الحياتية للمواطن السعودي. الصالونات الثقافية وتقول الكاتبة السعودية أميمة زاهد ان أهم الأحداث من وجهة نظرها، انتشار الصالونات الثقافية بالقاهرة والمملكة فقد ساهمت في الحراك الثقافي العربي في ظل تجميع عدد من الادباء والكتاب من جميع الدول العربية، لتصبح الصالونات الثقافية العربية في مصر كلمة السر للانطلاقات الإبداعية، كما أشارت لدور معرض القاهرة الدولي ومعرض جدة الأدبي كفرصة لمنافسة الإصدرات العربية.. وعن أهم الشخصيات التي فقدت على الساحة الأدبية الروائية المثيرة للجدال جاكي كولينز والشاعر العراقي عبد الرازق عبدالواحد. تراجع الأندية في البدء تقول القاصة والكاتبة شمس علي: لم تتضمن الأجندة الثقافية محليا أحداثا ثقافية جديدة وبارزة في العام الميلادي المنصرم 2015 خلاف المعتاد من إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب ومهرجان عكاظ، عدا عودة معرض الكتاب في جدة من جديد. فيما شهدت كثير من الأندية الأدبية تراجعا حادا في نشاطاتها الثقافية وتوقف مجلاتها ومحاولة المثقف التعويض عن هذا التراجع بالانكباب أكثر على التقنية الحديثة ومحاولة الإفادة وتطويعها بتحويلها لمنابر ومنصات ثقافية يلقي عبرها نصوصه ويتواصل مع متابعي إبداعه ويؤسس عبرها قناته الخاصة ومطبوعته الخاصة كما هو حادث مع برنامجي السناب شات والتلجرام وغيرها. وأجمل الكتب التي قرأتها عام 2015 رواية «تلك العتمة الباهرة»، للطاهر بن جلون، ورواية «لون الماء»، لجيمز ماكبرايد. تراجع الفعاليات ويتفق القاص طاهر الزراعي مع القاصة شمس علي قائلا: لم يشكل عام 2015 رصيدا ثقافيا من الممكن تأطيره بالإبداع فالحروب السياسية والإرهاب طغت على كثير من الحالات الثقافية وألغت بعض تظاهراتها. ولا تزال «الحرية» مسجونة ولم يعلن الإفراج عنها.. نجد ذلك في قضية اعتقال شاعر, ومنع كثير من الكتب عن معرض الكويت الدولي للكتاب. كما أن هذا العام لم يشهد تعاونا ثقافيا على مستوى المهرجانات والندوات بين الدول العربية, فالثقافة العربية تواجه تحديات كبيرة وينبغي تكثيف الجهود لمواجهة تلك التحديات. ويضيف الزراعي: كما أن معارض الكتب لم تحقق قفزة على مستوى القراءة فقد تضاءل عدد الزوار لمعارض الكتب, وأصبح هم الإنسان العربي في هذا العام بالذات تأمين العيش له ولأسرته حتى أصبح اقتناء الكتب آخر اهتمامات المتلقين العرب. ولا يمكن بأية حالة من الحالات إغفال دور النشر التي لا تزال تساهم في نشر الكتاب العربي على الرغم مما تواجه من المسؤولين عن المعارض من بيروقراطيات لا يمكن تجاوزها. عام 2015 لم يشكل ذاكرة ثقافية تؤصل لموروث ثقافي, ولم يستطع تقديم صيغة تنمذج حالة الثقافة بمفهومها الكبير. وعن قراءاته يقول: اتجهت في هذا العام لقراءة المزيد من الروايات العربية والأجنبية ولا أخفي على القراء أن هناك روايات عربية لم أستطع إكمالها نظرا لتدني مستواها الفكري وتدني أسلوبها الروائي, لقد تمكنت من قراءة روايات عربية أشيد بها ومنها: الطلياني لشكري المبخوت, ومملكة الفراشة لواسيني الأعرج والقندس لمحمد حسن علوان. وقرأت روايات أجنبية ومنها: جامع الفراشات لجون فاولز, لوليتا لفلادمير نابكوف, ورواية عام وفاة ريكاردو ريس لخوسيه ساراماغو. روايات عالمية وتقول القاصة أمينة الحسن: أرى أن احتفالات الجوائز الثقافية والإبداعية وكذلك الفعاليات المصاحبة لمعارض الكتاب في الوطن العربي هي أبرز ما حدث خلال العام المنصرم، وهي شكلت مركز استقطاب والتقاء لكثير من النخب والمهتمين بالأدب والثقافة بما تحتويه من ندوات وأمسيات وورش للكتابة الإبداعية. وبالنسبة للكتب التي قرأتها تنوعت بين الروايات والقصص القصيرة ومجموعة من الكتب الفكرية. وأعتبر أهم ما قرأته رواية الإخوة كارامازوف لدوستوفيسكي، الدفتر الكبير لأغوتا كريستوف، قصص غابرييل ماركيز، كتاب أن نقول الشيء نفسه تقريبا، التأويل بين السيميائيات والتفكيكية وكلاهما لأمبرتو إيكو. سيد البيد ويؤكد القاص عبدالجليل الحافظ أن الحدث الأبرز هذا العام محليا هو عودة معرض الكتاب في جدة والذي نرجو من الله أن يكون باكورة معرض كتاب في كل منطقة من مناطق المملكة. أما أفضل كتاب قرأته هذا العام فمحليا: مرايا العراف لعبدالحميد الحسامي، وعربيا رواية ناقة الله لإبراهيم الكوني. فالكتاب الأول هو دراسة نقدية أسطورية لرمز من رموز الشعر السعودي وهو محمد الثبيتي واسم الثبيتي كاف لإنجاح أي كتاب ومع ذلك فالحسامي كان قديرا في تتبع شعر الثبيتي معيدا كل بيت شعري إلى أصوله الأسطورية والفكرية مما يدل على ثراء الوعي والثقافة العالية لدى الشاعر والدارس عنه وكيفية استحضارها في نسق فكري معاصر وتجربة إنسانية جديرة بالتأمل من سيد البيد والقوافي... أما ناقة الله للكوني فهي كعادة الكوني في حديثه المرمز واسقاطاته على واقعنا المعاصر من خلال الادراك الروحي والفلسفي لعمق الإنسان وأهميته والعودة إلى الأصول للخلاص والتوق. وكيف أن الصراع الإنساني الموغل في قدمه هو صراع حول شيء لا قيمة له أشياء وضيعة البشر هم من جعلوا لها قيمة في حياتهم. قضايا اجتماعية فيما ترى الكاتبة ابتسام البقمي أن أهم اﻷحداث الثقافية للعام المنصرم معرض الرياض الدولي للكتاب ومهرجان سوق عكاظ ومعرض جدة الدولي للكتاب خاصة وهو أول معرض للكتاب يقام في مدينة جدة بإشراف وزارة الثقافة والإعلام. وتضيف: أهم الكتب التي قرأتها في العام المنصرم رواية «أنثى تبحث عن جسد تسكن فيه» للكاتب عبدالله سعيد باقلاقل واعدت قراءة رواية «أنثى العنكبوت» لقماشة العليان وأهميتهما بالنسبة لي أنهما روايتان طرقتا مواضيع اجتماعية ففي اﻷولى تصوير مشكلة الطلاق في مجتمعنا ومدى معاناتها بسبب كونها تحمل لقب مطلقة ونظرة المجتمع القاصرة لها وفي الثانية تصوير لبعض نماذج الرجال من اﻵباء واﻷزواج اﻷنانيين والقاسين في معاملتهم للأنثى بنتا وزوجة وأثر أسلوبه في تدهور ودمار حياتها. قرأت هاتين الروايتين رغبة مني في معرفة أسلوب الكاتبين في معالجة هذه القضايا الاجتماعية المهمة ﻷن لدي النية لكتابة رواية اجتماعية وقد أفدت من أسلوب الكاتبين وإن كنت توقفت عن كتابة الرواية وأجلت النظر فيها لمشاغل كثيرة. والواقع لم تكن ظروفي الصحية في العام المنصرم تسمح لي بقراءة الكثير من الكتب وقد يكون عام 2016 أوفر حظا لي بقراءة أكبر عدد من الكتب التي تزودت بها من معرض جدة للكتاب. ملتقى الباحة ويرى القاص أحمد اسماعيل زين أن أهم اﻷحداث الثقافية المحلية في العام الماضي 2015م بالنسبة لي معرض الكتاب الدولي في جدة، وتأجيل ملتقى القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً، إلى أجل غير مسمى في الباحة. أما العربية فلا أعلم عنها شيئا غير رحيل أدباء ومفكرين عرب تركوا بصمتهم ورحلوا عنا. أهم الكتب، صعب أن أجيب عن هذا السؤال بحكم أن كل كتاب اقرؤه هو إضافة هامة لي، ولكن احتراماً للسؤال المطروح علي هي الكتب التالية: «المنهج البياني في تأويل النصّ» للدكتور أحمد بن مريسي الحارثي، و «الباصرة الحجازية» للدكتور عبدالرحمن المحسني، وكتاب «القصة القصيرة في منطقة جيزان» للباحثة بتول حسين مباركي. المرأة عالميا الكاتبة والمترجمة الأدبية تركية العمري قالت: على مستوى العالم فوز الكاتبة الصحفية البيلاروسية سفتيلانا اليكسفيتش بجائزة نوبل للآداب. أما الحدث الثقافي المهم على مستوى المملكة فهو معرض الكتاب الدولي بجدة، والذي سعدت به كثيرا. اما أهم حدث ثقافي على المستوى الشخصي فهو اصدار كتابي (باريس وتبسم النساء). أهم الكتب التي قرأتها كتب باللغة الإنجليزية تتناول الترجمة الأدبية وانثولوجيات شعرية منها الشاعرات السويديات، نيرودا، كما قرأت كتبا مترجمة إلى اللغة العربية مثل نصوص الصبا لفلوبير، الجمالية، والتنظير في الترجمة وايضا قرأت كتبا باللغة العربية عن الفن التشكيلي، وفقه المرأة، والفلسفة، وعددا من الروايات والمجموعات القصصية لكتاب وكاتبات سعوديات، ومجموعة قصصية للكاتبة التشيلية أيزابيلا الليندي. أهمية قراءتها بالنسبة لي هي تمثل اهتماماتي، ولاشك انها ستثري فكري كإنسانة أولا وككاتبة ومترجمة ثانيا.