×
محافظة المنطقة الشرقية

القوات العراقية تحرز تقدما في إجلاء العوائل وإبطال مفعول آلاف الألغام في الرمادي

صورة الخبر

شرع النكاح للرجل والمرأة بنص الكتاب والسنة، وكان ذلك مجاراة لسنن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.. (الآية 21 من سورة الروم)، وفي الحديث الشريف (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني) (صححه الألباني). كما شرع للمرأة زوج واحد فقط وقد عرفنا السبب، وهو للمحافظة على الماء، وحرم الله تعالى أن يسقي الرجل زرع غيره بمعنى أنه يحرم أن تنكح المرأة المتزوجة أكثر من رجل، وإلا كان ذلك زنا واختلط ماء الرجل هذا بماء الرجل ذاك، وهذا هو الفرق بين ابن الرجل الذي استوى بمائه الحلال، وبين ابن الزنا الذي استوى من ماء رجل غير معروف، أو معروف لكنه من غير عقد شرعي. ولهذا السبب لم يبح الشرع للمرأة المتزوجة أن ينكحها رجل آخر ما دامت في عصمة زوجها، بل ولم يجز الشرع أن يتزوجها آخر وهي مطلقة ما لم تنقض عدتها، كل ذلك احتراماً لزوجها الذي إذا كانت مطلقة رجعية فربما يراجعها، وإن كانت غير ذلك فلبراءة الرحم واحترام العشرة. نعم.. ورغم ذلك لم يعرف سبب إباحة الشرع للرجل الزواج بأربع نساء، وربما قلت: إن السبب بيّن ومعروف وهو أن الزوجة الواحدة قد لا تكفي بعض الرجال، أو أن المرأة لها أعذار في غالب أيامها، إما بسبب الدورة الشهرية أو بسبب الحمل أو الرضاع أو العوارض الأخرى. لكن السؤال المطروح غير هذا وهو: لماذا قيد الإسلام الرجل بأربع زوجات فقط، فلم يقل ثلاثة ولم يقل خمسة أو لم يجعل المسألة مطلقة من غير قيد طالما الهدف هو إشباع رغبة الرجل؟ وقد عرفنا أن الرجل حتى لو تزوج أربعاً فإن عينه في الخامسة ورأينا أن بعضهم يطلق إحدى الأربعة ليفسح المجال للخامسة التي وقعت عينه عليها. أقول إن كتب التفسير والفقه من صدر الإسلام حتى هذا اليوم، خلت من الإجابة عن هذا السؤال بشكل قاطع، وغاية ما قالوا إن قدرات الرجل الأصل فيها منذ الخلقة أنها تهيئه ليتحمل مسؤولية أربع من الزوجات بكامل حقوقهن في الحال الطبيعية ومع العدل والمساواة والوفرة المالية، وبعد ذلك يقع الظلم وإهدار حقوق الزوجة، ولذلك قال الله تعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.. (الآية 3 من سورة النساء). انظر إلى قول ابن القيم في إعلام الموقعين: وقصر عدد المنكوحات على أربع، وأباح ملك اليمين بغير حصر، فهذا من تمام نعمته وكمال شريعته، وموافقتها للحكمة والرحمة والمصلحة، لأن النكاح يراد للوطء وقضاء الوطر، ثم من الناس من يغلب عليه سلطان هذه الشهوة فلا تندفع حاجته بواحدة، فأطلق له ثانية وثالثة ورابعة، وكان هذا العدد موافقاً لعدد طباعه وأركانه وعدد فصول سنته، ولرجوعه إلى الواحدة بعد صبر ثلاث عنها، والثلاث أول مراتب الجمع. ويقول ابن عاشور من الفقهاء المعاصرين في تفسيره: وقد شرع الله تعدد النساء للقادر العادل لمصالح جمة، منها أن في ذلك وسيلة إلى تكثير عدد الأمة، ومنها أن ذلك يعين على كفالة النساء اللائي هن أكثر من الرجال في كل أمة، ولأن الرجال يعرض لهم من أسباب الهلاك في الحروب والشدائد ما لا يعرض للنساء، ولأن النساء أطول أعماراً من الرجال غالباً، ومنها أن الشريعة حرمت الزنا، فناسب أن توسع في تعدد النساء لمن كان من الرجال ميالاً للتعدد، ومنها لقصد الابتعاد عن الطلاق إلا للضرورة، وأما الانتهاء في التعدد إلى الأربع فقد حاول كثير من العلماء توجيهه فلم يبلغوا إلى غاية مرضية، وأحسب أن حكمته ناظرة إلى نسبة عدد النساء من الرجال في غالب الأحوال، وفي الحديث أن في آخر الزمان يكثر النساء حتى يكون لكل خمسين امرأة القيم الواحد من الرجال. أقول: إن السؤال يبقى من غير جواب واضح حتى الآن، وإن كنت أميل إلى إجابة ابن القيم فهو أشار إلى الطبائع الأربعة والفصول الأربعة، وفي ذلك شيء من الحكمة.