انخفض سعر ليتر البنزين فصفَّقنا وطربنا وفرحنا كثيراً وقلنا «الحمد لله»، وبالأمس ارتفع سعر الليتر (75-90) هللة، فقلنا الكلمة ذاتها (الحمد لله) وبدأنا نتعايش مع القرار، وهذا هو حال الإنسان المتكيِّف مع بيئته ومتغيرات معيشته، وهذا هو حال من يتعايش مع التغييرات الفجائية- إذ لا ثبات في قوانين البشر- (75-90) هللة هي أقل من أن تأخذ وقتاً طويلاً في النقاش والقيل والقال والمساجلات والتغريدات وافتراض الفروض، المشكلة ليست في هذه الزيادة الهللية، بل إن المشكلة الحقيقية هي أن «التجار» سيجدون لهم مَدخلاً في رفع أسعار البضائع الاستهلاكية على اختلافها (الغذائية وغيرها) محتجين في ذلك بأن البنزين والكهرباء سيكلفهم الشيء الكثير خاصةً المواد المثلجة على وجه الخصوص والتي تتطلب استمرار عملية التبريد والتجميد على مدار اليوم، وهذا يعني زيادة استهلاك الكهرباء ومعها ترتفع الفاتورة، أما سيارات النقل والأجرة فلن تقف عند حد الأجور السابقة فسيقومون بالتلاعب في أسعار الطريق في ظل غياب (العدّاد)!! لا أدري هل لأني عشتُ في التربية والتعليم زمناً ووقفتُ على أحوال الموظفات المغتربات عن بيوتهن وهذا ما جعلني سرعان ما أُفكر بتلك الموظفة التي تُغادر بيتها من منطقةٍ لتعمل في منطقةٍ أخرى قد تبعد (300) كم عن مقر سكنها أو أكثر أو أقل، فإذا كانت وسيلتها في التنقل هي سيارة أجرة فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة متوقعة في بند «المواصلات»، والتذاكر لمختلف وسائل النقل لن تبقى ثابتة كما هي، ستنالها مخالب الزيادة- وكله على ظهر المواطن– وقس على هذا، عشرات الأسئلة تدور في أذهاننا وخواطرنا، وسجلات المعيشة الأسرية سيُعاد النظر فيها، وحتماً ستقل المصروفات، ولعلها ستكون جزءاً من ثقافة «ترشيد الاستهلاك» وإعداد الميزانية المناسبة للأسرة الكبيرة والمتوسطة وخاصةً ذوي الدخل المحدود!! ليت رسائل الرحمة والاستعطاف تصل إلى جميع التجار في مختلف القطاعات، ويستحضرون ما أوصى به الشرع (من وسَّع على مسلمٍ وسَّع الله عليه في الدنيا والآخرة)، (ومن نفَّس عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة). أيها المواطن: رُبَّ ضارةٍ في درهمك تكون نافعةً لميزانيتك! ويبقى دور وزارة التجارة لتضع حلاً مناسباً للحد من جشع بعض التجار واستغلال المواطن! استوقفتني كلمات جميلة رائعة من الأخت دعاء العواودة ذات القلم الماسي، وهي التي تملك قلماً إبداعياً في الكتابة والتعبير عن بعض أوضاع يعيشها المجتمع، وهي هنا تُشير إلى الميزانية برضا نفسي وتوازن فكري عميق، وبدوري لا يسعني إلا أن أقول لها: سلمت يمناكِ، ونفع الله بكِ أينما كنتِ. تقول في الأسطر الآتية: (لا تربكني لغة الأرقام، ولا يختل لها ميزان إيماني، إن من حرَّك الأكوان وسيَّر الإنسان لن تضيع معه حساباتي، عجز الموازنة،، تقدير الميزانية،، وأرقامٌ فلكية لا أفهمها،، فأنا لا أفقه سوى أوضاعي (داخلي،، صرفي،، إنفاقي) وأفقه جيداً أن من أوجدني فلن ينساني، هي «دعوةٌ» للإنسان،، أن لا تغرَّنك الأموال، فصلاح هذا الحال بصلاح النية، بتوبةٍ جلية، تشمل الأنظمة الإدارية والإنسان! كي نعمِّر الأوطان، ونرقى بالإنسان، ونقيم الميزان، وكي نحيا بحريةٍ نفسيةٍ لا بد أن نسمو بالعلم والدين، وبروحنا الوطنية، ونجعلها علنيةً،، لماذا؟ (لأن أغلى ما نملك هو الإنسان)!