إزاء ندرة الكتب التي ترصُد الحركة السينمائية في العالم العربي، تأريخاً وتقييماً، تبنّى الكاتب والناقد ابراهيم العريس، مشروع معاينة الحركة السينمائية وتنوّعاتها على المستويين الفني والثقافي، لما فيهما من دور مؤثّر في تكوين الذهنيّات العامّة لدى الجمهور، وفي تشكيل الوعي الجمْعي، بدءاً من القرن العشرين وصولاً إلى المرحلة الراهنة. تُعاني المكتبة العربية من هذا النقص في التأريخ السينمائي المعمّق، ولولا المتابعات والحوارات الصحافية، وبعض الدراسات المتفرقة، وبعض المشاريع في الجامعات، لكان يمكن البتّ بفراغ المكتبة العربية من هذه الموضوعات، لا سيّما على مستوى وضع كتاب شامل ذي طابع موسوعي يجمع بين التأريخ والتحليل والنقد. لذا انكبّ ابراهيم العريس منذ سنوات، على تأليف موسوعةٍ قاموسيّة - تحليليّة ترصد الإنتاج السينمائي العربي من زوايا متنوّعة بعنوان: «السينما والمجتمع في الوطن العربي» (مركز دراسات الوحدة العربية). يقع الكتاب في ثلاثة مجلّدات، تعتمد مبدأ التصنيف المنهجي على أساس ثلاثة عناصر هي: «الأفلام»، «المخرجون»، و «التحليل». يشمل المجلّد الأول نحو مئتي فيلم، فيما يتناول المجلّد الثاني تجارب مئتي مخرج، وتُختَتم الموسوعة في المجلّد الثالث بدراسة تقييميّة جامعة. وذكر الناشر في كلمته حول الكتاب: «إنَّ مركز دراسات الوحدة العربيّة إذ يقدِّم اليوم المجلّد الأوّل من هذه الموسوعة، يأمل بأنّ هذا المشروع سيكون له دورٌ كبير على طريق سدّ النقص في التأريخ السينمائي العربي». يكتب ابراهيم العريس مقدمة طويلة لكتابه، يتصدّى فيها للأزمة السينمائية الراهنة عربياً في ظلّ المناخ الانتقالي الحادّ الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية، على كلّ الأصعدة. ويركّز على اختياراته الأفلام التي تشكل مادة الكتاب، وهي تتفاوت في أزمنتها وموضوعاتها ونجومها وهويتها، ومنها: «آن الآوان»، «الأبواب المغلقة»، «أحلام المدينة»، «الأراجوز»، «الأرض»، «أريد حلاّ»، «أفواه وأرانب»، «أم العروسة»، «باب الشمس»، «بياع الخواتم»، «حروب صغيرة»، «زوجة رجل مهم»، «سواق الأوتوبيس»، «عفاريت الإسفلت»، «عرق البلح»، «عمارة يعقوبيان»، «فجر يوم جديد»، «فلافل»، «لما حكيت مريم»، «مارا»، «هي فوضى؟»، «وهلأ لوين؟»... ويهدي ابراهيم العريس كتابه الضخم (496 صفحة) إلى ذكرى «يوسف شاهين وتوفيق صالح ومارون بغدادي وصلاح أبو سيف وعمر أميرالاي ورأفت الميهي ومحمد الركّاب، وكثيرين غيرهم من الذين لم يختاروا أسهل الدروب، فأعطوا السينما العربية أعمالاً جعلتها بحق فناً عظيماً بين الفنون الجميلة».