الاثنين 22/7/2013: ثنائية مصر 90 مليون مصري ليسوا لعبة، انهم مسؤولية يتحملونها هم أولاً، ومن بعدهم القوى التي تتصدى لحكم مصر، خصوصاً القوتين المتصارعتين/ المتكاملتين العسكر والإخوان. وإذا كان من إيجابية لربيع مصر بدءاً من 25 يناير، فهي الحركة الشبابية الحرة المعبّرة عن المجتمع بالاحتشاد واختراق الكلام السياسي والثقافي المكرور نحو ملامسة الاجتماع المصري الذي يتطلب قراءات ذكية لم تحصل بعد. العالم يتغير ومصر أسيرة دائرة مغلقة يلعب فيها الجيش والإخوان ولا يشاركهما أحد. بدأ الأمر مع الضباط الأحرار الذين لبعضهم جذور إخوانية، وكان الخلاف الذي تفاقم مع جمال عبد الناصر حين «استولى» على بعض الإخوان وأدخلهم في إدارته عام 1954 طارداً الطامحين الى سيطرة «الجماعة» على الدولة. ووصل الأمر الى صراع العسكر والإخوان في مصر بوجوهه المتعددة والذي طبع النصف الثاني من القرن العشرين بطابعه. العالم يتغير ولعبة العسكر - الإخوان ثابتة، ولم تستطع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في الداخل المصري والملامح الجديدة للعلاقات الإقليمية والدولية أن تؤثر في اللعبة المصرية الأثيرة للطرفين. العسكر يأنسون للإخوان كخصم أو كعدو يحجب الخصوم أو الأعداء الذين تفرزهم التطورات والتحديات السياسية والاجتماعية المتسارعة، والإخوان يأنسون للعسكر بسجونهم وبرلماناتهم الأشبه بسجون، فيبني الفكر الإخواني البدائي حركته على منافسة العسكر، مع شعور بإمكانية التغلب والوصول الى الحكم، ذلك ان الإخوان الذين فشلوا في اقتناص ثورة الضباط الأحرار عام 1952 نجحوا في السيطرة على ثورة 25 يناير الشبابية وإيصال مرشحهم محمد مرسي الى سدة الرئاسة في رعاية العسكر هذه المرة. اللعبة تتجدد هذا الأسبوع تحت سمع المصريين وبصرهم وتحت مراقبة الإقليم والعالم. لعبة العدوين/ الصديقين، العسكر والإخوان، ليست أكثر من تأجيل لحل مشكلات الدولة والمجتمع في مصر، ويغيب عن طرفي اللعبة الضغط اليومي لتسعين مليون فم وعقل لا تلبي مطالبهم الأفكار المكرورة لطرفي الصراع التي ملّها المصريون ويعرفون جيداً أنها صراع سلطة لا منافسة على التقاط حاجات المجتمع المتنامية واجتراح طرائق لتلبية هذه الحاجات. ويعرف طرفا اللعبة، العسكر والإخوان، جيداً ان العالم لم يعد يقبل حكماً مباشراً للعسكر وأن لا إمكانية لتجديد حكم الضباط الأحرار على رغم جهود السيد محمد حسنين هيكل اليومية خلف الستار، كما أن الإسلام السياسي ممثلاً بالإخوان في عهد محمد مرسي القصير الأمد، أثبت فشلاً تقنياً، حين لجأ الى خطب الجمعة هرباً من مسؤوليات تحرق أصابع من لا يتقن الحكم ويستكشف متطلباته المتجددة. وإذا كان من إيجابية لربيع مصر تتعدى حركة الشباب الحرة، فهي جهود المفكرين والأدباء والفنانين الذين يتكئون الى وطنية مصرية والى تراث الليبرالية والحداثة في مصر قبل حكم الضباط الأحرار، لينتجوا أعمالهم الفكرية والابداعية بذكاء وبتركيز على فتح الأبواب على ثقافات العالم وعلى الإبداعات التي حملتها الحداثة وما بعدها، من هنا اهتمام المؤسسات الثقافية العالمية بالنتاج الفكري والابداعي في مصر وترجمته ومواكبته. مفكرو مصر وأدباؤها وفنانوها هم الأكثر تعبيراً عن المجتمع وتحولاته، هذا التعبير الغائب تماماً عن اهتمامات ثنائية العسكر والإخوان. أما العرب الذين ينتظرون الفرج من مصر، فعليهم، خصوصاً عرب المشرق الأيتام، ان يقلعوا شوكهم بأيديهم لأن مصر لن تستعيد نفسها وتعود الى الإقليم والعالم إلا إذا تجاوزت ثنائية العسكر - الإخوان التي لا تسمن ولا تغني عن جوع. > الثلثاء 23/7/2013: حياة ونسيان شيء من الأنانية ضروري للبقاء، لأن تستمر الحياة فينا، ويراها الآخرون فيؤكدون حياتهم هم أيضاً. قالت صديقتي الطبيبة: أغادر المستشفى بعد الظهر محملة بمآسي اللاجئين السوريين في وطنهم، ترافقني الى البيت وتنام تحت وسادتي. قالت ان الدهشة تسيطر عليها في العطلة الأسبوعية حين ترى الحلبيات اللاجئات الى اللاذقية يعانقن البحر مع أطفالهن، ويعلو من حولهن الماء مثل بلور يلمع بشعاع الشمس. صديقتي تراقبهن فرحات، وتعجب كيف تركن بيوتهن المرفهة في مدينة طريق الحرير، وكيف لا يسمعن أخبار تدمير بيوتهن ويفضلن السباحة للحياة والنسيان. النساء الحلبيات تركن مدينتهن الداخلية واعتصمن بالبحر. انه بحر روما يعيدهن الى الماضي، هن النساء الرومانيات يجدلن شعرهن بماء وشعاع وينتظرن عودة جيش رجالهن من فتوحات لا تنتهي. النسيان شرط حياة الحلبيات الرومانيات، وصديقتي التي تصرّ على عدم النسيان، تفضل الكلام معي بالهاتف لتشعر ببقايا حياتي وحياتها. > الأربعاء 24/7/2013: كتابة ضائعة بينما تهرب تكتب، ترمي الورق، وليس من يلتقط كلامك، تذروه الريح أو يذيبه المطر. بينما تهرب الى لا مكان في بلاد تقول انها بلادك ولا يصدقك أحد، أنت ساكن الحركة فلا مسكن لك في هذا العالم. وتعجب من آباء وأجداد لم يتركوا علامات فلا مكان لحنين تحاول اكتشافه. ماض بلا مكان ليس ماضياً أيها المترحل الى مستقبل بلا علامات. بينما تهرب تكتب، وهذا الفضاء لا يحفظ. كلّ يبدأ من صفره، والفضاء الشرقي أصفار يبدأ منها المواليد ولا يصلون الى نهاية. بداية الصفر لا نهاية لها، ليست هي البداية حقاً. بينما تهرب تكتب. والكتابة بلا علامات ليست كتابة. انها صراخ يضيع في الفضاء. > الخميس 25/7/2013: صيد الحياة فتحت ليلى عساف عينيها في مدينة صيدا، حيث فلسطين القريبة حاضرة في الضمير وحكايات الآباء ويوميات المخيمين القريبين، وحيث أحلام الشباب في التغيير تضج في حراك الثقافة والحرية. سبق أن نشرت ليلى عساف مجموعة قصص، وأصدرت أخيراً مجموعة شعر عن دار بيسان في بيروت تحت العنوان «صيد الحياة». ومنها: - بقعة دم تتسع الى ما لا نهاية. عصفور ينقرها مع ما تبقى من كلام في العينين. - ظلال كثيرة تجتاز المكان قبل أن تتوارى في مفصل باب يصرّ كالألم. - انها الحرب نازلة بعنقها الطويل من أعلى الدرجات في خفوت قشعريرة يصعب إفشاؤها. - الحرب ألف سنة بعد المئة تعلو في بحّة أصواتنا - فراشة في عيون القتلى والريح تطلق أولى ضحكاتها.