×
محافظة مكة المكرمة

محافظ جدة يوجه بزيادة مساحة معرض جدة الدولي للكتاب في نسخته الثانية

صورة الخبر

لو كنا نعيش في ظروف مثالية من الاستقرار والسلم في هذه المنطقة، وتحديدًا العراق، لكان من الممكن تقبل بيانات الإدانة الصادرة بحق التوغل التركي بالعراق، لكن جل ما حولنا غير منطقي، أفعالاً، وأقوالاً، وأبسط مثال على الأقوال الحوار المثير للدهشة الذي أجرته صحيفتنا هذه أمس مع وزير الخارجية العراقي. يقول الوزير إبراهيم الجعفري إنه لا وجود في العراق «لأي معسكرات إيرانية أو غيرها. هناك فقط الوجود التركي، ومن دون علم العراق، إنما لدينا مستشارون من مختلف دول العالم، أميركا وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا، وبناء على طلب الحكومة»، بينما نشرت صحيفتنا، وبذكاء، صورة مصاحبة للحوار نقلاً عن وكالة «أهل البيت» للجنرال الإيراني قاسم سليماني في الأنبار، ونشرت الوكالة على موقعها خبرًا مرادفًا للصورة يقول: «عاد قائد وحدة فيلق القدس الإيراني، التابع للحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني إلى محافظة الأنبار غرب العراق حيث تحتشد القوات العراقية، وعناصر من الحشد الشعبي على حدود المحافظة، بهدف بدء عمليات تحريرها من يد (داعش). وأوضح المصدر بالجناح العسكري لمنظمة بدر أن قاسم سليماني عقد اجتماعًا مع عدد من قادة الحشد الشعبي، بينهم الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، وأبو مهدي المهندس». فهل سليماني من ضمن مستشاري الحكومة العراقية؟ ولماذا لا تظهر إلا صور سليماني، بينما لا تظهر صور المستشارين الكنديين أو النيوزيلنديين، وغيرهم؟ وهذا ليس كل شيء، حيث يقول الجعفري إنه لو بذلت جهود لمواجهة الإرهاب «لما وصلنا إلى هذه المرحلة، وما حدث في فرنسا هو بسبب الإرهاب الذي نشأ في سوريا وعبر إلى العراق»! معقولة! أوليس «داعش» نبتة عراقية؟ أولم تسيطر «داعش» على ثلث العراق، ثم انتقلت لسوريا، وبعد أن أطلق نوري المالكي، وبشار الأسد، قياداتها من السجون؟ أولم يكن أبو بكر البغدادي سجينًا بالعراق؟ والقصة لم تنتهِ بعد حيث يقول الجعفري إنه «يجب أن نركز على التخلص من الإرهاب، أما الأنظمة فتغيرها الشعوب». فهل غير الشعب العراقي نظام صدام حسين، أم أن الأميركيين هم من فعلوا ذلك، وبالقوة العسكرية التي تخلت اليوم عن السوريين الذين يقتلون بأسلحة الأسد، وإيران، والميليشيات الشيعية، القادمة من العراق، وكذلك بالأسلحة، والطائرات الروسية؟ والأعجب من كل ذلك أن الجعفري يقول إن العراق «انتقل من مرحلة المصالحة إلى المشاركة والتنوع السياسي»، نافيًا أن تكون هناك طائفية بالعراق حيث يقول: «لا توجد طائفية، فكل المكونات شركاء في بناء الوطن»! فهل هذا حديث عن العراق الذي نعرفه، وتنقل لنا منه باستمرار صور قاسم سليماني كقائد ميداني؟ هل هذا العراق الذي يطير ساسته إلى إيران لفض نزاعاتهم، أم هو عراق آخر؟ الحقيقة أن مشكلة منطقتنا هذه ليست فقط بالإرهاب، والتطرف، بل وبالانفصال عن الواقع، ولذلك ليلنا طويل. tariq@asharqalawsat.com