تترقب المملكة العربية السعودية بدءا من اليوم انطلاقة عهد جديد في ملامح التغيير للاقتصاد الوطني مع الإعلان المتوقع للموازنة التقديرية للعام المالي 1437 /1438هـ (2016م). ومن المرتقب أن يكون التغيير في هيكلة الموازنة السنوية هذا العام متزامنا مع الإعداد لإطلاق برنامج التحول الوطني (السعودية 2020) والذي يعول عليه الشعب السعودي في إحداث تغييرات جذرية على مدى السنوات الخمس المقبلة تكون عائداتها وفوائدها تحقق الاستدامة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية. ذلك البرنامج الذي باشرت في صياغته وهندسته عقول شابة سعودية تفكر لما سيكون عليه المواطن السعودي في الأجيال القادمة مستفيدة من الإمكانيات والمقومات التي يمكن استثمارها لتلك الأجيال وتسخيرها لتحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي بإحداث تحولا في الفكر الاجتماعي والعملي والاقتصادي والتنموي بما يتوافق مع متطلبات ذلك الجيل. ويترقب المواطن السعودي أن يكون إعلان الموازنة التقديرية للعام المقبل 2016 متوافقا مع متطلبات برنامج التحول الوطني ومنسجما مع أهدافه وتطلعاته وتوفير الإمكانيات والمقومات اللازمة لإنجاحه خاصة وأنها الموازنة الأولى التي تعلن في ظل انطلاقة هذا المشروع الوطني العملاق. ويؤكد اقتصاديون ورجال أعمال سعوديون أن تركز موازنة 2016م الجديدة على مواجهة التحديات والصعاب، وتعزيز برنامج التحول الوطني الذي يقوده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وتحقق نقلة كبيرة للاقتصاد السعودي رغم استمرار انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وزيادة التحديات الأمنية نتيجة تنامي ظاهرة الإرهاب في كل دول العالم. من جانبه توقع عضو مجلس الشورى وعضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة الدكتور سعيد الشيخ في حديثه لـ»المدينة» أن تكون الميزانية الجديدة مقاربة لميزانية العام الحالي في حدود 800 أو 850 مليار ريال. مضيفا إنه من الصعوبة تحديد رقم دقيق للعجز في ميزانية المملكة لعدم وجود بيانات دورية عن المصروفات والنفقات في حين يمكن تقدير الإيرادات من خلال معرفة متوسط إنتاج المملكة من النفط وأسعار البترول والذي يشكل 90% من إيرادات المملكة. وأشار الشيخ إلى أن من ضمن الحلول التي سوف تواجه فيه الحكومة العجز هو ترشيد الإنفاق خاصة في بند الصيانة وبند المشروعات وبند التشغيل لافتا إلى أن كثيرا من المشروعات سوف يتم التعامل معها بشكل ترشيدي بمعنى تأجيل البعض وتصغير البعض الآخر وإلغاء الغير ضروري منها في هذه المرحلة. واستبعد الشيخ أي مساس بالدعم الحكومي للمواطن والذي يصل إلى ما يقارب 200مليار ريال وأصحاب الدخل المحدود في حين توقع أن يتم إعادة النظر في الدعم الذي تستفيد منه الشركات والموسسات ولكن بشكل تدريجي مع الأخذ في الاعتبار أن بقاء أسعار النفط على ما هي عليه أو ارتفاعها هو ما سوف يحدد طريقة الترشيد بمعنى أن ارتفاع أسعار النفط سوف يخفف الترشيد مع العلم أن منظمة أوبك تتوقع أن تصل الأسعار في 2016 للبرميل بين 60-70 دولارا. وكان تقرير الفرنسي كابيتال قد توقع بأن تحقق السعودية عجزا يقدر بـ350 مليار ريال في ميزانية العام المقبل مع تحقيق الإيرادات النفطية لـ665 مليار ريال، وأن تبلغ المصروفات 1 تريليون ريال بتراجع 9%، وذلك بمتوسط سعر 55 دولارا لبرميل النفط وأن تنخفض الميزانية العامة للدولة بحدود 5% إلى 817 مليار ريال. مشيرة إلى أن الحكومة ستمول العجز من الاستمرار في برنامج الاقتراض لتصل إلى 115 مليار ريال، فيما ستمول باقي العجز البالغ 235 مليارا من خلال السحب من الاحتياطيات. وقال نائب رئيس غرفة جدة مازن بترجي رغم التأثيرات الكبيرة التي تركها انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الوطني وجميع الاقتصاديات في المنطقة، ومع تواصل إنجاز مشروعات التنمية العملاقة بمعدل مطرد، يتوقع أن تكون ميزانية 2015م قد تأثرت من هذه المتغيرات، وبالتالي ينتظر أن تساهم موازنة 2016 في معالجة جميع التحديات، حيث يتوقع أن تأتي متوازنة وشاملة وتلبي احتياجات المواطن وتواكب تطورات الساحة الاقتصادية العالمية مؤكدا أن المملكة ماضية قدما نحو التنمية الاقتصادية الوطنية الشاملة. وشدد رجل الاعمال محمد العبدالله العنقري على أن الاقتصاد السعودي سيكون جاذبا لرؤوس الأموال الأجنبية للمنطقة، مؤكدا قدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة كل التحديات في ظل التحركات لتنويع مصادر الدخل وإحداث تغييرات تتناسب مع المرحلة المقبلة. لافتاً إلى أن احتياطي النقد الأجنبي في المملكة وصل في بداية العام الجاري إلى 724 مليار دولار.. وهو ما يساوي (2.71) تريليون ريال وهو رقم يكفي لبث الطمأنينة من أي آثار لانخفاض أسعار النفط، كما تملك المملكة أكبر احتياطي من النفط في العالم، وتبلغ حصتها من الإنتاج العالمي حوالى 13% ، ويسيطر النفط على أكثر من 90% من الصادرات السعودية.