بيروت: شيرين قباني أجرت عناصر قوى الأمن الداخلي عمليات تفتيش غرف المبنى «ب» في سجن رومية، وذلك غداة طلب وزير الداخلية والبلديات مروان شربل بدء عمليات التفتيش في كل غرف المبنى أسبوعيا، وعثرت بنتيجتها على آلات حادة، تم جمعها لنقلها إلى خارج السجن. وأكد شربل لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تفتيش زنزانات الموقوفين الإسلاميين جميعهم أمام وسائل الإعلام اللبنانية واقتصرت المضبوطات على بعض الآلات الحادة، ولم نجد القنابل والصواريخ المتفجرة التي قيل بأنها بحوزة الإسلاميين. وردا على شائعات عن اتفاق مسبق بين القوى الأمنية والسجناء لإخفاء الممنوعات علّق شربل ساخرا: «هل من المعقول أن يعرّض الحارس الأمني حياته للخطر طبعا لا، عمليات التفتيش ستجرى أسبوعيا وسنكافح الفساد أينما وجد وسنعمل على توفير الظروف الصحية الملائمة للسجين وإعادة تأهيله». يعتبر سجن رومية أكبر سجن مركزي في لبنان، ويتألف من الكثير من الأبنية التي يعود بناؤها إلى عام 1970. ومع إدخال بعض التعديلات تم استحداث مبانٍ إضافية، ليصبح هذا السجن مع كل ما يجري فيه أشبه بعالم آخر منفصل تماما عن العالم الخارجي، وذلك نتيجة التقصير الحاصل من قبل الحكومة اللبنانية في هذا الملف، وعدم الاهتمام بالسجن من ناحية تطويره ولا بالسجين لتأهيله. وكان الوزير شربل قد أعلن عن خطة إصلاحية دخلت حيز التنفيذ، فعمليات إنشاء 4 أبنية جديدة لاحتضان عدد أكبر من السجناء بدأ العمل بها. وقد أنشئت جمعيات مدنية كثيرة في لبنان بهدف حماية حق السجين من الانتهاكات والهادفة إلى تحسين وضع السجون اللبنانية الصحية والاجتماعية من خلال مكافحة الفساد المتفشي داخل السجون ويذهب ضحيته عدد كبير من المسجونين. ويصف أمين سر جمعية السجين للرعاية الاجتماعية والتأهيل علي أمهز لـ«الشرق الأوسط» المعاناة اليومية للبناني المحكوم: «فوضى عارمة وانتهاك متبادل للقوانين من السجناء والمساجين والمحسوبيات على مد عينك والنظر، رشاوى، تهريب يبدأ بالهواتف ولا ينتهي بالمخدرات، ولا ينقص سوى السلاح وجميع المسجونين هم متمردون أو مشاريع تمرّد». وأضاف: «نحن كجمعية وثقنا الانتهاكات الإنسانية والأكثر شيوعا هي معاناة السجناء مع المرض حيث يشكو العدد الأكبر منهم من تأخّر وصول سيارات الإسعاف في حالات الطوارئ، ومن قلّة الاهتمام في معايير النظافة ومن عدم تأمين أدوات التنظيف والتعقيم، ومن تلوّث المياه واكتظاظ الغرف، ما يؤدّي إلى حالات جرب وحساسيّة والتهابات جلديّة فالزنزانة التي لا تستوعب سوى 10 أشخاص مثلا يوضع فيها أكثر من 19 شخصا وطبعا المحكوم جناية كالمحكوم جنحة فيختلط الحابل بالنابل». يستذكر علي قصة السجين الذي توفي في رومية بسبب المرض أحمد مراد ويقول: «لقد نأدى أحمد القوى الأمنية بصوت مرتفع حتى انقطع نفسه فبقي ينزف لساعات وبعد أن استنجد رفاقه في الزنزانة الحارس الأمني طلبوا سيارة إسعاف لم تأت إلا بعد ساعة ونصف فتوفي وذهب ضحية الإهمال والفساد. في دولة القانون لكل سجين حق بأن يخضع لمحاكمة عادلة في ظل ظروف لائقة. لكن في سجن رومية قد لا يرى المسؤولون أن خلف هذه القضبان إنسانا» على حدّ تعبير علي. تتعدد قصص السجناء والسجن واحد، فسجن رومية يتسع جغرافيا لألف وخمسمائة سجين، إلا أن بطء المحاكمات ووجود أعداد كبيرة من الموقوفين الذين ينتظرون المحاكمة لمدة طويلة بسبب بطء البت بملفاتهم قضائيا، وخلافا لشرعة حقوق الإنسان التي تقتضي توقيفهم في أماكن خاصة بهم، ناهز عدد السجناء أكثر من أربعة آلاف سجين. حكايات وروايات قاسية يرويها أصحابها الذين عانوا من قسوة الظروف في الداخل فمنهم من قتل نفسه شنقا ومنهم من تحول إلى مدمن وتاجر ممنوعات ومنهم من حاول الانتحار. حاول السجين السابق محمد البالغ من العمر 27 سنة الانتحار بعد أن أقدم على شق بطنه بآلة حديدية. يصف لـ«الشرق الأوسط» يأسه و«العذاب» الذي عاشه خلال فترة سجنه، فيقول: «سجنت بتهمة الاتجار بالممنوعات لمدة 3 سنوات بعد أن قضيت نصف المدة يئست وتعبت فالسجن هو مقبرة الأحياء نتشارك الزنزانة الواحدة مع أكثر من 20 شخصا في وقت لا تتسع سوى لسبعة أشخاص، النظافة مفقودة والأكل غير صحي». يضحك قائلا: «ما كنّا نأكل سوى أكلة السبع دول وهي عبارة عن خليط من الخضار العفن، كريه لا طعم له». كان محمد تاجر ممنوعات يشتري البضاعة من معارف له في منطقة بريتال في البقاع، يروي كيف حوله السجن من تاجر إلى مدمن: «لقد كانت البضاعة تدخل إلى السجن بكميات كبيرة عن طريق الأكل مثلا في حبة البطاطا توضع أكثر من 20 حبة من المخدرات على أنواعها كوكايين وهيروين وغيرها من الحبوب، وبعد نجاح العملية يعلن التاجر (نجاح الضرب) وتصل سعر الحبة الواحدة 15 دولارا أو تباع مقابل علبة سجائر في حين أن العلبة تباع في السوق بخمسة دولارات وتحتوي على أكثر من 100 حبة، أما اليوم وبعد تركيب آلات متطورة لكشف الممنوعات، بأن التهريب مستمر» يقول محمد.