يتنوع المستثمرون في سوق الأسهم، وهدفهم جميعا الاستفادة من الفرصة المتاحة في السوق، لتنمية مدخراتهم أو أموالهم، وينقسمون إلى نوعين رئيسين، هما مستثمر مؤسسي ومستثمر فردي. ويندرج تحت المستثمر المؤسسي، الشركات بمختلف أنواعها (استثمارية وغير استثمارية، محلية وأجنبية) والدولة (مباشر، أو صناديق)، ويندرج تحت المستثمر الفردي كل الاستثمار المباشر للأفراد. ونهتم اليوم بطرح الفلسفة وراء المستثمر المؤسسي في السوق، نظرا لوجود تفاوت حسب نوع المستثمر المؤسسي فيها. المستثمر المؤسسي المستثمر المؤسسي عادة، وحسب الهدف من تكوينه، تكون له أهداف استثمارية مع وجود أهداف أخرى له، مثل التنمية وتوازن الاقتصاد. فالمستثمر المؤسسي عادة يمكن أن يكون حكوميا أو قطاعا خاصا، والحكومي يمكن أن يكون جهازا أو صندوقا تتبع ملكيته للدولة، مثل صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق معاشات التقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات، أو شركة سنابل؛ أو أي جهاز حكومي، مثل مؤسسة النقد العربي السعودي، والخطوط السعودية. واعتادت دول العالم، أن تستخدم صناديق التقاعد في لعب دور صانع السوق، الذي يرى البعض أنه يطبق هنا إضافة إلى شركة سنابل (جني ماي السعودية). وعادة يكون هدف الصناديق والجهاز الحكومي الاستثمار، مع لعب دور إيجابي لدعم الاقتصاد، وعادة لا يكون هناك فرق أو تعارض بين الاثنين. المستثمر المؤسسي في القطاع الخاص، يتنوع حسب الهدف من إنشائه، فقد يكون صندوقا استثماريا، أو شركة استثمارية، أو شركة قابضة، أو شركة أخرى إنتاجية. وتتنوع الملكية هنا، بين نسبة صغيرة غير مسيطرة من طرف الشركات، وحصة مسيطرة رئيسة من طرف الشركات، للتأثير على الميزانية ونتائجها، ودمج الأرقام، وبالتالي، تختلف النتيجة من الاستثمار المؤثر إلى الاستثمار المؤقت، وذلك حسب حجم الاستثمار المستهدف. ونستطيع أن نفهم قيام شركة استثمارية أو صندوق بدخول السوق والاستثمار فيها، لكن وجود شركات إنتاجية أو قابضة، دون وجود حصة مؤثرة، لا يمكن (وحتى الحصة المؤثرة، إلا إذا وجدت أسباب استراتيجية، كما يحدث مع المصارف الأجنبية في السعودية)؛ نظرا لأن هذا النوع من الشركات، يُفترض أن يُحقق نتائج من نشاطه الأساسي. أما الاستثمار في ظل السوق الكفء والحرة، فيعتبر نوعا من عدم الكفاءة، على أساس أنه من الأفضل إعطاء السيولة للمساهمين، ولديهم القدرة نفسها للاستثمار، ولا يسمح إلا إذا كانت هناك عوائق تساعد على تفضيل قيام الشركات بالنشاط مقارنة بالأفراد، لعدد من الاعتبارات، تتمثل في أن تركيز الشركات على نشاطها أجدى، وأن تكلفة رأس المال لاستثماراتها قد تؤدي إلى أن يكون العائد سلبيا مقارنة بالفرد. المستثمرون في السوق السعودية يعتب البعض على أن الاستثمار في السوق السعودية، يجب أن يقل فيه المستثمر الفردي، ويزيد حجم المستثمر المؤسسي، حتى يكون هناك قرار راشد لتقليل حجم المضاربات، وترسيخ مفهوم ومبدأ الاستثمار. والواقع أن إلغاء المستثمر الفردي، يتعارض مع مبدأ كفاءة السوق، التي تهتم بوجود عدد كبير من المستثمرين، لرفع كفاءة التداول، وتوفير السيولة في السوق. فوجود عدد قليل من المستثمرين في السوق، يؤثر في أهم عنصر، وهو التداول واستمرارية توافر السيولة في السوق، ووجود عدد كبير من المستثمرين، يكسر مبدأ الاحتكار والتحكم في السوق. وتوافر المستثمر المؤسسي عادة، ينظر له كمستثمر ذكي (smart investor)، يساعد في قيادة وتوجيه السوق، لكن لا يجب أن يخلو السوق من المستثمر الفردي. ولعل السؤال الذي يهمنا: هل كانت سلوكيات وتصرفات بعض المستثمرين المؤسسيين، خاصة صناديق الاستثمار؛ ذكية إلى حد ترسيخ توجهات وقواعد السوق؟ الإجابة واضحة لنا، في ظل نظرة الجهات الرسمية، وحديث المحللين ونظرة الفرد العادي للسوق. من يتعامل في سوقنا لو نظرنا إلى أكبر ملاك السوق السعودية، لوجدنا أنه لا يخلو من السابق أفراد ومستثمر مؤسسي (الدولة)، لكن يفتقد إلى وجود المستثمر المؤسسي الخاص الاستثماري، كما يظهر الجدول، إما بسبب القوانين، أو عدم جاذبيتها. فمثلا، وحسب بيانات الربع الثالث، يبلغ حجم استثمار الصناديق التابعة للشركات الاستثمارية والمصارف، نحو 103 مليارات ريال، مُستثمَر منها 22 مليار ريال في الأسهم المحلية، أو نحو 21.36 في المائة، ولو نسبناها إلى السوق السعودية لوجدناها تساوي 1.36 في المائة. وبالتالي، وحسب الجدول المرفق من موقع أرقام، فإن أكبر ملاك السوق هم الدولة والأفراد والشركات، والملاحظ أن صناديق الدولة استثمار من تعدد الشركات، في حين كان هدف الباقين السيطرة والحصص الرئيسة من عدد الشركات الداخلة في السوق. ماذا يجب أن يحدث؟ نلاحظ وجود شركتين رئيستين مؤثرتين في السوق، هما سابك وصافولا، ويغيب عنهم أرامكو، دخلوا السوق من خلال تحويل ملكية (spin off)، أو من خلال إنشاء الشركة كمؤسسين، وكلاهما متقارب، لكن التجربة أفرزت شركات ناجحة أثرت في السوق ودعمته. ولا تزال أرامكو وسابك تمتلكان عددا كبيرا من الشركات، وبعض الشركات الأخرى في السوق شركات تابعة منتجة، وتحقق نتائج جيدة، يمكن للشركة الأم أن تستمر في السيطرة عليها، من خلال طرح جزء منها أقل من 50 في المائة، لتثري السوق بشركات ناجحة، وتبني أنشطتها، وتخفف حجم مديونياتها. كما نرى أن الشركات، التي لا تمتلك حصصا مؤثرة في أنشطة وشركات عاملة ومنتجة، تتركها لصالح المستثمر الفرد أو الشركات الاستثمارية، نظرا لأنها لا تؤثر في الشركة، وأجدى لها أن تركز على نشاطها الرئيس. اتخاذ القرار سيدعم نمو وتوسعة السوق السعودية، وتوفير فرص منتجة ذات عوائد، تساعد الأفراد على الاستفادة والاقتصاد في النمو والتحسن؛ فالوضع الحالي، ونوعية الاستثمارات المقدمة، تجعل من حتمية حدوث الوضع المقترح أمرا مهما وحيويا للمستقبل، خاصة أن التجارب والطروحات في تحويل الملكية لها نتائج إيجابية.