أثار الاستغباء الروسي حفيظة مجتمع المتخصصين في عالم الطيران والفضاء العالمي لزعمه أن صندوق البيانات الأسود لطائرة السوخوي - 24 التي أسقطتها القوات الجوية التركية بعد أن اخترقت الأجواء التركية في 24 نوفمبر 2015 م ، قد تلف تلفاً جذرياً لا يمكن معه استرجاع بيانات الطائرة قبيل استهدافها علماً بأن الصندوق الأسود مصمم لتحمل الكثير من الحمولات القاسية ،وبقيت مسؤولية إسقاط الطائرة الروسية حتى حينه سجالاً و تصعيداً بين تركيا وروسيا على أمل أن يحكم الصندوق الأسود بموضوعية مطلقة بين الطرفين . لكن هذا الاحتمال غدا بعيداً بعد هذا الإعلان الروسي ويبدو أن روسيا قد صدمت بما لا تحب سماعه من بيانات مسجلة فزعمت أن محتويات الصندوق قد تلفت ، وذلك قد يترك الأبواب مشرعة للمزاعم والأكاذيب وربما السيناريوهات الخيالية . ومما يجعل الأمر بالغ الخطورة هي تلك الاستفزازات الروسية اليومية المستمرة حتى بلغ الخطاب الروسي المتشنج حضيض التدخل الروسي في الشأن السياسي الداخلي لتركيا حيث يعلن الرئيس الروسي بوتين عدم اعترافه بشرعية رئاسة الرئيس التركي أردوغان على أساس أنه يؤسلم تركيا وأن ذلك إرهاب!!. وهذه الاستفزازات من الخطورة بمكان فهي نذير حروب عالمية كبرى نووية مدمرة قد تغير وجه الأرض . لو راجعنا تاريخ الإرهاب لوجدناه ضارباً في القدم ، و متعدد التعريفات ومتنوع الأشكال والصور وجاهز المبررات ، ألم ترَ أن فرعون ذاته استخدم مزاعم محاربة الإرهاب في محاولاته في تصفية كليم الله موسى عليه السلام ( إني أخاف أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد ). لكن يهمنا هنا ما يمكن تسميته بالإرهاب المفتعل الذي قد ترتكبه بعض الأنظمة الحاكمة ضد نفسها في الخفاء أو بإيعاز منها لمنظمات ومجموعات إرهابية تأتمر بأمرها ثم يستجر ذلك النظام بلاده إلى حرب أو حروب طاحنة يكونون وقودها ، كل ذلك من أجل مكاسب مادية أو طموحات استعمارية أو حتى عنجهة عرقية ، وفي تقديري أن أحداث 11 سبتمبر 2001 م كانت من هذا القبيل والاستشهادات العلمية على هذه المقولة متوفرة بغزارة . الأمثلة التاريخية من التاريخ القريب ، ومن تاريخ روسيا السوفيتية ذاتها قيام القائد السوفيتي «نيكيتا خرشوف» بالاعتراف خطياً بأن الجيش الأحمر قد قام في 1939 م بقصف قرية «مينليا» الروسية ونسبة ذلك الهجوم المفتعل على فنلندا كمبرر لإعلان الحرب الشتوية على فنلندا. وقد اعترف كذلك الرئيس الروسي بوريس يلتسين بأن الحرب الشتوية على فنلندا كانت جائرة وأن روسيا كانت هي المعتدية في تلك الحرب. كما اعترفت الحكومة البريطانية أنها قد قامت في ما بين عامي 1946 – 1949 م بتفجير خمس سفن كانت تحمل يهوداً يحاولون الهرب إلى فلسطين ، ونسبت ذلك إلى مجموعة أسمتها ( المدافعون عن فلسطين العربية ). و الشواهد التاريخية تبلغ الآلاف. يجب أن تبنى الحرب على الإرهاب أولاً وقبل كل شيء على إشاعة العدل ونشره بين بني الإنسان وهذا ما يتميز به الحلف الإسلامي للحرب ضد الإرهاب بقيادة السعودية ، و أن تكون تلك الحرب مبنية على الشفافية ، بعيدة كل البعد على استمداد شرعيتها من القوة العسكرية منفردة فإن الله أقام ملكه في سمواته وأرضه بتحريم الظلم على نفسه و جعله بين عباده محرماً.