واحد من الروافع الأساسية المعززة لسمعة البحرين على الصعيد الدولي هو حرصها على تمكين المرأة في مختلف المجالات. على مدى السنوات الـ15 الماضية عزز جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى من ثقته في المرأة البحرينية عندما جرى زيادة تكليف نساء بأدوار قيادية في جميع قطاعات الدولة والمجتمع، وذلك ضمن مشروع جلالته الإصلاحي الذي انعكس في ميثاق العمل الوطني ودستور العام 2001، وهو دستور متقدم يقر في الكثير من مواده أن المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، ويؤكد على مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة المختلفة كشركاء على قدم المساواة في مسيرة المضي قدماً ببناء ازدهار ورفاه مملكة البحرين. لكن من الغريب حقاً ما نقرأه ونتابعه بدهشة عن موقف أعضاء لجنة المرأة والطفل في مجلس النواب المناهض لاتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة السيداو، بل وتحريضهم لزملائهم في المجلس على رفض تمرير الاتفاقية بدعوى عدم تماشي بعض بنودها مع الشريعة الإسلامية. لقد تعودنا على قيام عدد من النواب الإسلاميين في البرلمان ببذل ما في وسعهم للحد من حريات للمرأة، وكذلك للحد من مظاهر الحريات وعدد من الجوانب الثقافية والاجتماعية في المجتمع، ومع ذلك، فإنه من المفاجئ حقاً أن نرى اثنتين من النواب النساء يضغطن للحد من حقوقهن. حدث ذلك في ذات الأسبوع الذي ترشحت وفازت فيه عدد من السيدات السعوديات بعد أن حصلن على ثقة الناخب السعودي بتمثيله في عدد من المجالس البلدية. يصعب تحقيق مواءمة كاملة بين عاداتنا الاجتماعية وتراثنا الثقافي من جهة والتزامات القانون الدولي من جهة أخرى، وهذا الأمر كان وسيبقى، ومع ذلك أخشى أن تسفر بعض الرؤى الضيقة لدى عدد من النواب عن تكريس الانغلاق والعيش في التاريخ. عندما ننظر في تاريخ البحرين، فإننا كثيراً ما نجد أن ديننا الإسلامي كان يمارس بشكل أكثر مرونة وتسامح، وكانت المرأة تعمل إلى جانب الرجل في الزراعة في القرى، وكذلك في البنوك والرعاية الصحية والاجتماعية وغيرها، وكان عدد من السيدات يملكن سطوة وتأثيراً كبيراً في المجتمع، كما كانت النساء الشخصيات الرئيسية في الاحتفالات والمهرجانات التي تميز المجتمع. في كثير من الحالات كان الفصل بين الجنسين مأخوذاً عن العصر الصناعي الذي تقلصت فيه الأدوار التقليدية للمرأة وبدأت تتجه على نحو متزايد للعناية في المنزل، ثم جاء متشدودون إسلاميون فرضوا هذا الفصل بموجب مفاهيم دينية جديدة لم تكن موجودة من قبل. هذا التزمت أعاد تعريف سلوكيات المجتمع وفقاً لوجهة نظره، وأدى إلى تزايد التوترات الطائفية والتعصب والانقسام، ووضع المتشددون المتزمتون لوائح بالسلوكيات التي يجب أن تتقيد بها المرأة، واخترعوا معايير سلوكية غريبة على أمتنا. يجب التأكيد على أنه لا يوجد تعارض صريح بين القوانين الدولية وثقافتنا الإسلامية الخاصة، ومع ذلك، لا ينبغي لنا استغلال مناقشة تلك القوانين في فرض قواعد أكثر تشدداً وصرامة للحد من حرية المرأة. لماذا يشكك نواب في حق المرأة البحرينية في السفر والسكن بحرية؟ ألا ينتقص منعها من هذا الحق من منظومة الحريات التي تتمتع بها؟ يجب أن تحافظ البحرين على ريادتها الإقليمية في مجال منح المرأة حقوقها كاملة، لا أن تتلكأ في التشريع والمصادقة على اتفاقيات دولية صادقت عليها المملكة العربية السعودية وقطر. وكما أكدت وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للمرأة بشأن هذه المسألة: يجب علينا أن نظهر الوجه المتسامح والحضاري للإسلام. يجب علينا أن نظهر للعالم تطور المشروع الإصلاحي لجلالةالملك، ويجب علينا أن نضمن مواصلة البحرين لريادتها في مجال منح مواطنيها حق التمتع الكامل بحقوقهم وحرياتهم. في هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة، ونحن قادمون على نحو متزايد تجاه الاعتماد على النساء في لعب دور كامل في مكان العمل، وكذلك المنزل، علينا استنهاض الهمم تيمناً بالرعيل الأول الذين دفعوا بالمرأة لتكون رائدة وصاحبة مواقف مؤثرة في السياسة والاقتصاد، وأن نشجع الآخرين ليحذو حذوهم. عندما يجتمع مجلس النواب مجدداً هذا الأسبوع من أجل التصويت على السيداو آمل أن يستطيع البحرينيون التحدث بصوت واحد من أجل تشجيع ممثليهم النواب على دعم حقوق المرأة، والبحرين تفخر دائماً في رؤية النساء في طليعة مجتمعنا، على الرغم من أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه. دعونا نواصل مسيرتنا، وأن نحذو حذو حضرة صاحب الجلالة الملك حمد وقرينته صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة في العمل من أجل تعزيز بناء مجتمع تنافسي مستدام يسوده مبدأ تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء. * الرئيس التنفيذي لمجموعة بروموسيفن القابضة