×
محافظة مكة المكرمة

ضبط مقيم استولى على 150 ألف ريال بجدة

صورة الخبر

القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في شأن خطة السلام في سورية، هو قرار ملتبس، وعلى قدر كبير من الغموض. لكنّه يصدق فيه القول (ليس في الإمكان أبدع مما كان)، خصوصاً وقد بلغت الأزمة في هذا البلد العربي المنكوب أقصى درجات التأزم، وأغلقت السبل أمام أية تسوية سياسية تضع حداً لمآسيه المريرة. وإزاء التطور الخطير الذي عرفته المأساة السورية بعد التدخل الروسي الكاسح الذي وصل إلى درجة الاحتلال الكامل الأركان، فإن قرار مجلس الأمن، على علاته، يمكن اعتباره «طوق نجاة غير مأمون»، أو «خريطة طريق ليست واضحة المعالم»، هي البداية لعملية سياسية غير محددة النهاية، سيقاد فيها الشعب السوري على غير هدى، في اتجاه أهداف غير واضحة، بعد هذا الجمود القاسي الذي استغرق خمسة أعوام عجاف. وإذا كان قرار مجلس الأمن هذا لم يحدد مصير بشار الأسد على أي نحو من الأنحاء، فإن هذا التعمد والإصرار على عدم الالتفات إلى ما ارتكبه نظامه من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هما من إملاءات روسيا على الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن أن الغموض الذي يلف فقرات من هذا القرار مقصود منه إرضاء روسيا ولو على حساب المصلحة الوطنية للشعب السوري، ما يجعل من هذا القرار نصراً روسياً تحقق لها على صعيد السياسة الدولية، يؤكد عزمها على البقاء في المنطقة بهذه الكثافة غير الاعتيادية من القوات والمعدات وأنظمة الصواريخ المتطورة والقواعد العسكرية الجوية والبحرية والبرية. ولا أحد يملك أن يقدر المدى الزمني لهذه المرحلة الاستعمارية الروسية الجديدة. قرار مجلس الأمن الغامض هذا يتضمّن مجموعة من الألغاز التي لا تفسير منطقياً لها، منها تشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة من المحسوبين على النظام ومن المعارضة. والحال أن الحكومة في سورية، في ظل هيمنة طائفة بشار الأسد هيمنة مطلقة على كل شيء في البلاد، لا تملك صلاحيات لا كاملة ولا منقوصة؛ لأن الصلاحيات كلها في يد رئيس النظام الطائفي والأجهزة الأمنية التابعة له التي تتشعب وتتغلغل في حياة المواطنين وتتجاوز الثمانية عشر جهازاً. فأية صلاحيات إذن ستبقى للحكومة التي ستتشكل خلال المرحلة الانتقالية قبل إجراء الانتخابات التشريعية؟. ثم، وهذه ثالثة الأثافي كما تقول العرب، من سيشكل هذه الحكومة؟، هل ستشكلها الأمم المتحدة أم بشار الأسد؟. ومن سيختار أعضاء الحكومة من المعارضة، هل المعارضة هي التي ستختار من يمثلها في الحكومة، أم أن ذلك يعود إلى رئيس النظام وأجهزته الأمنية؟. وما الموقف من الوجود الأجنبي في سورية، هل ستنسحب روسيا وإيران و»حزب الله» والميليشيات التابعة لإيران من سورية؟، وهل سيتم ذلك مع الدخول في المفاوضات بين النظام والمعارضة، أم بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، أم بعد إجراء الانتخابات التشريعية، أم سيستمر هذا الوجود الأجنبي إلى ما لا نهاية له باعتبار أنه أمر واقع؟. المؤشرات على الأرض تدل على أن روسيا ستظل محتلة لسورية، ولن تنسحب منها، لأنها على يقين تام أن قراراً من مجلس الأمن بهذا الخصوص لن يصدر. فهي سيدة الموقف واللاعب الرئيس في ساحة السياسة الدولية، ولن تعبأ بالقانون الدولي، بدعوى أن دخولها إلى سورية جاء بطلب من «الحكومة الشرعية» كما تزعم، وتتوهم أنها بذلك تخادع المجتمع الدولي، وستعمل بكل الإمكانات التي تتوافر لها من أجل أن يتجدد هذا الطلب والموافقة عليه في عهد الحكومة التي ستعقب الانتخابات المزمع إجراؤها، لأنها على ثقة من أن الحكومة المقبلة لن تغير من الأمر شيئاً، وستظل الحال على ما هي عليه. وهذا منتهى الاستخفاف بالقانون والتحايل عليه. إن بقاء بشار الأسد في الحكم وعدم الإشارة إلى وجوب تنحيه وخروجه من المعادلة في قرار مجلس الأمن، يشكلان أحد عناصر العوار القانوني الذي يشوب هذا القرار الدولي الذي يبدو أن الجميع سارع في تهيئته والموافقة على إصداره للتخلص من عبء ثقيل كانوا يستشعرونه فراراً من الضغوط التي تمارسها الأزمة السورية على المجتمع الدولي، وما باتت تسببه من تهديدات للأمن والسلم الدوليين، في ظل وجود «داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية بما فيها الميليشيات الشيعية المختلفة. لقد توافقت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على أن يصدر القرار بهذا الشكل للخروج من المأزق الذي وجدت نفسها محاصرة داخله، لا ليكون وسيلة فعالة لتسوية سياسية عادلة تقوم على قواعد القانون الدولي، وإنما للتخفيف من حدة الأزمة وفق زعمها ووفقاً لقراءتها غير المتعمقة للأوضاع المتردية في المنطقة، ولتأجيل الانفجار الضخم الذي لا شك في أنه آتٍ مادامت القوى الكبرى لا تنصف الشعوب المظلومة، ولا يهمّها ما تتعرض له من بطشٍ وقتلٍ وتشريدٍ. وما يهمّها فعلاً هو مصالحها وأطماعها فقط. إنه نظام عالمي ظالم في زمن مظلم.