مع استمرار تراجع الجنيه المصري أمام الدولار تزداد الحياة صعوبة في مصر، لكن احتمال تأثير أزمة الجنيه على توفر الوقود يثير بالتأكيد مخاوف من صعوبات أكبر يتوقع أن تطل برأسها في الفترة المقبلة. فقد أوضحت التجارب السابقة -خصوصا منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011-أن نقص الوقود وما يخلفه من تداعيات يمثل أكثر العناصر التي تضغط على حياة المصريين وتثير غضبهم. وغير بعيد عن ذاكرة المصريين كان واضحا ما سببته أزمة الوقود -سواء كانت حقيقية أو مفتعلة- من آثار سلبية أبرزها الإعلام لإشعال الغضب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي بشكل اتخذ مبررا للانقلاب عليه بواسطة وزير دفاعه آنذاك. ومع تفاقم العديد من الأزمات المعيشية وتراجع السلطةالحالية عن العديد من الوعود برغد العيش، ومع اقتراب ذكرى ثورة يناير تبدو خيارات الحكومة صعبة في تجنب غضب شعبي يشتعل بالضرورة عندما يضيق الحال بسواد الناس. واضطرت السلطات المصرية هذا الأسبوع لإلغاء صفقات شراء كميات من النفط والغاز المسال بسبب نقص الدولار وارتفاع قيمته مقابل الجنيه المصري، وطلبت من الموردين تمديد أجل السداد إلى تسعين يوما بعد تسليم الشحنات بدلا من الأجل المتفق عليه سابقا وهو 15 يوما. أزمة الدولار ووصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى نحو 8.60 جنيهات مقابل 7.10 جنيهات في بداية العام، وتفاقمت أزمته بفضل عدة عوامل، أبرزها تراجع المساعدات من الحلفاء الخليجيين بسبب انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى التراجع الكبير في العائدات السياحية المصرية بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وحسب مصادر في سوق النفط نقلت عنها وكالة رويترز، فإن مصر ألغت شراء ست شحنات من السولار كان مقررا في البداية تسليمها أوائل يناير/كانون الثاني المقبل. أزمات الوقود تؤثر بشدة على الفقراء في مصر(الجزيرة) وينذر إلغاء الشحنات بنقص المعروض من السولار، وهي المادة التي تمتد الآثار السلبية لنقصهاإلى العديد من مجالات الحياة، حيث تعتمد عليها كل الشاحنات ومعظم سيارات الأجرة والنقل. ويزيد الطين بلة أن أزمة نقص الدولار تؤثر أيضا على الغاز الطبيعي المسال الذي تستورد منه مصر ثماني شحنات شهريا بقيمة تصل إلى نحو مئتي مليون دولار علما بأنها متأخرة حتى الآنعن سداد نحو 350 مليون دولار لموردي الغاز، وفق مصدر مطلع نقلت عنه وكالة رويترز. وعلى غرار السولار يستخدم الغاز في تشغيل سيارات نقل الركاب، فضلا عن استخداماته الصناعية والمنزلية واسعة النطاق. ولم يفلح تغيير محافظ البنك المركزي في السيطرة على تراجع الجنيه المصري أمام الدولار، علما بأن البنك قرر قبل أيام فرض قيود على الاستيراد، علما بأن البيانات تشير إلى زيادة مطردة في قيمة الواردات التي قفزت من 66 مليار دولار نهاية عام 2013 إلى 71 مليارا نهاية 2014، فيما أشارت بيانات النصف الأول من العام الحالي إلى زيادة بنحو أربعة مليارات دولار في الواردات السلعية فحسب. قروض بالجملة وبعد تجربة الحكومة المصرية زيادة الأسعار والضرائب فإنها لم تعد تجد على ما يبدو خيارا غير الاقتراض من الخارج مهما كانت تكلفته والأعباء التي تتحملها الأجيال القادمة كما يقول الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام. وبعد الاتفاق مع البنك الدولي على قرض قيمته ثلاثة مليارات دولار ذكرت وسائل إعلام مصرية أن الحكومة تسعى للحصول على قرض ضخم من صندوق النقد الدولي بقيمة ستة مليارات دولار بهدف أساسي هو دعم عجز الموازنة العامة للدولة. ولا تقتصر الأنباء السيئة على القروض، حيث تفيد البيانات باستمرار معدل البطالة المرتفع الذي يلامس حاجز الـ13%، واستمرار معدل التضخم عند نحو 11%، مع عجز في الميزان التجاري تجاوز 22% خلال سبتمبر/أيلول الماضي.