قدم المتسابقون على ترشيح الحزب «الديمقراطي» لخوض سباق انتخابات الرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز ومارتن أومالي، مناظرة حيوية أخرى، ومن المؤكد أنها مناظرة قليلاً ما يحظى بها المرء يوم السبت السابق للكريسماس. وركز «ساندرز»، الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي، على ما جاء ليقدمه في السباق وهو أن يدافع عن قضايا الأجنحة الأكثر ليبرالية في الحزب «الديمقراطي»، وبالنسبة لـ«ساندرز» البالغ من العمر 74 عاماً فإن المشكلة برمتها تتمحور حول المواجهة بين الأغنياء ضد باقي المجتمع الأميركي، ويُشار إلى أن بيرني ساندرز ليس عضواً في الحزب «الديمقراطي» ولكنه ينتمي إلى الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ كمستقل. وكان ساندرز قد وصف النظام الاقتصادي في بلاده بأنه «غير أخلاقي». وجاءت أبرز لحظاته في المناظرة عندما أشار المرشح المنحدر من أسرة هاجرت إلى الولايات المتحدة من بولندا إلى أن مشكلة الإرهاب الداخلي والتصنيف العرقي سببها في الأساس عدم المساواة في الدخل ليؤكد قائلا: «أؤمن بأن نقف سوياً لنعالج القضايا الحقيقية لهذه البلاد ولا نسمح لهم بأن يقسمونا على أساس العرق أو المكان الذي أتينا منه». وساندرز عليم بكثير من المجالات لكن السبب الذي يجعله غير متوائم مع حزبه ليس كثرة الخلافات التي تتعلق بالسياسات بل فيما يبدو لأنه يقول إن قضايا تمثل مصادر قلق للسياسة الأميركية مثل داعش والمسائل العرقية والهجرة وغيرها ليست «قضايا حقيقية». أما مارتن أومالي، الحاكم السابق لولاية ماريلاند فقد كانت أسوأ لحظاته في المناظرة حين تحدث عن «الخصومة» التي بين «ساندرز» و«هيلاري» بشأن بيانات أصوات الناخبين في قضية انفجرت في الآونة الأخيرة. أما كان لأومالي أن يلاحظ أن «ساندرز» اعتذر قبلها بدقائق، وأن كلينتون قبلت الاعتذار وقللت من شأن القضية؟ لكن الأمور لم تتحسن معه بعد ذلك أثناء المناظرة. فقد أشار «أومالي» البالغ من العمر 54 عاماً إلى الفارق في السن بينه وبين المرشحين الآخرين وحينها ضاق به الجمهور ذرعاً. ومازالت هيلاري كلينتون - التي تبلغ من العمر68 عاماً - أفضل حالاً من أي مرشح آخر يصغرها بنحو عشرين عاماً في مناظرات سباق الرئاسة لهذا العام سواء من «الجمهوريين» أو «الديمقراطيين»، ومن شبه المؤكد أنها تفوقت في المناظرة، أولًا حين اعتذرت بكياسة عن العودة إلى المسرح متأخرة بعد فاصل إعلاني ثم حين أجابت بثقة عن الانتقادات الموجهة إليها، والتي تركز على رؤيتها لحي المال والأعمال في نيويورك، وحجم النفوذ الذي يتمتع به. هذا بالإضافة إلى قولها في نهاية المناظرات «لتكن القوة إلى جانبكم». وأداء هيلاري الجيد في المناظرة قد يجنبها خسارة حرجة في أيوا أو نيوهامبشر. لكن حتى إذا لم يساعدها أداؤها الجيد في المناظرات في تجنب خسائر، فإن ترشيح الحزب «الديمقراطي» محسوم تقريباً بالنسبة لها منذ فترة، ولا شيء في مناظرة يوم السبت الماضي غيّر من هذا. وهذا لا يعني أن هيلاري ستكون مرشحة رائعة في الانتخابات العامة أو أنها إذا فازت بالسباق في نهاية المطاف ستكون رئيسة رائعة. لكن حتى لو كانت المناظرات التي ستسبق الانتخابات العامة بمثل أهميتها في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب «الديمقراطي»، فيمكننا القول إنها ستبلي بلاء حسناً.. وعلى أي حال، كما أشار أحد الأشخاص في تغريدة على تويتر، فإن هيلاري تصدت لإثارة المشاكل التي بلا مغزى فيما يبدو لإتقان التنقيب في تاريخ الخصوم والطعن فيهم سياسياً.. إن هيلاري كلينتون جاهزة لانتخابات الرئاسة في عام 2016 وجاهزيتها هذه لا تقتصر على الحنكة في المناظرات السياسية. جوناثان بيرنشتاين* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»