أفاق حسين النجار (30 سنة) بعد منتصف ليل الاثنين - الثلثاء على صوت تكسير زجاج نوافذ بيته، تبعه صوت انبعاث غاز كثيف خانق، فأغلق باب غرفة النوم عليه وعلى زوجته وطفله الرضيع البالغ من العمر تسعة أشهر، وأخذ يجري اتصالات مع أهله وجيرانه طالباً المساعدة على رغم شعوره بالاختناق الشديد. وعندما وصل الناس إلى بيته الواقع في أطراف قرية بيتللو قرب رام الله، كان حسن وزوجته وطفله أصيبوا بأعلى درجات الاختناق من الغاز المسيل للدموع، فأخرجوهم إلى الهواء النقي، ليكتشفوا أن المستوطنين كسروا نوافذ البيت، ثم ألقوا ثلاث قنابل غاز مسيل للدموع في داخله وغادروا. وقال حسين من أمام منزله البسيط قبالة مستوطنة «حلميش» المقامة على أراضي القرية: «لولا أنني أفقت على تكسير نوافذ البيت لكنا اختنقنا ومتنا»، علماً أن الرضيع أصيب بحال اختناق شديدة وخطيرة، لكنه تعافي في وقت لاحق. وفي الصباح، عثر حسين على شعارات خطها المستوطنون على جدران بيته يعلنون فيها مسؤوليتهم عن الاعتداء، ويوجهون رسائل تهديد إلى الفلسطينيين، وأخرى تتحدى حكومتهم، طالبين منها التوقف عن التحقيق في مقتل عائلة دوابشة حرقاً قبل أشهر. ومن هذه الشعارات التي كتبت بالعبرية: «انتقام... تحية من معتقلي صهيون»، في إشارة إلى المستوطنين المتهمين بإحراق وقتل ثلاثة من أفراد عائلة دوابشة وهم نيام في بيتهم في قرية دوما في آب (أغسطس) الماضي. وتتعرض قرية بيتللو إلى اعتداءات متكررة من المستوطنين. وقال رئيس المجلس المحلي للقرية هشام البزار إن الأهالي قدموا العديد من الشكاوى ضد المستوطنين، لكن السلطات الإسرائيلية لم توقف أحداً من المعتدين. وأضاف: «المستوطنون يهاجمون أهالي القرية في حقولهم، ويعتدون عليهم وعلى ممتلكاتهم من دون أن تفعل السلطات الإسرائيلية شيئاً لإيقافهم». وقال إن الرضيع نجا بأعجوبة من الغاز الخانق الذي انتشر بكثافة داخل المنزل. ويقول الخبراء إن ثلاث قنابل مسيلة للدموع في مكان مغلق كافية لقتل أفراد العائلة اختناقاً. وقال حسين النجار إنه لم يجرؤ على فتح الباب والخروج قبل وصول الأهالي إلى بيته خشية قيام المستوطنين بقتله. وقال: «لم أكن أعرف أنهم غادروا، توقعت أن يكونوا حول البيت وأن يطلقوا النار علينا ويقتلونا». وتسمح السلطات الإسرائيلية للمستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة البالغ عددهم حوالى 650 ألفاً، بحمل السلاح وإطلاق النار على الفلسطينيين في حال التعرض إلى أي خطر، مثل إلقاء حجارة أو ما شابه. وكثيراً ما أقدم المستوطنون على قتل فلسطينيين مدعين تعرض حياتهم إلى الخطر. وغالباً ما تقبل السلطات بروايتهم، إلا في حالات قليلة مثل قيامهم بخطف الفتى محمد أبو خضير وقتله حرقاً عام 2014، وحرق عائلة دوابشة في بيتها العام الحالي. وأعلنت السلطات الإسرائيلية فتح تحقيق في الحادث. لكن عائلة النجار رجحت أن يلاقي هذا الاعتداء مصير الاعتداءات السابقة التي لم يوقف على خلفيتها أي مستوطن. وقال رئيس المجلس المحلي: «تعرضت قريتنا والقرى المجاورة إلى عشرات الاعتداءات، ولم نسمع عن توقيف مستوطن واحد». وتجري السلطات الإسرائيلية تحقيقات في جريمة حرق عائلة دوابشة في بيتها. ويعتقد أن اعتداء المستوطنين على بيت عائلة النجار جاء لتهديد الحكومة الإسرائيلية بمواصلة الاعتداءات في حال لم توقف التحقيق في جريمة إحراق عائلة دوابشة.