لا يخفى على أحد الأنظمة والطرق التي تتبعها الأمهات لتنويم الأطفال في الليل، ومنهن أمي التي اتبعت خطة «جاك العسكري» لكي أنام دون افتعال سبب للسهر بالليل، وأصبح تاريخ فوبيا العسكري يلازمني إلى سن متقدمة، وهذا العسكري بريء من التهمة الموجهة له براءة الذئب من دم يوسف، ولم يقتصر العسكري على تهمة أمي، إنما يعاني القطاع العسكري من عدة أوجه ومنها الحروب والأخطار التي من الممكن أن تودي بحياتهم، وقد شدتني الأخطار النفسية «المنسية» التي يعاني منها هذا القطاع، ففي الحرب العالمية الأولى بدأ الاهتمام والتركيز على الطب النفسي العسكري واهتم به الأمريكيون، ففي حرب فيتنام عانى الجنود الأمريكيون من الأمراض النفسية وفتحت المراكز والاتحادات لقدامى المحاربين الفتناميين ووجه الإعلام من خلال الأفلام لمعالجة وطرح المشكلة النفسية لمحاربي فيتنام، وفي عام 1921 تأسس المجلس الدولي للطب العسكري في أعقاب الحرب العالمية الأولى بهدف زيادة التعاون بين كل الخدمات الطبية العسكرية، وهو معترف به كمنظمة دولية مقرها بلجيكا، وهي تستمر في توفير مساحة للنقاش لكل الخدمات الصحية العسكرية في العالم لمناقشة المواضيع ذات الاهتمام بشكل حيادي، والمجلس الدولي للطب العسكري يعمل باستقلالية بصرف النظر عن الجنسيات أو الخلفيات، وتهتم أغلب الدول فقط بالفحص النفسي المبدئي للمتقدمين للالتحاق بالقوات العسكرية وتهمل المتابعة السنوية خلال الخدمة العسكرية، فقد يعاني أصحاب بعض المهن من المعاناة النفسية خلال عملهم، ومنهم المحاربون خصوصاً والمتعاطون من القطاع العسكري مع الجمهور، فقد خصصت للقطاع العسكري فقط ضرورة اجتياز دورات الطب النفسي من قبل المديرين، ودرجة القائد لقيادة المجموعات الصغيرة العسكرية لتخوفهم من العدائية وعدم القدرة على التحكم بالنفس أو ظهور بعض الحالات العصبية كالهستيريا والوساوس المتسلطة والقهر وغفل الاهتمام بالرتب العسكرية الدنية، ولا شك أن التعامل اليومي مع المجرمين يؤذي النفس أو العمل داخل السجون المغلقة أيضاً، وقد عبرت مقولة «تعاطف المسجون مع سجانه» والعكس صحيح بالكثير من المفاهيم النفسية، فقد يتعاطف في بعض الحالات السجان مع المسجون وقد تختلط الكثير من العواطف داخل نفس السجان أو العسكري عموماً بسبب اتساع نطاق المثيرات المختلفة من خلال التعاطي مع شريحة تتسم بالمرض النفسي المسبب للجريمة، لذلك يجب أن يشمل الفحص السنوي الطبي لهذا القطاع الفحص النفسي السنوي، فكما يعاني السجان والمحقق، يعاني شرطي السير والمحارب والعسكري حامي الحدود. لقد أيقظ الموضوع حسي الصحفي وأجريت عدة اتصالات بجنود في عدة قطاعات وعلى عدة رتب عسكري لطمأنة نفسي القلقة وقد أفصح «مقدم مجهول» بأن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد وزير الداخلية يهتم اهتماماً ملحوظاً بهذا القطاع ويعطي توجيهات متكررة وحازمة مفادها تطوير القطاع والاهتمام بأدق التفاصيل وتفعيل الابتكارات والتقانة في القطاع، وهناك أيضاً الدماء الجديدة التي تبتكر وتدرس مشاكل وحلولاً للقطاع العسكري وطمأنني «المقدم المجهول» بوجود مركز إحصائي ودراسي للمشاكل والظواهر العسكرية. «جاك العسكري» من الإسقاطات الخاطئة في طفولتنا لأن التخويف والترهيب من العسكر يسبب فجوة كبيرة بين المواطن والقطاع العسكري المهم بحياتنا الذي يشكل غلاف الحماية بعد الله عز وجل، فهذا العسكري يجب أن يكون الشريك والصديق الذي نلجأ له لحمايتنا، فكم من جريمة أو معلومة تغاضينا عن الإبلاغ عنها بسبب هذه الفجوة الكبيرة بيننا وبين العسكري. وضع ميزانية للعلاقات العامة في قطاع الشرطة يخدم الطرفين، يحد من الجريمة من خلال التعاون مع المواطن ويثري المواطن بمعرفة حقوقه وواجباته، فإدراج مقرر داخل المناهج التعليمية في مدارس الأطفال الابتدائية يشرح الحقوق القانونية الخاصة بالمواطن وكيفية التعامل مع الشرطة فتعطي أريحية في التعامل مع القطاع العسكري وتقرب الشرطي الصديق من المواطن، فكم من جرائم نقع فيها لجهلنا بحقوقنا القانونية، وكم من طفل يخاف من عسكري ويخفي معلومات من الممكن أن تحميه وتحافظ عليه، فنحن كمواطنين نجهل حقوقنا المدنية التي تشكل أهم بنود حق المواطنة، «صديقي العسكري» يجب أن تتم بمنهجية داخل جميع المؤسسات في الدولة وأهمها التعليمية لنيل هدف التقرب من الشرطي، «والعسكري الإنسان» من حقه الاهتمام بعلاجه النفسي قبل الجسدي لخدمة هذا الوطن الغالي.