بالنسبة للقوات المسلحة العراقية والأميركيين الذين يقومون بتدريبها ودعمها، فإن معركة مدينة الرمادي تعتبر قتالا له أهميته الخاصة. فالميليشيات الشيعية لا تشارك في هذه المعركة، الأمر الذي يتيح للمؤسسة العراقية النظامية فرصة لإصلاح صورتها، حيث كان سقوط الرمادي قبل 7 شهور في يد تنظيم داعش قد وجه ضربة إلى سمعة القوات الأمنية التي كانت تعاني الكثير بالفعل، وأبرز العيوب الموجودة في النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة لدعمها. ويقول اللواء اسماعيل المحلاوي، رئيس قيادة عمليات ألأنبار فيما هو يتابع الضربات الجوية التي تقوم بها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حيث يرتفع الدخان عاليا في سماء المدينة: يتعين أن تكون هذه المعركة قتالا يشارك فيه الجنود العراقيون بصورة خاصة لإعادة المكانة إلى الجيش العراقي، وقد كان الجيش في الماضي جيش هزائم، ولكننا سنكون جيش تحرير. وقد جاء ذلك عقب استعادة الجنود العراقيين السيطرة على مجمع قيادة عمليات الأنبار في شمال الرمادي، وقد كان ذلك فوزا مؤلما بالنسبة للجنود الذين كانوا يتمركزون في هذا المقر السابق وباستثناء الضربات الجوية الأميركية، فقد كان هذا الفوز هو فوزهم وحدهم. دور كبير وقد لعبت الضربات الجوية دورا كبيرا في التقدم الذي تم إحرازه في الرمادي، حسبما يقول الجنود العراقيون الذين يتوقعون استعادة المدينة بالكامل في نهاية العام الجاري، ولكن ما يقولونه يثير أسئلة حول قدرة الجيش العراقي على إحراز المزيد من التقدم وبصفة خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، حيث يعتبر الدعم الجوي مقيدا. وعلى الرغم من الدور الكبير للقصف الجوي، فإنه إلى الجنوب الغربي من المدينة شهدت القوات الخاصة العراقية المعروفة باسم الفرقة الذهبية، قتالا متلاحما وسيطرت على حي تميم الممتد أخيرا، وهذه الفرقة التي تلقت تدريبا أميركيا مكثفا، تعتبر القوة المقاتلة الأكثر نخبوية في الجيش العراقي. وقال العقيد عبد الغني الأسدي رئيس القوات الخاصة العراقية فيما هو يلقي نظرة على خريطة لمدينة الرمادي في مكتبه ببغداد: إننا نعرف أحياء المدينة شارعا فشارع، كما نعرف البيوت جيدا. وقال إن حوالي 600 مقاتل من الفرقة الذهبية قد شاركوا في دخول المدينة. قلق عراقي وأميركي وكان المسؤولون العراقيون والأميركيون قد أعربوا عن قلقهم من مشاركة الميليشيات الشيعية في الهجوم الذي تم شنه في محافظة سنية إلى حد كبير، وشددوا على الحاجة إلى مشاركة مقاتلين سنيين محليين في القتال إلى جوار القوات العراقية. غير أن مشاركة هذه العناصر كانت محدودة حتى الآن، وهم متمركزون في المواقع الدفاعية وراء خطوط الجبهة وعند نقاط التفتيش. ويقول اللواء المحلاوي في هذا الصدد: إننا نحتاج إليهم باعتبارهم رمزا لمشاركة أبناء محافظة الأنبار في القتال. وذلك على الرغم من أنه أضاف أنهم سيشاركون في التمسك بالأرض مع استعادة المدينة. ويقدر الأسدي أنه لا يزال هناك حوالي 1000 من عناصر داعش في الرمادي، في حين يشير مسؤولون أميركيون إلى أنه مع مصرع 350 من مقاتلي التنظيم أخيرا، فإن من تبقى منهم في المدينة يمكن ان يتراوح عددهم بين 250 إلى 650 عنصراً. وقد حذر كولونيل ستيف وارن المتحدث العسكري الأميركي في بغداد أخيرا، من أنه في بيئة حضرية يمكن لعدد محدود نسبيا من المقاتلين عرقلة تقدم جيش كبير. وقال: إنها عملية بطيئة، عملية دقيقة، والقتال في المدن صعب ومخيف ويمكن ان يكون مميتا. وتختلف التقديرات في الوقت نفسه فيما يتعلق بأعداد المدنيين الذين لا يزالون موجودين في الرمادي، حيث يقدر اللواء المحلاوي أنه لا تزال هناك 150 عائلة في المدينة، ويقدر مسؤولون أمنيون عراقيون العدد بأكبر من ذلك بكثير، حيث يشيرون إلى وجود عشرة آلاف نسمة. وقد ألقت الطائرات العراقية منشورات تدعو العائلات إلى مغادرة المدينة ولكن الكثيرين عاجزون عن ذلك، فعقب إسقاط المنشورات أخيرا، قامت عائلة في الشارع 20 من مدينة الرمادي برفع علم أبيض على دارها، ولكن مقاتلي داعش قاموا بقتل جميع أفرادها عقب ذلك بوقت قصير ليكونوا عبرة لغيرهم. ويقول الأسدي إن كل رجال العائلة ونسائها وأطفالها قد قتلوا، وتقوم قوات الأمن بإجراء اتصالات هاتفية ببعض العائلات داخل المدينة ويضيف: كل من يحاول الهرب يبادرون بإعدامه، وما يعرقل تقدمنا هو المدنيون. هجوم من شأن نظرة واحدة على الرمادي أن توضح أن جسور المدينة الثمانية قد دمرت، الأمر الذي ترك مقاتلي داعش محاصرين بالأنهار من ثلاث جهات، وعلى الجبهة الرابعة أي إلى الشرق، تطبق القوات العراقية على المدينة، ولكن بعض الوقت قد ينقضي قبل أن يتم شن الهجوم الأخير على المدينة. وفي غضون ذلك، وصل المهندسون العسكريون إلى الرمادي لإنشاء جسور مؤقتة، فيما علم أن مقاتلي داعش قد قاموا بحفر العديد من الأنفاق ومراكمة سيارات مفخخة وزرعوا المتفجرات على جوانب الطرق استعدادا للمواجهة النهائية.