طه محمد. القاهرة، 22 ديسمبر/كانون أول (إفي): بقدر ما شهدت ملاعب التنس خلال 2015 من أرقام قياسية وانجازات تاريخية، فقد كانت شاهدة على فرص ضائعة، ربما أذهبت من أفواه الكثيرين حلاوة تلك النجاحات المبهرة. فدخول نادي الألف انتصار وتحقيق الرقم القياسي في عدد النقاط التي يحققها لاعب في موسم واحد أو الفوز بثلاثة ألقاب جراند سلام في حين يطمح الكثيرون لحصد لقب واحد لا يضاهيه سوى الفرص الضائعة في 2015. - قدح واحد من القهوة لا يكفي:. ثلاثة وخمسون انتصارا وثلاث هزائم فقط، ربما يكون سجلا يدفع الكثيرين لانهاء الموسم في أفضل حال، لكن ليس بالنسبة للأمريكية سيرينا ويليامز في 2015. دخلت كابتن أمريكا الموسم ونصب عينيها تحقيق بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، في انجاز لم يسبق أن حققته لاعبة في العصر الحديث سوى الألمانية شتيفي جراف، صاحبة الرقم القياسي في عدد مرات الفوز ببطولات الجائزة الكبرى (22 لقبا)، والذي كانت سيرينا تسعى لمعادلته. ولم تكن بداية الموسم موفقة بالنسبة للاعبة السمراء، ففي كأس هوبمان الودية للفرق المختلطة تأخرت سيرينا أمام الإيطالية فلافيا بينيتا بخمسة أشواط نظيفة، لكنها طلبت قدحا من القهوة، في حادثة فريدة من نوعها، كان له مفعول السحر، ليس فقط في المباراة، وانما على مستوى الموسم. توجت بعدها اللاعبة الأمريكية ببطولات الجراند سلام الثلاثة الأولى في الموسم أستراليا المفتوحة على حساب الروسية ماريا شارابوفا ورولان جاروس على حساب التشيكية لوسي سافاروفا وويمبلدون على حساب الإسبانية جاربيني موجوروزا، وفيما بين تلك البطولات، فازت بلقب بطولة ميامي وسينسيناتي. وعندما كانت سيرينا على بعد قوسين أو أدنى من تحقيق الانجاز التاريخي، يبدو أن سحر قدح القهوة انتهى أمام إيطالية أخرى، روبرتا فينشي في نصف نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، لتخرج اللاعبة الأمريكية في مفاجأة كبرى، وتنهي بعدها موسمها في ظل أنباء عن تأثرها معنويا بالفرصة الضائعة. -. - اللحن المنقوص:. عندما يعلن المذيع الداخلي عن دخول المايسترو روجيه فيدرير، ينتظر عشاقه سحرا على أرضية الملعب، ولم يخذلهم اللاعب السويسري ذو الأربعة وثلاثين عاما. فقد عزف المايسترو ألحانا ولا أروع خلال الموسم، بل انه ابتدع سيمفونية جديدة سميت باسمه: هجوم خاطف من روجيه فيدرير، والمعروفة اختصارا بالانجليزية (SABR). ولمن لا يعرف فإن (SABR) هي عبارة عن طريقة استحدثها فيدرير في ملاعب المحترفين لرد ارسال المنافس على بعد مسافة ليست بالكبيرة من مربع الارسال، بما يمكنه من مباغتة خصمه، ووضعه تحت الضغط طوال الوقت. ويضاف إلى هذا الاستقبال الفريد والايقاع السريع وضربات الارسال القوية والأسلوب الهجومي، ليكون الناتج ستة ألقاب هي برسبن ودبي واسطنبول وهاله وسينسيناتي وبازل. ولكن ومع استمتاع متابعي لعبة الأمراء، حتى من غير مشجعي فيدرير بهذه الألحان، فإنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن شيئا ينقصها. فقد سنحت الفرصة أمام اللاعب السويسري ليعزز رقمه القياسي في عدد ألقاب بطولات الجراند سلام والذي يحمله بـ(17 لقبا)، في نهائي بطولة ويمبلدون والولايات المتحدة المفتوحة- فضلا عن البطولة الختامية لموسم رابطة محترفي التنس- ولكن الصربي نوفاك ديوكوفيتش ضيع عليه فرصة التتويج بأول ألقابه الكبرى منذ 2012. -. - حروب الجيل الرابع:. تألقت خلال الموسم المنصرم العديد من اللاعبات الصاعدات، واللاتي طالبن بفرصة للصعود إلى منصات التتويج في البطولات الكبرى، وليس هناك أفضل من البطولة الختامية. ثماني لاعبات تنافسن على اللقب في غياب الأمريكية سيرينا ويليامز التي انسحبت بعد خروجها من بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، هذه هي الفرصة المثالية بالنسبة للجميع وعلى رأسهن الروسية ماريا شارابوفا التي لم تتخط عقدة سيرينا في نهائي أستراليا المفتوحة. ولكن ماشا ليست وحدها في سنغافورة، فهناك لاعبات أخريات يطالبن بحقهن في اللقب، بينهن الإيطالية فلافيا بينيتا التي توجت ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة، والإسبانية جاربيني موجوروزا التي تأهلت لنهائي ويمبلدون وفازت ببطولة بكين، ممثلة للصاعدات اللاتي يعتبرهن جيلا رابعا في ملاعب الأمراء والرومانية سيمونا هاليب التي توجت ببطولة إنديان ويلز، أكبر ألقابها في مسيرتها الاحترافية. تخطت ماشا دور المجموعات وكذلك موجوروزا، إلى جانب التشيكية بترا كفيتوفا والبولندية أنييسكا رادفانسكا، لتكون اثنتان من اللاعبات الأربع على بعد مباراة واحدة من دور النهائي، لتسقط المرشحة الأولى للقب بالنسبة للكثيرين، والحصان الأسود، لتهدر اللاعبة ذات الأصول الفنزويلية فرصة تحقيق المفاجأة في مشاركتها الأولى بالبطولة. ونجحت رادفانسكا في الفوز باللقب، لتضيع الفرصة على كفيتوفا التي كانت على بعد مجموعة واحدة من كتابة التاريخ. -. - سيزيف:. لا يوجد شك في أن 2015 كان أحد أسوأ المواسم التي مرت على الإسباني رافائيل نادال، فقد عانى في أغلب فتراته من أزمة ثقة بدت وكأنها صخرة على كاهله. وكلما وصل النجم الإسباني إلى محطة يزيل فيها عن كاهله هذا الحمل، فإنه يأخذه إلى الخلف ليبدأ الرحلة من جديد، كما هو حال سيزيف، الذي نزلت عليه تلك اللعنة في الأساطير الاغريقية. فبعد وصوله إلى قمة بطولة بوينوس أيرس بعد خسائر مفاجئة أمام توماس بيرديتش في ربع نهائي أستراليا المفتوحة والإيطالي فابيو فونيني في نصف نهائي ريو دي جانيرو، عاد ليهدر فرصة حسم موقعة ربع نهائي انديان ويلز التي سنحت له أمام الكندي ميلوس راونيتش. بدأ رحلة العناء من جديد إلى أن وصل لنهائي مدريد بعد أداء جيد خلال مشواره بالبطولة، لتسنح له فرصة التخلص من الحمل ليخسر أمام موراي، لكنه يهدر الفرصة ويخسر بصورة مروعة. وبعدما خسر ربع نهائي بطولة رولان جاروس أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش عاد ليفوز ببطولة شتوتجارت في أول نسخها التي تقام على الأراضي العشبية، تفائل الكثيرون بشأن بطولة ويمبلدون لكنه خسر بصورة مفاجئة أمام داستن براون. واستمرت الرحلة التي بدت أبدية حتى البطولة الختامية، بعد وصوله إلى نهائي بطولة بازل وأعقبته خسارة في ربع نهائي باريس بيرسي أمام السويسري ستانيسلاس فافرينكا. وعندما سنحت له فرصة للانتفاض في البطولة الختامية لموسم رابطة محترفي التنس، بعد أداء قوي خلال دور المجموعات، اصطدم بديوكوفيتش، ليفوز نولي وتضيع الفرصة على نادال. -. - وتر أكيليس:. أنهى النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش الموسم بعدد نقاط قياسي لم يسبقه إليه أي لاعب (16 ألف و585 نقطة)، وأصبح أول لاعب يفوز بثنائية إنديان ويلز وميامي ذواتا الألف نقطة للمرة الثالثة. مقاتل أسطوري تمكن من حصد 11 لقبا في موسم لم يتعرض فيه سوى لست هزائم فقط، ثلاثة منها أمام السويسري روجيه فيدرير، الذي فاز عليه نولي في نهائي بطولات ويمبلدون والولايات المتحدة المفتوحة والبطولة الختامية. وتضاف إلى تلك البطولات ألقاب مونت كارلو وروما وشنغهاي وباريس بيرسي وهي من بطولات الأساتذة ذات الألف نقطة، اضافة إلى بكين (500 نقطة)، في موسم يراه الكثير من الخبراء هو الأفضل في تاريخ لعبة الكرة الصفراء. ولكن بالنسبة للكثير من مشجعي نولي لا تزال هناك غصة في حلقهم: رولان جاروس، ثاني بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى. فقد تأهل ديوكوفيتش إلى نهائي البطولة بعد أن تفوق في ربع النهائي على نادال وفي نصف النهائي على موراي، الذي فاز هذا الموسم بألقابه الثلاثة الأولى على الأراضي الترابية هي ميونخ ومدريد ونهائي كأس ديفيز الذي أقيم على الأراضي الرملية في بلجيكا. وأهدر نولي الفرصة للفوز باللقب الوحيد الذي يغيب عن خزانته بين بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى أمام السويسري ستانيسلاس فافرينكا، ليؤكد بهذا أن 2015 هو عام الفرص الضائعة في ملاعب الأمراء. (إفي)