×
محافظة المنطقة الشرقية

خطة لتنظيم سوق الأنعام

صورة الخبر

لدينا في عالمنا العربي أخصائيون في فقه جديد هو تبسيط المُعقّد وتعقيد السهل والبسيط، وفي الحالتين ثمة هروب من قراءة الواقع كما هو، ولا يوازي هذا الفقه إلا فقه آخر يتلاعب بالثوابت والمتغيرات وبالتالي بالأولويات، ولعل الميديا بما تستثمره من منجزات التكنولوجيا تقوم بهذا الدور على مستويين أحدهما مباشر وصريح والآخر باطني، ويعتمد التلميع منهجاً كي يتسلل إلى الرأي العام بسلاسة ودونما رصد. ومن أمثلة تبسيط ما هو مُعقّد ومركب التلاعب بالإحصاءات والأرقام وتوظيفها لما يتخطاها باعتبارها حقائق، فمن كتبوا عن خسائر العراق بدءاً من حصاره حتى احتلاله وحروبه المحلية كان لديهم حاسوب لا يرى ما وراء الأرقام. ولا يدرك من يستخدمونه أن هناك خسائر غير مرئية منها ما يتعلق بالثقافة وضياع الوقت، إضافة إلى ما تم تبديده من الممكنات قبل أن تتحقق. وتكرر ذلك في فلسطين عبر مختلف المراحل التي مرّت بها، وهذا ما تنبه إليه بحصافة كاتب فرنسي عندما حاول رصد خسائر الجزائر خلال ما يسمى في الأدبيات السياسية الجزائرية العشرية السوداء، وهي السنوات العشر التي تنامى فيها الإرهاب حتى بلغ ذروته وبدأ يأكل نفسه. قال: إن انهماك شعب ما بحرب طارئة ومفروضة عليه يصرفه عن مشاريع مستقبلية، كما أنه يفرض على الثقافة السائدة أن تؤجل ما كان عاجلاً، وهو ما يحدث الآن في العالمين العربي والإسلامي حيث يفرض الإرهاب أولية لا مناص منها لإعلان الحرب عليه والحد ما أمكن من تمدده السرطاني والشيطاني. فهو لا يذبح أبرياء فقط ولا يدمر منجزات حضارية فقط، بل يتمدد إلى الماضي من خلال تدمير الأطلال والآثار التي تشهد على حضارات عاشتها هذه الجغرافيا المقدسة. ومقابل تعقيد السهل والبسيط هناك تبسيط وتسطيح لما هو معقد، خصوصاً ما تعلق منه بالتربية والتكوين النفسي والثقافة. وحين ترد عبارات من طراز تجفيف منابع الإرهاب نادراً ما تكون الثقافة والتربية منها، رغم أنها جذر الداء والبلاء! لكن الكسل الذهني وإدمان عادات تفكير موسمية يحذف الكثير ويهرب إلى الأمام تاركاً خلفه مساحات هائلة من المهمل والمسكوت عنه!