أشار التحليل الأسبوعي للأسواق الناشئة في آسيا الصادر عن شركة آسيا للاستثمار إلى أن قيمة عملات معظم الأسواق الناشئة قد انخفضت مقابل الدولار الأميركي في الأشهر الاثني عشر الماضية، مما يساعد في تعزيز قدرتها التنافسية. ومع ذلك، ارتفعت قيمة العملات التي ترتبط بالدولار الأميركي أمام العملات الأخرى، بما في ذلك عملات دول الخليج المصدّرة للنفط بكثافة وهونج كونج والصين التي قد تواجه ضغوطاً إضافية لرفع قيمة عملتها بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة. ولفت التحليل إلى أنّ الصين كانت قد عملت بالفعل على عكس توجّه رفع قيمة العملة. في أغسطس، خفّض البنك المركزي قيمة اليوان عقب تغيير طريقة تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية في البلاد، والذي يتضمن الأخذ بعين الاعتبار تحركات العملات الرئيسية الأخرى بدلاً من مجّرد التركيز على تغيرات الدولار الأميركي. ومنذ ذلك الحين، انخفضت قيمة اليوان حوالي 4% مقابل الدولار الأميركي، وهو أكبر انخفاض خلال خمسة أشهر في أكثر من عشرين عاماً. هذا وقد كشف البنك المركزي قبل عشرة أيام عن مؤشر العملة الجديد ليكون نظام يوان لتجارة النقد الأجنبي. وسوف يستند المؤشر الجديد على سلة مكوّنة من ثلاث عشرة عملة، بحيثُ يشكّل الدولار الأميركي نسبة 26.4% والين الياباني 21.4% واليورو 14.7%. وسوف يتم استخدام مؤشر نظام يوان لتجارة النقد الأجنبي كنقطة مرجعية إضافية للبنك المركزي لتحديد قيمة اليوان وإدارة توقعات السوق. وأضاف التقرير أن إصدار مؤشر نظام يوان لتجارة النقد الأجنبي هو بمثابة إشارة إلى أن البنك المركزي ما زال يعتبر اليوان عملة مبالغ في قيمتها. في الأشهر الإثني عشر الماضية، ارتفعت قيمة المؤشر بنسبة 2.9%، مقارنة مع انخفاض 4.4% لليوان مقابل الدولار الأميركي. وقد تم طرح المؤشر أيضاً قبل أسبوع واحد من قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي برفع أسعار الفائدة، ومن المتوقع لهذه الخطوة أن ترفع قيمة الدولار الأميركي أكثر، وبالتالي ترفع قيمة اليوان الصيني مقابل عملات شركائها التجاريين. ويمكن أن يُقرأ تحرك الصين على أنه إشارة من البنك المركزي إلى السوق أنه يخطط لخفض قيمة العملة بشكل أكبر. وتوصّل التقرير إلى أن الصين تحتاج إلى دافع محفّز من انخفاض قيمة العملة. وقد تقلّصت الصادرات والمقاولات من أحد عشر إلى تسعة في الأشهر الأولى من هذا العام، مما اضطر بعض الشركات إلى خفض الأسعار وبالتالي خفض الأجور من أجل زيادة قدراتها التنافسية. وعلاوة على ذلك، من أجل الحفاظ على عملية ربط العملات بشكل سلس، قام البنك المركزي باستخدام احتياطيات النقد الأجنبي لشراء اليوان من البنوك، مما عمل على استنزاف السيولة من النظام المالي وأدى إلى انخفاض 10% من الاحتياطيات الأجنبية مقارنة بالعام الماضي. في غضون ذلك، يرى التحليل أنّ سعر الصرف الأكثر مرونة يتماشى مع هدف الصين على المدى الطويل لتحرير عملتها وإزالة القيود عن رأس المال. وبما أنه تم انضمام الصين الفعلي إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، فإنّ استعداد الصين للحد من ارتباط عملتها بالدولار الأميركي يعد بمثابة خطوة إلى الأمام في عملية تدويل اليوان. هذا وقد أصبحت أيضاً السياسة النقدية أقل اعتماداً على مجلس الاحتياطي الاتحادي، حيثُ إن البنك المركزي عن طريق السماح بخفض قيمة اليوان سوف يضطر للتدخل بشكل أقل في سوق الصرف الأجنبي مما يوفّر انسيابية أكثر في تخفيف السياسة النقدية الصينية. ونظراً لاختلاف السياسات بين الصين والولايات المتحدة، فإن التأثير على الاقتصاد قد يكون واضحاً. إلى هنا يرى تقرير شركة آسيا للاستثمار أنّ الإعلان عن مؤشر نظام يوان لتجارة النقد الأجنبي هو تحذير ضمني موجّه إلى الأسواق بأن البنك المركزي يخطط لخفض قيمة اليوان حيثُ تحتاج الصين إلى تعزيز قطاع التصدير الضخم دون أن تسبب إجهاداً للسوق. من خلال عدم الحاجة إلى التدخل في النقد الأجنبي، يمكن لتخفيف السياسة النقدية أن يكون لها تأثير أكبر على الاقتصاد وسيبقى هدف الصين لتدويل اليوان على المسار الصحيح. ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلاً أمام الصين قبل أن تتمكن من تحرير عملتها في حين يُعد تزعزع تدفقات رأس المال نتيجة لإزالة ضوابط رأس المال التي تشكّل خطراً كبيراً. أما في الوقت الراهن، تركّز الصين على تحفيز الاقتصاد قبل أن يتم استئناف التنفيذ التدريجي للإصلاحات. *خبير اقتصادي في شركة آسيا للاستثمار