×
محافظة جازان

عام / وكيل إمارة منطقة جازان يتلقى مشايخ وأهالي أبو عريش

صورة الخبر

لا تزال تداعيات قرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) برفع أسعار الفائدة تهيمن على الأسواق العالمية. التداعيات بطبيعة الحال امتدت إلى أسواق الذهب والمعادن في العالم، التي تأثرت بالقرار وسط توقعات من قبل المختصين بأن التأثير سيكون ملحوظا أكثر خلال الأشهر المقبلة، خاصة وسط توقعات بأن يقوم "الاحتياطي الفيدرالي" برفع أسعار الفائدة مرة أخرى في شهر آذار (مارس) المقبل. ولكن كيف تفاعل الذهب مع الخطوة الأمريكية، يقول لـ "الاقتصادية" فرانك ميلر المحلل المالي في بورصة لندن، إن قرار الأربعاء الماضي بزيادة أسعار الفائدة سيؤثر في الذهب وأشباهه من المعادن التي لا تدر دخلا، حيث ستنخفض عموما عند رفع أسعار الفائدة، ومن ثم فإن من المنطقي أن يتراجع سعر المعدن الأصفر. وأشار ميلر إلى أنه من الملاحظ أن سعر الذهب ارتفع قبل وقت قصير من إعلان الفيدرالي، حيث بلغ 1078 دولارا للأونصة، ثم تراجع في اليوم التالي للإعلان، لكنه لم ينخفض بشدة إذ بلغ 1065 دولارا للأونصة، ثم بدأ الهبوط العنيف فانخفض بنحو 16 دولارا للأونصة في البورصة خلال دقائق ليصل إلى 1049، ليرتفع لاحقا إلى 1055 ثم ينخفض ويتجمد عند سعر 1050، وهذا باختصار ما حدث للذهب في أعقاب رفع الفائدة الأمريكية، ويظل السؤال لماذا ينخفض المعدن النفيس إذا ما ارتفع الدولار؟ فيما أوضح لـ "الاقتصادية"، مارتين ديلون من اتحاد السبائك البريطانية يشرح لـ"الاقتصادية" طبيعة العلاقة بين الجانبين، أن الحديث الدائر منذ أشهر عن رفع سعر الفائدة الأمريكية كان يضغط بشدة على أسواق الذهب، والآن مع رفع الفائدة بدأت أشهر من الألم لأسعار المعدن النفيس، ودرجة الألم أي انخفاض الأسعار ستعتمد على نسبة ارتفاع الفائدة والاتجاهات المستقبلية لمعدلات الزيادة، ونحن بانتظار معرفة إلى أي مدى ستؤثر زيادة الفائدة المصرفية في الولايات المتحدة على قوة الدولار. وأضاف ديلون أن الذهب لا يوجد له فائدة صناعية تذكر ولا يحقق عوائد شهرية أو أسبوعية، وهذا يجعله أقل قدرة في المنافسة في مواجهة الودائع المصرفية الدولارية ذات العائد، وهذا تحديدا ما يدفع المختصين إلى توقع تراجع شديد في أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة ليس فقط لانخفاض الطلب، وإنما لسعي الكثير من الحائزين على المعدن النفيس على التخلص منه لتقلص قيمته السعرية، ولأنهم سيكونون في وضع مادي أفضل، إذ تخلصوا من الذهب واستثمروا قيمته في العملة الأمريكية. ويتوقع عدد كبير من تجار المعدن النفيس في لندن تراجع السعر إلى أقل من 1000 دولار للأونصة قبل نهاية العام الجاري، وإذا كان الذهب قد خسر 9 في المائة من قيمته خلال الأشهر الستة الماضية، فإنه لم يكن المعدن الوحيد الذي تعرض للخسارة. ويشير لـ "الاقتصادية"، تريسي تشيرش المضاربة على المعادن في سوق لندن، إلى أن هذا الأسبوع يعد أكثر أهمية لسوق المعادن الصناعية منه على الذهب والفضة، فالتحركات في أسعار الدولار ارتفاعا تعد عاملا حاسما في تحديد أسعار النحاس والزنك وغيرهما من المعادن الصناعية الرئيسة، فارتفاع الدولار يضعف الطلب على المعادن، ويخفض عوائد البلدان المنتجة خاصة ذات العملات المتردية. وتضيف تشيرش أن المشكلة هي أن هذا الوضع يترافق مع انخفاض الطلب الصيني حاليا على معظم المعادن تقريبا، متوقعة أن نشهد أوضاعا صعبة في سوق المعادن خلال العام المقبل". ورغم أن أغلب الآراء السائدة في سوق المعادن والذهب تؤكد تراجع الأسعار خلال الأشهر المقبلة، إلا أن بعض المختصين يشككون في أن يؤدي الانخفاض السعري إلى انهيار في الأسواق، والسبب في ذلك محدودية الزيادة في سعر الفائدة الأمريكية، إضافة إلى تعهد الفيدرالي الأمريكي بأنها ستكون تدريجية، كما أن الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة قد شهدت تحذيرات متتالية من الفيدرالي بأنه يستعد لرفع الفائدة، ومنح ذلك الأسواق فرصة لضبط أوضاعها والاستعداد لقرار الفيدرالي الذي لم يأت مفاجئا وفقا لأي معيار من المعايير. لكن قوة الفيدرالي الأمريكي لا تنبع في حقيقة الأمر في تأثير قرارته في أسواق العملات أو الذهب أو المعادن أو حتى العملات الأخرى، إنما تنبع مما يصفه الدكتور روي ليتل أستاذ النقود والبنوك السابق في مدرسة لندن للاقتصاد، من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لعب دور البنك المركزي لكل البنوك المركزية في العالم، فما يتخذه من قرار يؤثر في الجميع، وعلى كل البنوك المركزية في العالم اتباع التعليمات وضبط أوضاعها وفقا لتوجهاته وسياسته المالية والنقدية. ويعد هذا وضعا فريدا من نوعه لا يمتلكه أي بنك مركزي آخر في العالم، حتى إن كان البنك المركزي الصيني أو البريطاني أو الألماني أو حتى المصرف المركزي الأوروبي، وبمقدار ما يمنحه تبوأ هذا المركز من مكانة استثنائية للبنك المركزي والدولار، فإنه يؤدي إلى علاقة فريدة بين عدد من البنوك المركزية العربية والفيدرالي الأمريكي تجلت في قيام البنوك المركزية في البلدان الخليجية برفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بمجرد إقدام الفيدرالي على ذلك. ويقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور كيفن هربر أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كامبريدج، إن السبب الرئيس في إقدام البلدان الخليجية على تلك الخطوة الارتباط القائم بين عملتها المحلية والدولار، ولا شك أن تلك الخطوة تحافظ على التوازن القائم بين العملات المحلية والدولار". ويضيف هربر أن التحدي الأكبر الذي سيواجه الاقتصادات الناشئة في الفترة المقبلة، هو أن هناك تخوفا من انسحاب الاستثمارات الأجنبية منها والتوجه إلى الولايات المتحدة للاستثمار هناك في شكل ودائع مصرفية نظرا لارتفاع قيمة الدولار. لكن البلدان الخليجية لم تكن فريدة في موقفها فهونج كونج سارت على المنوال نفسه لارتباط عملتها بالدولار أيضا، ورفعت سعر الفائدة بنسبة ربع نقطة مئوية ليصل حاليا إلى 0.75 في المائة. إلا أن بعض البنوك المركزية غردت خارج السرب وفي مقدمتها فيتنام وتايوان اللتان خفضتا سعر الفائدة لديهما، وقد اعتبر عديد من المختصين تلك الخطوة غريبة بعض الشيء لكن محافظي البنوك المركزية في هذين البلدان بررا خطوتهما بأن الظروف الاقتصادية العالمية صعبة، وأن خفض الدولار يعني خفض قيمة العملة المحلية ومن ثم زيادة الصادرات. آخرون فضلوا إبقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم تغيير أسعار الفائدة، من منطلق أن هذه الخطوة ستعني عمليا تراجع قيمة عملتهما المحلية من جراء ارتفاع الدولار، ومن ثم زيادة الصادرات وهو ما فعلته إندونيسيا والفلبين. فيما فضل آخرون التمهل والتريث مع وعد بزيادة أسعار الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة بعد دراسة تطورات الأوضاع الدولية، وهذا تحديدا ما صرح به محافظ البنك المركزي النرويجي. ولكن ماذا عن اللاعبين الكبار مثل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والمركزي الصيني والياباني؟ تشير التصريحات الصادرة من محافظ بنك إنجلترا أحد أقوى البنوك المركزية في العالم إلى أنه لن يقدم على رفع سعر الفائدة الراهنة قبل حلول الربع الثاني من العام المقبل، لضمان أن معدل النمو المحقق اقتصاديا حاليا وهو 2.5 في المائة من القوة ويعبر عن توسع الاقتصاد، بينما سارت البنوك المركزية الأخرى أيضا على منوال بنك إنجلترا ولم تحدث تغيرا في سياستها النقدية. وأشار لـ "الاقتصادية"، هاملي جري الباحث الاقتصادي إلى أن البنوك المركزية ليست ملزمة بالسير قدما على خطى الفيدرالي الأمريكي، فظروفها وأوضاعها الاقتصادية ربما لا تستدعي القيام بتلك الخطوة في الوقت الراهن، التي ربما يكون لها نتائج عكسية، لكن الأمر المؤكد أنه إذا واصل الفيدرالي الأمريكي زيادة الفائدة ثلاث أو أربع مرات خلال العام المقبل، فسيكون من الصعب على تلك البنوك المركزية إبقاء أسعار الفائدة لديها دون تغيير.