×
محافظة المنطقة الشرقية

في عناد التسامح

صورة الخبر

على مدى الأسبوعين الماضيين اضطررت لخوض تجربة في غاية الصعوبة مع إحدى شركات الاتصالات وكانت عبارة عن «سباق ماراثون» إجباري يختلف عن الماراثونات الرياضية ويمكن أن يخوضه أي مشترك «عادي» مثلي، التجربة أكدت لي صحة ما يتردد عن فوضى واستهتار بعض مزودي خدمات الاتصالات الذين لم يصلوا لهذا المستوى من اللامبالاة واستفزاز العملاء لولا تراخي المنظومة الإشرافية، وهشاشة المحاسبة والجزاءات، ومحدوية المنافسة في بيئة شبه احتكارية.. الأسطر التالية تحمل ملخصا لتلك التجربة المريرة لعلها تسهم في تحسين خدمات هذا القطاع الحيوي. بدأ الموقف باستلامي رسالة نصية من الشركة التي أتعامل معها تفيد بصدور فاتورة هاتفي، ولأنني عميل ملتزم وأحرص على الوفاء بحقوق الغير لدي بقدر حرصي على نيل حقوقي، بادرت فورا بسداد الفاتورة عبر الهاتف المصرفي للبنك الذي أتعامل معه وليتني لم أفعل! حيث لم تمض سوى أيام حتى أفاجأ برسالة ثانية تشعرني بصدور فاتورة هاتفي ولكن بمبلغ يقل هذه المرة عن قيمة الفاتورة السابقة المسددة!. بادرت بالاتصال على الشركة، وبعد انتظار طويل واستماع قسري لإعلانات مملة ترفع ضغط الدم والكولسترول، اعترف لي الموظف على «مضض» بأنهم ارتكبوا خطأ «بسيطا» حينما أبلغوني بصدور الفاتورة التي قمت بسدادها وهي لا تخصني، لذلك طلبت منه تصحيح خطئهم بما يعرف محاسبيا بعكس القيد لاسترجاع المبلغ الذي دفعته، ومن ثم استخدامه لسداد فاتورتي الفعلية التي يقل مبلغها عن الفاتورة الأولى. وعدني موظف الشركة بحل هذه الإشكالية خلال ٢٤ ساعة فقط، لم تفِ الشركة بالتزامها رغم تكرار الاتصال بها، وقد صور لي خيالي الجامح بأن الشركة ستحتفي بي، وستعتذر لي، بل وربما تعوضني عن الخطأ غير المقصود!، وعندما لم يحدث ذلك، غضبت، وقمت بتقديم شكوى للشركة لدى رقم شكاوى العملاء، وكذلك عبر حسابهم على تويتر والذي لم تختلف ردة فعل موظفيه وتقاعسهم، عن ردود زملائهم بل إنهم زادوا عليهم باشتراطهم قيامي شخصيا بزيارة أحد مكاتب الشركة!. ولم تنفع كل تطبيقات العلاقات العامة أو المصطلحات الدبلوماسية التي استخدمتها عند حديثي مع موظفي الشركة لإقناعهم بحل المشكلة «هاتفيا» وبدون تكبيدي أية مشقة إضافية، حيث أصروا على أن أنظمة الشركة صارمة في هذا الصدد ولا يمكن تغييرها من أجلي لذلك لا بد من حضوري!، عزمت أمري، وتوكلت على الله، وخرجت من منزلي في يوم إجازتي الأسبوعيه، وتوجهت لأحد المكاتب الكبرى للشركة إلا أنني وجدته مغلقا بدعوى الجرد السنوي وفقا للإعلان المعلق على الباب!. وتحت وطأة دخلي المحدود؛ لم أيأس بل توجهت لمكتب آخر للشركة يبعد عن الأول مسافة تكاد تقترب من مسافة الجمع والقصر!، كانت المفاجأة هذه المرة أنه رغم أن المكتب مفتوح، إلا أنه مخصص لخدمة أخرى، وللأمانة التاريخية، أقر بأن الموظف كان لطيفا معي بما يكفي لإرشادي لعنوان مكتب ثالث على بعد أكثر من 10 كيلومترات حيث وجدته مغلقا ولا يعمل سوى خلال أيام العمل الرسمية!، وعندما راجعته عصر اليوم التالي وانتظرت دوري لأكثر من ساعتين، أبلغوني بأنه يتعين علي الحضور في الفترة الصباحية!، وعندما عدت باكرا، طلبوا مني إحضار كشف حساب مصرفي يؤكد سدادي للفاتورة الخطأ!. بعد أن وصلت لمرحلة اليأس من حل هذا الماراثون المستفز، اتخذت قرارا خطيرا باللجوء للسلطة المنظمة للقطاع فحاولت تقديم شكواي على موقع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، خذلني الموقع بطلبه إرسال الشكوى إلى الشركة المعنية أولا ثم الانتظار لمدة 15 يوما قبل أن يحق لي التقدم بشكواي للهيئة!، وحينئذ، ربما تكون جميع الخدمات قد تم فصلها عن هاتفي. ختاما، فرغم تفاؤلي الدائم إلا أنني أعتقد أن أوضاع خدمات الاتصالات لدينا ستظل في هذا التخبط لأن من أمِن العقوبة، أساء... الخدمة!، وسيظل المبلغ الداخل في حساباتهم مفقودا حتى تفيق إدارات هذه الشركات تحت وطأة منافسة شرسة، أو إلى أن يتحرك المنظم ويقوم بدوره المفترض ؛ لإنصاف العاديين.. أمثالي!.