رحبت مصر أمس بنجاح ممثلي الشعب الليبي في التوقيع على الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية تحت رعاية الأمم المتحدة، إذ أكدت الخارجية المصرية في بيان لها دعمها الكامل لهذا المسار الذي استمر قرابة عام كامل، والذي تضمن جهدًا شاقًا وتضحيات قدمتها جميع الأطراف الليبية المشاركة فيه، وصولاً إلى اتفاق يحقق المصلحة العليا للشعب الليبي. واعتبرت مصر أن التوقيع على الاتفاق السياسي، وتشكيل المجلس الرئاسي الليبي المنبثق عنه، خطوة رئيسية على مسار استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي في إعادة بناء دولته وحماية وحدتها، كما أنه يمثل خطوة هامة لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب بشكل متكامل وفعال، وبدعم من المجتمع الدولي، فضلاً عن توفير الاحتياجات الأساسية ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الليبي. وكان السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية المصري قد ترأس وفد بلاده في مراسم توقيع الاتفاق. وفي ليبيا قال محمود عبد العزيز، عضو المؤتمر الوطني العام، البرلمان غير المعترف به دوليا في طرابلس، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا ندري كيف سيتم الأمر، لكن هذه الخطوة ستزيد بالتأكيد تعقيد المشهد الليبي». وأضاف عبد العزيز الرافض لخطوة التوقيع على الاتفاق السياسي: «في ليبيا حكومتان، وبرلمانان، ونسختان من كل مؤسسة رسمية. واليوم قد تصبح لدينا حكومة ثالثة بدل أن تتوحد السلطتان المتنازعتان». وعشية التوقيع على الاتفاق، قال رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين إن «الموضوع الجوهري هو أن ما بني على باطل هو باطل»، مضيفا أنه «لم يمنح أي تفويض من المؤتمر الوطني بالتوقيع، سواء بالأحرف الأولى، أو بالتوقيع النهائي، أو بعقد اتفاقيات، ولذا فإن الأمر يبقى دائما خارج إطار الشرعية». وأكد أبو سهمين وعقيلة صالح رئيس البرلمان المعترف به دوليا في مؤتمر صحافي أعقب لقاءهما في فاليتا أن الموقعين على اتفاق الأمم المتحدة لا يمثلون البرلمان المعترف به، أو المؤتمر العام، وأنهم يوقعون عليه بصفتهم الشخصية، معلنين عن تبنيهما لاتفاق ليبي - ليبي ينص أيضًا على تشكيل حكومة وحدة وطنية بحلول نهاية العام، لكن من دون وساطة الأمم المتحدة. وبينما أيدت بعض الكتائب المسلحة في ليبيا الاتفاق، تتحالف كتائب أخرى مع القادة السياسيين الذين يعارضونه. وفي هذا الشأن قال أحد المفاوضين الليبيين عن الحكومة المتمركزة في الشرق إن التحدي الأكبر الآن هو في تنفيذ الاتفاق. وفي لندن، قال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في بيان: «هذا الاتفاق يتيح للمجتمع الدولي أن يتعامل مع حكومة واحدة موحدة»، بينما دعت وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني الأطراف الليبية التي تعارض الاتفاق إلى «الانضمام» إلى الذين وقعوا عليه، معتبرا أنه يمثل «نقطة انطلاق». ورحب الاتحاد الأوروبي بتوقيع الأطراف الليبية في الصخيرات على اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث قالت فيدريكا موغيريني إن التوصل إلى اتفاق برعاية الأمم المتحدة يعني أن الدبلوماسية الدولية والأوروبية والإيطالية قد نجحت في تحقيق نتائج إيجابية، مؤكدة أن «التوقيع على الاتفاقية هو بداية، ولكن الطريق لا يزال صعبا أمام تحقيق السلام في ليبيا»، مشددة القول على أن الاتحاد ملتزم بتقديم الدعم المالي لليبيا بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية. إلى ذلك، رأى مراقبون أوروبيون على دراية بالشأن الليبي أن نجاح اتفاق الصخيرات مرتبط بمدى التزام من وقع عليه، وبرد فعل الأطراف الغائبة عن هذا التوقيع، كما يواجه نجاح هذا الاتفاق عدة عقبات، أبرزها أنه لم يقدم حلولاً واضحة لكثير من إشكاليات الوضع الليبي، خصوصا لجهة مصير الميليشيات وأدوار الأطراف الإقليمية، فـ«هناك من هذه الأطراف من حضر وهناك من غاب، ومن هنا لا يمكن التكهن بإمكانية ما قد يحدث مستقبلاً»، حسب رأيهم. وجدد الاتحاد الأوروبي وإيطاليا، بشكل خاص، الدعوات في أكثر من مناسبة سابقة إلى تسريع تشكيل حكومة الوفاق، تكون بمثابة محاور يمثل الشعب الليبي، يمكن الاعتماد عليه بشأن إعادة الاستقرار في البلاد، ومحاربة الإرهاب، وضبط تجارة السلاح، وتدفق المهاجرين.