عواصم وكالات اختارت المعارضة السورية رئيس الوزراء السابق، رياض حجاب، منسِّقاً لفريقٍ يُتوقَّع خوضُه مفاوضاتٍ مع النظام برعايةٍ دوليةٍ، فيما نفت فصائل مسلحة مناهضة لبشار الأسد تلقيها دعماً جويَّاً من روسيا، في وقتٍ كشفت باريس عن زيارةٍ مرتقبةٍ لوزير الدفاع الفرنسي إلى موسكو لتعزيز التنسيق ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. وأفاد مصدرٌ في أوساط المعارضة، التي اجتمعت قبل أسبوعٍ في الرياض، بانتخاب رياض حجاب منسقاً للفريق التفاوضي بأغلبية 24 صوتاً من أصل 34 هم أعضاء الفريق. ويُفترَض بدء المفاوضات في يناير المقبل، وفقاً لمقرَّرات اجتماع فيينا الذي عُقِدَ منذ أسابيع. وحجاب، الذي انشقَّ في عام 2012، جزءٌ من التيار الرئيس للمعارضة المطالب برحيل الأسد مع بدء أي مرحلة انتقالية. في غضون ذلك؛ أكدت فصائل مقاتِلة مناهضة للنظام وغير مصنَّفة إرهابية عدم تلقيها أي دعمٍ من موسكو بعد ساعاتٍ على تصريحاتٍ للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تحدث خلالها عن تأمين بلاده غطاءً جويَّاً لتلك المجموعات في مواجهة تنظيم «داعش». وذكَّر عضو المكتب السياسي للفرقة الشمالية، أسعد حنا، بـ «صدور عدَّة بيانات، فضلاً عن مداخلات تليفزيونية، لقادةٍ في فرقٍ تابعةٍ للجيش الحر تنفي هذه التصريحات (الصادرة عن بوتين) جملةً وتفصيلاً». والفرقة الشمالية مجموعة مسلحة معتدلة تتمركز في محافظتي إدلب وحماة. في الوقت نفسه؛ شدَّد المتحدث باسم الفرقة 13، أحمد السعود، على عدم وجود «علاقة بيننا وبينهم (الروس)». والفرقة 13 مجموعة مُعارِضة متمركزة في إدلب. ويأتي هذا النفي بعد ساعاتٍ على تصريحاتٍ لبوتين قال خلالها إن الحملة الجوية لبلاده في سوريا تدعم الفصائل المقاتلة في مكافحة الإرهاب مثلما تدعم الجيش النظامي. وبدأت الحملة في 30 سبتمبر الماضي. وكان بوتين أفاد الأسبوع الماضي بدعم بلاده حوالي 5 آلاف عنصر من الجيش الحر بالسلاح والغطاء الجوي. في المقابل؛ نفى رئيس هيئة أركان الجيش الحر، العميد أحمد بري، صحة التصريحات الروسية حول تقديم مساعداتٍ بالأسلحة، واصفاً إياها بأنها «لا أساس لها من الصحة». ونقل بيانٌ للائتلاف السوري المعارض عن بري قوله إن «الروس يقدمون المساعدة لمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي»، في إشارةٍ إلى وحدات حماية الشعب الكردية التي تخوض معارك عنيفة ضد «داعش». وتحدث بري عن «مروحيتين روسيتين هبطتا الثلاثاء الماضي في منطقة عفرين في ريف حلب (شمال)، حيث قدَّمتا المعدات والدعم اللوجستي لمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي»، مضيفاً «هذه ليست المرة الأولى». ميدانيّاً؛ قُتِلَ عنصران من قوات الدفاع الوطني الموالية للنظام في اشتباكاتٍ مع الأكراد في مدينة القامشلي (شمال شرق) «لتتصاعد حالة التوتر بين الطرفين المستمرة منذ يومين» وفق مصادر أمنية وكردية. ونسبت قوات الأمن الكردية، المعروفة بـ «الأسايش»، إلى إحدى دوريات الدفاع الوطني الهجوم على إحدى دوريات «الأسايش» في «الساعة العاشرة والربع مساء الأربعاء في القامشلي، ما أدى إلى حدوث اشتباكات قُتِلَ على إثرها عنصران من ميليشيا الدفاع الوطني». وشَهِدَت القامشلي، التابعة لمحافظة الحسكة «شمال شرق»، حالةً من التوتر بين قوات النظام وقوات كردية أمس الأول تخلَّلها تبادلٌ لإطلاق النار في حادثةٍ نادرة بين الطرفين اللذين يتقاسمان السيطرة على المدينة. وأقرَّ مصدر أمني تابع للنظام في مدينة الحسكة، عاصمة المحافظة، بمقتل عنصرين من قوات الدفاع الوطني، في وقتٍ لفتت «الأسايش» في بيانٍ لها إلى استمرار التوتر. وكان صحفي في القامشلي وصف التوتر الذي تعيشه المدينة منذ مساء الثلاثاء بـ «الأبرز بين الطرفين»، متحدثاً عن اتخاذ «الأسايش» إجراءات أمنية مشددة وإقامتها حواجز في الشوارع. واندلعت الأزمة بعد اعتداء عنصر من قوات النظام وهو ثمل على سيارة تابعة لقوات الأمن الكردية، وفق ما أوردته «الأسايش» في بيانها. وتعد ميليشيا الدفاع الوطني من أكبر المجموعات المسلحة الموالية لجيش الأسد. وبعد خوضها اشتباكاتٍ مع الأكراد؛ تعرض عددٌ من المنتمين إليها للاعتقال، فيما احتجزت قوات النظام عناصر أمنية كردية. وإجمالاً؛ انسحبت قوات النظام تدريجيّاً من المناطق ذات الغالبية الكردية مع اتساع رقعة النزاع عام 2012، لكنها احتفظت بمقار حكومية وإدارية وبعض القوات لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي. ويعاني سكان تلك المناطق من ازدواجية السلطة بين الأكراد والنظام، ويفرض الطرفان على سبيل المثال الخدمة العسكرية الإلزامية على الشبان. وأبلغ مصدر أمني في القامشلي عن تدخل «بعض الشخصيات المسيحية في محاولة لفض الخلاف». في سياقٍ آخر؛ قررت حكومة الأسد إعادة فرض تأشيرات دخول على الأتراك مُلغِيةً اتفاقاً يعود إلى عام 2009، وفق بيانٍ لوزارة الخارجية السورية. وربطت الوزارة القرار بـ «مبدأ المعاملة بالمثل» رداً على «قيام الحكومة التركية في 9 ديسمبر الجاري بإلغاء اتفاقية الإعفاء المتبادل من السِمات المُوقَّعة بين البلدين»، مبيِّنةً أنه لم يعد مسموحاً للمواطنين الأتراك دخول سوريا دون تأشيرة. ورداً على سؤالٍ صحفي؛ نفى متحدث باسم وزارة الخارجية التركية إدخال أي تغيير في سياسة التأشيرات المتَّبعة تجاه السوريين. وتشير الوزارة على موقعها الإلكتروني إلى «المواطنين السوريين» باعتبارهم «مُعفَونَ من تأشيرات الدخول لمدة تتراوح بين 90 يوماً إلى 6 أشهر». وقطعت أنقرة علاقاتها مع دمشق منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري في مارس 2011. ويتخذ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من مدينة إسطنبول مقرَّاً له. وعلى صعيدٍ مختلف؛ قرر وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، زيارة موسكو الأحد والإثنين للتحدث عن «تنسيق» في محاربة تنظيم «داعش» في سوريا. وأبلغ المتحدث باسم وزارة الدفاع الفرنسية، بيار بايل، عن «زيارة لو دريان روسيا في 20 و21 ديسمبر للبحث في سبل التنسيق لمحاربة داعش»، لافتاً إلى كون ذلك «يندرج في إطار الجهود الدولية الرامية لتعزيز التحالف ضد التنظيم الإرهابي». وبعد سلسلة اعتداءات باريس وحادث إسقاط طائرة روسية في مصر وإعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عنهما؛ اتفق الرئيسان الفرنسي، فرانسوا هولاند، والروسي، فلاديمير بوتين، في نوفمبر الفائت على إطلاق تعاونٍ بين جيشيهما المشاركين في عمليات عسكرية في سوريا ضد المتطرفين. وحتى الآن؛ كان التنسيق رمزيّاً دون أن يُترجَم بوضوح أو فعليّاً على الأرض.