يعرّفها البعض برقصة "الرعب"، وهي نوع من أنواع التراث الشعبي التي تشتهر بها القبائل والعشائر البدوية في الأردن، ومناطق البادية في سوريا والعراق وفلسطين، وفي بعض دول الخليج مثل السعودية والكويت منذ مئات السنين. ومن منّا لا يعرف "الدحيّة"، الرقصة البدوية الأصيلة، والتي تعتبر لعبة حربية بالإضافة لكونها رقصة جماعية، يردد فيها الرجال أهازيج تشبه أصوات زئير الأسود وهدير الإبل. اقرأ أيضاَ.."غوغل ستريت فيو" في البتراء و40 موقعا في الأردن وتعتبر الدحيّة من الألعاب الحربية لأنها تبث الرعب في قلوب الأعداء أثناء الحرب. وتعني كلمة "الدحيّة" القصيد، أي الشعر الشعبي البدوي، وتتميز بأنها أسلوب من الفنون التراثية الفريدة لاحتوائها على عناصر عديدة أخرى كالرقص ويسمّى الراقص بـ "الحاشي" واللعب، والشعر الارتجالي أو ما يسمّى بـ "المصنّع"، وتأدية حركات فريدة. ويذكر، أنّ المرأة البدوية في الأردن كانت تؤدي الرقصة في الدحية وتسمى "حاشية" ، ولكن تلاشى دور الراقصة "الحاشية" حيث أصبح شبه منقرض في الوقت الحاضر ليقتصر على الرجال لأنّ رقص الحاشي عنصر أساسي في فن الدحية. ويعد ارتداء الزي البدوي، وهو العباءة البدوية الأصيلة أثناء تأدية الدحية ركن أساسي للمحافظة على ملامح هذا الموروث. اقرأ أيضاَ..تعرف إلى أغرب صرعات الموضة من الشوارع الشعبية حول العالم ويصطف الرجال في لعبة "الدحية" على شكل نصف دائرة، ويقف الشاعر في المنتصف ثم يبدأ بارتجال القصيد في موضوعات مختلفة كالفخر، والمدح، والغزل، أو المبارزة الشعرية مع شاعر آخر، وبعد كل بيت شعر يردد المصطفين بقولهم "هلا ...هلابه ،،،،، ليا حليفي يا ولد"، وأثناء الترديد يتعين على الشاعر أن يرتجل وينظم بيت شعر في أقل من عشرين ثانية، ولهذا يعتبر شعر "الدحية من أصعب أنواع الشعر. وأثناء لعب الدحية، يرقص الحاشي بالسيف أو العصا أمام المصطفين مع شخص آخر أو مع الشاعر، وبعد الانتهاء من بيت الشعر تبدأ "الدحّة" وهي إصدار أصوات تشبه هدير الإبل أو زئير الأسود حيث تبدأ خفيفة مع تصفيق متقطع ثم يزداد الحماس والصوت والتصفيق. اقرأ أيضاَ..هل تخفي موناليزا شيئاً وراء ابتسامتها؟ الكشف عن رسوم "مخفية" في إحدى أشهر لوحات العالم ويرى رائد غريب، مستشار في قضايا الشباب ومدرب في برنامج إيراسموس بلس الأوروبي، بالأردن أنّ "الشباب يشعرون بحاجة للتواصل مع تراث أجدادهم في الوقت الذي يتواصلون فيه مع ثقافات اخرى، ولذلك يصرّون على التفاعل في رقص الدحية رغم عدم معرفتهم بالشعر المغنّى ويقومون أحياناً بأداء حركات قريبة لأنواع الرقص في ثقافات اخرى،" مشيراً إلى أنه "تمّ حديثاً إدخال آلات موسيقية غربية للدحية لمواكبة العصر، وكان هذا الادماج ناجح جداً لدرجة تأثير السحر على مستمعيه، ولاحظت ذلك أثناء التدريب في البرنامج الاوروبي حيث يشترك شباب من دول مختلفة في رقص الدحية." وأوضح خالد خوالدة، رئيس الشبكة العربية للمجتمعات الرعوية في محافظة الطفيلة بالأردن، أنّ "من المهم الحفاظ على الأركان الأساسية للعبة (الرقصة) مع الاهتمام بتطوير مواضيعها لتشمل مشاهد من حياتنا المعاصرة، وتنوع الحركات فيها واعتمادها في الأساس على الإرتجال،" مضيفاً أنّ "الدحية منفتحة أكثر على التطور والتناغم مع العصر والتطويع لتناسب الأجيال الشابة وأذواقهم، حتى تكون طريقة أصيلة في التعبير عن حاضرهم." اقرأ أيضاَ..لطيف العاني..يؤرخ العراق بعدسته قبل نظام صدام وحرب الخليج وداعش ويؤكد الخوالدة أن الدحية يمكن أن تلتقي إلى حد بعيد بغناء الراب بل يمكننا تسميتها بـ "الراب البدوي" لإعتمادها على خلط وتطويع النثر والشعر لينسجم مع لحن معين، دونما اهتمام بالشعر واعتماده على الكلمة معنى ولحن وليس على "المغني" إلا أنها لا تعتمد على الآلات الموسيقية بل تكتفي بالأداء الصوتي للفريق." اقرأ أيضاَ..الخميسة.. تعويذة للحماية من الحسد وقطعة من الحلي تتزين بها المرأة المغربية ويرى الخوالدة أنّ "تعميم الدحية ونشرها بين الشباب سيجد صدى إيجابي وخصوصاً إذا دُمجت مع بعض الفنون العصرية، مضيفاً: "أرى تفاعل الأجنبي مع الدحية إشارة الى إنسجامها مع العصر وسهولة فهم موسيقاها وقربها من الموسيقى المعاصرة."