طالبت الحكومة العراقية، أمس، تركيا بسحب «كامل» القوات التي نشرتها في العراق دون موافقة بغداد، لتعبر بذلك عن عدم رضاها على الانسحاب الجزئي لهذه القوات الذي تم أول من أمس. وقال بيان لرئاسة الوزراء إن «مجلس الوزراء ناقش الأزمة مع تركيا، وجدد موقفه الثابت بضرورة استجابة الجارة تركيا لطلب العراق بالانسحاب الكامل من الأراضي العراقية واحترام سيادته الوطنية». واطلعت الحكومة على «الطلب الموجه من العراق لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الشكوى المقدمة عن انتهاك السيادة، ولاتخاذ قرار يطالب تركيا بالانسحاب الفوري من الأراضي العراقية، والإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرار هذا التجاوز». كما كشف مصدر لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو موقعه، أنه «تم ترتيب رسمي سري بين بغداد وأنقرة على الانسحاب الجزئي للقوات التركية من معسكر الزيلكاني بالقرب من بعشيقة»، وتابع المصدر أنه «تم بترتيب بين مستشارية الأمن الوطني العراقي ومسؤول الاستخبارات التركية الذي زار العراق مؤخرا مع وكيل وزارة الخارجية، على الانسحاب الجزئي للقوات التركية من معسكر (الزيلكاني)»، مشيرا إلى أن «الاتفاق الذي أبرم يقضي بخروج هذه القوة مع بقاء حماية عددهم أربعة لكل مدرب مع بقاء قوة صغيرة، حيث تم سحب 15 دبابة من 20 دبابة، وبقيت 5 دبابات، و15 مدرعة من بين 25 مدرعة، وهو ما يعني بقاء 10 مدرعات مع أسلحة خفيفة ومتوسطة لحماية المدربين». من جانبه، عبر محافظ نينوى المقال أثيل النجيفي عن استغرابه لقيام تركيا «بانتهاك السيادة العراقية، بينما العلم الذي يرفرف على ناحية بعشيقة، قبالة القوات التركية التي دخلت، هو علم تنظيم (داعش) وليس العلم العراقي». وحول إعلان العراق عبر مجلس الوزراء ضرورة قيام مجلس الأمن بسحب القوات التركية، قال المصدر المطلع إن «هذا أمر طبيعي، وهو ربما محاكاة للجمهور الذي بدا موقفه إيجابيا، وهو يرى انسحابا تركيا حتى وإن كان جزئيا» مبينا أن «التصعيد الإعلامي والسياسي إنما كان لأجندة روسية - إيرانية في هذا الوقت بالذات، لأنه من حيث الواقع، فإن القوة الموجودة يجري استبدالها بشكل روتيني كل شهرين تقريبا دون أن تثير حفيظ أحد». وأوضح المصدر المطلع أن «العراق مثلما هو معروف نصفه إيراني ونصفه الآخر أميركي، وبالتالي، فإن من صعد هو النصف الإيراني، بينما من أدار دفة الأزمة سياسيا هو النصف الأميركي»، وأضاف المصدر: «كان لكل من رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ووزير النفط عادل عبد المهدي، دور في تهدئة الأجواء». من جهته، كشف محافظ نينوى المقال وقائد «الحشد الوطني» في الموصل أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» إن «وزير الدفاع خالد العبيدي كان قد زار المعسكر الخاص بالتدريب الشهر الماضي، ورأى القوة التركية التي كانت موجودة أصلا»، وتابع: «ولم يقل شيئا لأنها قوة تتعلق أصلا بحماية المدربين، لكن بعد أربعة أيام من زيارة العبيدي دخلت قوة تركية إضافية وذلك بناء على تهديدات من قبل تنظيم (داعش) وحزب العمال الكردستاني». وأضاف: «وذلك خلال الأحد الماضي، وهي القوة التي حصلت الأزمة بسببها، علما بأنه كان بالإمكان التفاهم بشأن هذا الأمر مع الأتراك بطريقة مختلفة دون تصعيد إعلامي لم يكن موفقا، لا سيما أنه بلغ حد حرق الأعلام التركية». وقال النجيفي إن «تصرف الحكومة وأوساط سياسية كثيرة كان خاطئا بصدد ذلك خصوصا، والقوة التركية كانت تهدف إلى المشاركة في الحرب ضد تنظيم داعش»، مبينا أن «الحديث عن السيادة في هذه القضية يفتقر إلى المصداقية، «لأن العلم الذي كان يرفرف على ناحية بعشيقة قبالة القوة التركية لم يكن العلم العراقي، بل كان علم تنظيم داعش، حيث إن التنظيم هو من يحتل بعشيقة فضلا عن الموصل، وبالتالي فإنه كان على الحكومة تشجيع الأتراك للإسهام أكثر في مجال محاربة (داعش)». وبشأن المعسكر الذي يتولى الأتراك تدريبه، والذي يتولى النجيفي الإشراف عليه، قال النجيفي إن «المعسكر بات الآن في وضع جيد من حيث التدريب والتجهيز والتسليح مما يمكننا كقوة محلية من القيام بدور مهم في تحرير الموصل بالتنسيق مع التحالف الدولي».