لم يكن النجاح سهلاً ولا متوقعاً، لأن الشروط والعراقيل التي وُضِعت أمام المرشحة، في أول تجربة انتخابية على مستوى المجالس المحلية، تشارك فيها المرأة، كانت كافية لاعاقتها عن الحصول على مقعد واحد، إلا أنها استطاعت أن تنافس وتنجح، صحيح العدد قليل جداً وكان يمكن أن يكون الضعف لو أن لجنة الانتخابات البلدية بذلت مجهوداً أكبر لتوعية المجتمع بأهمية المجالس المحلية ودورها في تنمية المجتمع المحلي والتخفيف عن المواطن في مواجهة أخطاء وإهمال وتهميش البلديات لبعض الأحياء أو الخدمات إلا أنها للأسف لم تفعل. المجالس المحلية ليست وجاهة اجتماعية أو تحقيق مصالح شخصية، بل خدمة متواصلة لأبناء الدائرة الانتخابية، من أدلى بصوته ومن لم يدلِ، لأن مرشح الدائرة يصبح مسؤولاً أمام مجتمع دائرته عن تطوير الأحياء واستكمال الخدمات بالإضافة الى المهام الأخرى الخاصة بالمراقبة والمتابعة وإقرار المشاريع، لكن المهمة الأولى هي العمل على تطوير الأحياء الواقعة في الدائرة الانتخابية وخدمة المجتمع السكاني بما يدخل ضمن الاختصاصات الممنوحة وهي موجودة في لائحة المجالس البلدية ،وأتمنى أن يهتم كل مواطن بقراءتها قراءة واعية ليدرك مسؤوليته كمواطن وواجبات عضو المجلس البلدي المرشح عن دائرته. عندما التقينا بعضوات المجالس البلدية في الأردن – بعضهن قدمن من الأقاليم الشمالية والجنوبية لنقل تجربتهن لنا في الترشح والعمل في المجالس المحلية في مناطق قبلية محافظة لا تختلف عن مجتمعنا، منهن كبيرات السن، خدمن أبناء دوائرهن في كل شأن، حباً وامتناناً لأبناء دوائرهن الذين دعموهن بالصوت، بعضهن لم ينفقن مبالغ مالية كبيرة اعتمدن على مؤازرة مجتمع دوائرهن لما قدمنه لهم من قبل أن تخطر فكرة الترشح للمجلس البلدي على بالهن، كالعمل الخيري، تأسيس جمعية لتأهيل الفقيرات مثلا، أو عمل مجموعات لمحو الأمية بجهود فردية، . تبني فكرة الترشح والنجاح بأقل مجهود لا قبلي أو عشائري، نتيجة للخدمات والحب ومعرفة نفسية وشخصية المرشح، هذا هناك في المجتمعات التي سبقتنا في التجربة، والمرأة لا تجد أمامها طوقاً من الممنوعات والغرامات يعيقها ويمثل ضغطاً نفسياً يلازمها، بل تتحرك في مجتمعها أو دائرتها بحرية وجدية تخدم هذا وتساعد ذاك فتحصد المزيد من الحب والتأييد لتفوز بالتزكية في الدورات التالية دون أن تدخل في صراع انتخابي، لكن هنا الأمر مختلف جداً. المرأة حصرت في خندق الشروط والمعوقات، وهي لا تستطيع أن تتعرف على مجتمع دائرتها، وهذا يضر بالناخب أيضاً، لأنه لا يعرف شيئاً عن مرشح دائرته، لذلك عزفت كثير من السيدات عن التصويت. آلية الموقع لا تتوفر للجميع، وكأن لجنة الانتخابات تظن أن كل الناخبين والناخبات يجيدون استخدام تقنية المعلومات وقنوات التواصل، حتى أنا كنت أبحث عن أسماء المرشحين بعد إعلان القائمة واستعنت بالأصدقاء والصديقات في مجموعات الواتس آب فدلوني على الطريق، دخلت على الموقع سجلت رقم بطاقة الهوية ظهرت أسماء المرشحين والمرشحات لدائرتي، في اليوم الثاني سألتني إحدى الناخبات بحسرة قائلة « ماني عارفة انتخب مين؟ « تقصد أنها لا تعرف من هم مرشحو دائرتها ،دللتُها على الطريقة، لكن أخرى لم تتمكن من القيام بهذا لأنها لا تجيد استخدام هذه التقنية. جاء التصويت ضعيفاً جداً، لكن رغم العقبات استطاعت بعض المرشحات التغلب على شروط الصورة والاختلاط بذكاء شديد، استطاعت مثلاً رشا حفظي بدعم نخبة من الشباب والشابات من التخطيط منذ البداية لحملة انتخابية ناجحة لم تظهر فيها إطلاقاً بل سجلت شهادات فيديو من شباب وشخصيات اعتبارية تتحدث عنها، خيمتها الانتخابية، دعم الأهل والأصدقاء ،دراستها ودرايتها وثقافتها الانتخابية كل هذا أهَّلها للفوز. لا أعرف ماهي المعايير والآليات التي استخدمتها الأخريات للفوز في هذه المعركة الانتخابية الشرسة وغير المتكافئة لأنها ظلمت المرأة فهي تخوض الانتخابات لأول مرة كما أن المجتمع النسائي في معظمه غير واعٍ بأهمية المجالس البلدية وأهمية الصوت الذي يفرق بكل تأكيد. ألف مبروك للمرأة السعودية التي خاضت هذه التجربة على كف عفريت لكن الحمدلله أخيراً هناك نساء في المجالس البلدية. nabilamahjoob@yahoo.com nabilamahjoob@yahoo.com