تعكف محافظة جدة حاليا من خلال فرق عمل تضم عددا من الجهات بالاهتمام بالمنطقة التاريخية بجدة والمحافظة على ما تحتويه من مساجد تاريخية وآثار ومساكن قديمة تمثل قيم ومُثل يعتز بها الإنسان السعودي بصفة عامة وسكان جدة بصفة خاصة وتم عقد سلسلة من الاجتماعات بهذا الشأن . ويأتي ضمن هذه الجهود مهرجان "جدة التاريخية" الذي سينطلق بمشيئة الله تعالى في منتصف ربيع الأول المقبل لمدة 10 أيام والذي ينطلق لأول مرة بصبغة ثقافية تربط الماضي العريق بالحاضر الزاهر وترسخ الحفاظ على المقتنيات التاريخية تعزيزاً لمكانة المملكة العربية السعودية كمصدر للثقافة والأدب والتاريخ العربي والإسلامي وإقامة العديد من الفعاليات والأنشطة تحاكي ما كانت عليه جدة خلال بدايات القرن الماضي . ويهدف المهرجان للمحافظة على المرتكزات الأساسية ضمن تراثنا ومقتنياتنا الحضارية وتثقيف الأبناء بما كانت عليه جدة قديماً كما يهدف أيضا إلى تعزيز مكانة جدة الثقافية والتاريخية لتتواكب مع مكانتها الاقتصادية والسياحية المهرجان يحظى بمباركة واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار وبإشراف مباشر ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة رئيس مجلس التنمية السياحية بجدة رئيس اللجنة العليا للمهرجان . وتشارك في الإعداد له عدد من الجهات المعنية مثل محافظة جدة والهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة محافظة جدة وجامعة الملك عبدالعزيز وإدارة التربية والتعليم بمحافظة جدة والجمعية السعودية للثقافة والفنون وجمعية الحفاظ على التراث العمراني بجدة و الغرفة التجارية الصناعية بجدة وشرطة محافظة جدة وإدارة مرور محافظة جدة والدفاع المدني بجدة وشركة المياه الوطنية والشركة السعودية للكهرباء وعمد أحياء البحر واليمن والشام والمظلوم والمهتمين بهذا المجال . فيما تعود نشأة جدة التاريخية إلى ما يقارب 3000 سنة على أيدي مجموعة من الصيادين كانت تستقر فيها بعد الانتهاء من رحلات الصيد وعند ظهور الإسلام في الجزيرة العربية ارتبط تاريخ مدينة جدة بشكل كبير مع تطور التاريخ الإسلامي لكونها بوابة الحرمين الشريفين من اتجاه البحر وقد اكتسبت مكانتها عندما قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 25 هـ باختيارها لتصبح ميناء رئيسيا لمكة المكرمة. وازدادت أهمية جدة مع مرور الزمن حتى أصبحت واحدة من أكبر المدن وأهمها كما أنها اليوم الأكثر تميزا في المملكة العربية السعودية من ناحية النشاط الاقتصادي والصناعي والسياحي حيث نمت جدة بشكل سريع و أقيمت فيها خلال العقدين الماضين الكثير من المشاريع الاقتصادية كما أقيمت فيها قاعدة عريضة من المنشآت الأمر الذي أكسبها أهمية كبيرة بالنسبة لحركة التجارة الدولية للمملكة مع الأسواق العالمية. وتعتبر جدة مركزا تجاريا رئيسيا يتسم بالحركة الدائمة حيث تطورت تطورا كبيرا في جميع المجالات التجارية والخدمية وبها نهضة صناعية كبرى فأصبحت مركزا هاما للمال والأعمال. وتقع مدينة جدة على الساحل الغربي للمملكة عند منتصف البحر الأحمر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 748 كيلو مترا مربعا، وتعد مدينة جدة عروس البحر الأحمر وأكبر المدن المطلة عليه وهي من قديم الزمان كانت تمثل المنفذ الخارجي للمملكة، ونتيجة لذلك عاشت نهضة صناعية كبيرة وتطور في جميع المجالات التجارية والخدمية، الأمر الذي جعلها من أكثر المدن استقطاباً للأعمال حتى صارت مركزاً هاماً للمال والأعمال. من ذلك اكتسبت جدة أهمية سياحية وباتت من أكثر المدن السعودية التي تحتضن مرافق ومنشآت سياحية متطورة كالفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات، إضافة إلى المطاعم التي تقدم ألواناً مختلفة من الأطعمة، إضافة إلى المراكز الترفيهية والمتاحف الأثرية والعملية والتاريخية متاحف التراث وتحتوي مدينة جدة على أكثر من 320 مركزاُ وسوقاً تجارياً، وبذلك تمثل ما يزيد على 21% من إجمالي الأسواق والمراكز التجارية بالمملكة، وكما أن جدة تعرف بالمتحف المفتوح وذلك لوجود أكبر عدد من المجسمات الجمالية (360 مجسم) صممها فنانين عالميين في فن النحت. كما أن من أجمل ما يميز المدينة هو كورنيش جدة والذي يمتد بطول الساحل لما يزيد عن 48 كيلو متر (35 كم منه تحتوي مرافق وخدمات عامة) ويملك أحدث تجهيزات الرفاهية والمناظر الرائعة للبحر الأحمر، وعند المشي من الكورنيش باتجاه مركز المدينة يمكن مشاهدة أعلى نافورة في العالم نافورة الملك فهد الرائعة التي ترتفع قرابة 262 متراً عن سطح البحر. وتتميز جدة باعتبارها بوابة الحرمين الشريفين وأول محطة للحجيج والمعتمرين القادمين المؤدية إلى الأراضي المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) فيدخل إلى جدة سنوياً عبر مطار الملك عبد العزيز الدولي أعداداً كبيرة سنوياً بهدف العمرة أو الحج أو العمل أو السياحة. وهذا مما يشكل قوة شرائية هامة للغاية وذات طلب مؤثر على المشروعات السياحية والترفيهية وقطاعات الأعمال والتجارة. واختار في العهد الإسلامي الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في عام 647م جدة كميناء رئيسي لدخول مكة المكرمة والوصول إليها عن طريق البحر وسميت في ذاك الوقت باسم بلد القناصل. وبقيت جدة حتى عام 1366هـ (1947م) داخل سور يحيط بها من جميع جهاتها إحاطة السوار بالمعصم وبسبب ضيق بوابة المدينة أضيفت بوابة ثامنة مزدوجة بعرض كاف يسمح بمرور السيارات عبرها بسهولة على الجانب الشمالي للسور وهذه البوابات هي ( باب المدينة وجديد ومكة والنافعة والصبة والمغاربة وصريف ) ويقع في حارة الشام باب المدينة الذي هدم في تاريخ لاحق، بجوار شارع عريض أصبح فيما بعد جزءًا من شارع الملك عبد العزيز الدائري. وكانت هذه البوابة تستخدم للوصول إلى "القشلة" وهي الثكنة العسكرية القائمة حتى يومنا هذا وللمسافرين إلى المدينة المنورة والقادمين منها، وكذلك للمسافرين إلى مكة المكرمة والقادمين منها وذلك لتعذر انتقال القوافل من المنطقة الغربية لمدينة جدة إلى باب مكة. كما كان باب المدينة يستخدم لمرور العربات المحملة بالحجارة المستخرجة من المناقب الواقعة شمال مدينة جدة والطين المستخرج من بحر الطين أو ما أصبح يعرف ببحيرة الأربعين والمستخدم في بناء بيوت جدة في ذلك الوقت. وبني باب جديد في مطلع العهد السعودي - في نهاية الثلاثينات و بداية الأربعينات الميلادية - وهي آخر البوابات التي بنيت على السور وتقع في القطاع الشمالي من السور، شرق بوابة المدينة وهي عبارة عن بوابة مزدوجة تتسع كل واحدة منها لمرور السيارات بسهولة ويسر. ويقع باب مكة الذي يعتبر من بوابة جدة الشرقية ويقع أمام سوق البدو و تنفذ إلى أسواق الحراج والحلقات الواقعة خارج السور، كما كانت أيضا معبرا للجنائز المتجهة إلى مقبرة الأسد الواقعة في تلك الناحية خارج السور. ويعتبر باب شريف بوابة جدة الجنوبية يخرج منها الأهالي للتبضع من حراج العصر خارجه، باب النافعة:هو أول بوابات السور من جهة الغرب من ناحية الجنوب، وليس أقدمهم، وموقعه في الجزء الجنوبي من موقع برج المحمل المواجه لمركز المحمل التجاري على شارع الملك عبد العزيز. وكان معبرًا للعاملين في البنط والبحر وجلّهم من سكان حارتي البحر واليمن. ويعد باب الصبة ثاني بوابات السور الغربية ومن أهمها، وموقعه هو مدخل سوق البنط (برحة مسجد عكاش) من ناحية ساحة البنط غربا وسمي باب الصبة لأن الحبوب المستوردة كانت تصب عنده حيث تنقي وتوضع في أكياس تم توزن بواسطة القباني تمهيدًا لنقلها لمستودعات التجار. وترجع أهمية باب الصبة في وقته من أنه كان محاطًا بعدة إدارات حكومية هامة من على يمينه (البلدية) وعن يساره إدارتي البريد والبرق ومخفر للشرطة وفوقه المحكمة. باب المغاربة هو ثالث بوابات السور الغربية على شارع الملك عبد العزيز حاليا. وكان هذا الباب، وحتى فتح الجزء الغربي لشارع الملك عبد العزيز في منتصف أربعينات القرن الميلادي الماضي، هو المخرج الوحيد للحجاج القادمين عن طريق البحر للتوجه إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر باب المدينة , أما باب صريف فهو رابع بوابات السور الغربية . وكانت مدينة جدة في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي مقسمة إلى 3 أقسام إدارية (حارات أو محلات) رئيسية سميت اثنتان منها حسب موقعها النسبي داخل السور:حارة الشام لكونها تحتل الجزء الشمالي من المدينة في اتجاه بلاد الشام، وحارة اليمن لكونها تحتل الجزء الجنوبي من المدينة في اتجاه بلاد اليمن. أما الحارة الثالثة والتي تقع بينهما فسميت حارة المظلوم ونظرًا لوجود مرافق الميناء والبنط ويشمل مرسى السنابيك وساحات ومستودعات الجمرك، على الطرف الغربي من حارة اليمن أطلق على ذلك الجزء في تاريخ متأخر اسم حارة البحر لعلاقته الوثيقة بأعمال البحر في ذلك العهد وقبل إنشاء الرصيف البحري في موقعه الحالي جنوب الميناء القديم كما تحتضن جدة حارة اليمن التي تقع في الجزء الجنوبي من داخل السور جنوب شارع العلوي واكتسبت مسماها لاتجاهها نحو بلاد اليمن وحارة البحر التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة جدة وهي مطلة على البحر وحارة المظلوم وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من داخل السور شمال شارع العلوي مسجد الشافعي وسوق الجامع وحارة الشام وتقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام وفي هذه الحارة وتحتوي المنطقة التاريخية على عدد من المساجد الأثرية أهمها مسجد عثمان بن عفان والباشا وعكاش المعمار والرحمة والملك سعود . ويقع مسجد الشافعي في حارة المظلوم في سوق الجامع وهو أقدم مساجدها وقيل أن منارته بنيت في القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر ميلادي وهو مسجد فريد في بنيان عمارته وهو مربع الأضلاع ووسطه مكشوف للقيام بمهام التهوية وقد شهد المسجد أعمال ترميمية لصيانته وتقام به الصلاة. ويطلق مسجد عثمان بن عفان مسجد الأبنوس لوجود ساريتين من خشب الأبنوس به ويقع في حارة المظلوم وله مئذنة ضخمة وتم بناؤه خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين ومسجد الباشا الذي يقع في حارة الشام وبني عام 1735م وكان لهذا المسجد مئذنة أعطت المدينة معلماً أثرياً معمارياً وقد بقيت على حالها حتى 1978 م عندما هدم المسجد وأقيم مكانه مسجد جديد. وهناك مسجد عكاش الذي يقع داخل شارع قابل غرباً أقيم قبل عام 1379 هـ وتم رفع أرضية المسجد عن مستوى الشارع بحيث يصعد إليه بعد درجات وهو في حالة جيدة وتقام به صلوات حتى اليوم ومسجد المعمار الذي يقع في شارع العلوي غرباً بمحلة المظلوم وقد بني عام 1384 هـ وهو الآن بحالة جيدة وتقام فيه الصلاة وله أوقاف خاصة به ومسجد الرحمة الذي يقع فوق سطح البحر على كورنيش جدة.مسجد الملك سعود:يقع في منطقة البلد وتم بنائه في عهد الملك سعود. وبلغت المساحة التقريبية لداخل سور مدينة جدة 1,5 كيلو متر مربع وهي مازالت تحوي لمسات من الحياة التقليدية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي القديم التي تتركز حالياً حول مساجد وأسواق المنطقة حيث تنتشر بعض محلات الحرف الشعبية والتقليدية القديمة. ومن أشهر أسواق المنطقة التاريخية قديماً وحديثاً والتي تشكل شريان المنطقة الاقتصادي والحيوي سوق العلوي وسوق البدو وسوق قابل سوق الندى، وأهم الأسواق والخانات التي كانت موجودة بجدة القديمة هي سوق السمك أو ما عرف بـ "البنقلة" وسوق الخضروات والجزارين الذي يقع بالنوارية الواقعة في نهاية شارع قابل إلى ناحية الشرق . ووجد في جدة قديماً السوق الكبير الذي تباع فيه الأقمشة في دكاكين كبيرة وصغيرة مكتظة بفاخر الأقمشة على مختلف أنواعها وسوق الخاسكية وتقع خلف دار الشيخ محمد نصيف.سوق الندى: ومعظم المحلات فيه لبيع الأحذية.سوق الجامع: نسبة إلى جامع الشافعي وسوق الحبابة ويقع في باب مكة وسوق الحراج " المزاد العلني " وكان يقع في باب شريف وسوق البدو في باب مكة ويباع فيه كل ما يجذب سكان البادية. كما اشتهرت جدة قديماً بسوق العصر ويقع في باب شريف ويقام في كل عصر في ذلك الوقت وسوق البراذغية وكانت تصنع فيه براذع الحمير والبغال وسروج الخيل بالقرب من عمارة الشربتلي وسوق السبحية التي كانت تصنع وتباع فيها المسابح وهو سوق في موقع الخاسكية . وعرفت جدة بخاناتها القديمة والخان مايسمى بالقيسارية أي السوق التي تتكون من مجموعة دكاكين تفتح و تغلق على بعض، ومن أهم خانات جدة القديمة (خان الهنود، خان القصبة وهو محل تجارة الأقمشة، خان الدلالين، خان العطارين ).