فرع وزارة الخارجية بمكة المكرمة مهامه متشعبة ومتعددة وتدخل في صلب احتياج المواطن والمقيم، وللوهلة الأولى قد يعتقد البعض أن مهام الفرع سياسية إلا أن عند الدخول في تفاصيل المسؤوليات المناطة به يتضح جليا مدى ارتباطه وتداخله مع متطلبات المجتمع واحتياجاته خاصة فيما يتعلق بالحصول على التصاديق وعلى الوثائق والتأشيرات بأنواعها المختلفة بالإضافة المهام الدبلوماسية التي تقع على عاتق الفرع خاصة فيما يتعلق بالتنسيق مع القنصليات المعتمدة وتلبية اجتياجاتهم. «عكاظ» أجرت حوارا شاملا مع السفير أحمد طيب مدير فرع وزارة الخارجية بمكة المكرمة، حيث قال إن فرع وزارة الخارجية بمكة بادر في حث القناصل المعتمدين بتصحيح أوضاع المخالفين قبيل بدء مرحلة التصحيح وضرورة إلزام رعايا بلدانهم باحترام نظام الإقامة في المملكة. ونفى طيب ما يثار من شكاوى حيال تأخر عملية التصاديق على الوثائق قائلا «إجراءات التصاديق تتم في الوقت نفسه، ولا تستغرق المعاملة الواحدة أكثر من دقيقة واحدة، مشيرا إلى أن الفرع يتلقى 3000 طلب تأشيرات في اليوم ويتم إنجاز 1600 منها.. وفيما يلي نص الحوار: • بداية، يلاحظ أنه لم يكن هناك دور لوزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة فيمـا يتعلـق بتوعية القنصليات المعتمدة حيال تصحيـح أوضـاع المتخلفين.. ما تعليقكم؟ عفوا، هذه ملاحظة غير دقيقة وتجافي الواقع لأن الفرع لعب دورا أساسيا في عملية تصحيح أوضاع المتخلفين منذ البداية، بل وحتى قبل إطلاق عملية التصحيح وذلك من خلال قيامه بعدة مبادرات منها: حث القنصليات العامة في جميع المناسبات على ضرورة إلزام رعايا بلدانهم باحترام نظام الإقامة في المملكة والمساهمة الفعالة في إنهاء مشكلة الرعايا الإندونيسيين الذين كانوا يتجمهرون ويتجمعون في الأماكن العامة وتحت الجسور وذلك من خلال التوصل إلى مفاهمات مع الجهات الإندونيسية المختصة حيث جرى ترحيل الآلاف منهم بالسفن وبطائرات الحجاج العائدة لبلادهم. زيارات للقناصل لمركز الشميسي • ماذا عن مرحلة ما بعد التصحيح؟ بعد إطلاق عملية التصحيح، قام فرع وزارة الخارجية بعقد لقاءات متعددة مع القناصل لشرح مقاصد عملية التصحيح والإجراءات المطلوبة، وحثهم على التعاون مع السلطات المختصة في إنهاء إجراءات سفر المخالفيـــن لنظام الإقامـــة. وقبل افتتاح مركز الخدمات العامة في الشميسي، وبمبادرة مني، تم تنظيم زيارة لعشرين قنصلا عاما من المعنيين بمسألة المتخلفين للمركز وتم الالتقاء بمدير عام الجوازات بالمنطقة اللواء حسين الحارثي وعدد من المسؤولين من وزارة الداخلية والشرطة، وشاهد القناصل بأنفسهم الإمكانات التي وفرتها الدولة لاستقبال المخالفين وإنهاء إجراءات مغادرتهم بما في ذلك تأمين وجبات غذائية لهم والرعاية الصحية طيلة فترة إقامتهم بالمركز. قضية البرماويين أولوية • في قضية الجالية البرماوية لعب فرع وزارة الخارجية بمكة دورا بارزا في معالجة أوضاعهم، أين وصلت الجهود في هذا الموضوع؟ احتل هذا الملف أعلى سلم أولويات الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، وقد تشرفت بتكليف سموه لي برئاسة لجنة لدراسة الموضوع ووضع المرئيات، وتم بحمد الله اعتماد توصيـات اللجنة، وعلى إثرها جرى تشكيل اللجنة الدائمة لتصحيح أوضاع الجالية البرماوية التي يرأسها وكيل الأمارة الدكتور عبدالعزيز الخضيري وبمشاركتي وحضور مندوبين من وزارة الداخلية ووزارة العمل والجهات الأمنية المعنية. وتم الانتهاء يوم 15 محرم الماضي من عملية تعريف (225) ألف برماوي وتم كذلك إصدار عدد من الإقامات لمن تنطبق عليهم الشروط، ولايزال الفريق المشرف على عملية التصحيح برئاسة عبدالله آل قراش يمارس عمله حيث تم التمديد لمهمته حتى نهاية العام الحالي 1435هـ. دقيقة واحدة للتصديق • هناك شكاوى من تأخر عملية التصاديق على الوثائق، ماهو رد سعادتكم؟ أستطيع التأكيد أن إجراءات التصاديق تتم في الوقت نفسه، ولا يستغرق تصديق المعاملة الواحدة أكثر من دقيقة واحدة إذا كانت مستوفية الشــروط، أما بالنسبة للتصديق على الشهادات الجامعية فلا بد أن تكون الشهادات مصادق عليها من الملحقية الثقافية ومن سفارة المملكة في نفس بلد الدراسة. وإذا لم توجد ملحقية ثقافية أو سفارة للمملكة فيتم التصديق على الشهادة من أقرب بلد توجد به سفارة للمملكة. • وماذا عن تأخر الحصول على التأشيرات وعدم ظهور بيانات المتقدمين على الشاشة الإلكترونية؟ بالنسبة لتأخر ظهور بيانات الأشخاص في النظام فهذا راجع لعدم قيـام بعضهم بتفعيل طلباتهم من الغرف التجارية بعد التصديق عليها، حيث إن جميع الطلبات لا تظهر في النظام الإلكتروني إلا بعد تصديقها وتفعيلها، وهذا الأمر من اختصاص الغرف التجارية. وأؤكد أنه لا يوجد تأخير في صدور التأشيرات من الفرع برغم أن الفرع يتلقى يوميا ما يقـارب 3000 طلب وأن التأشيرات تصدر في وقت وجيز مقارنة بعددها حيث يتم إنجاز أكثر من 1600 طلب يوميا. وتكمن الإشكالية في أن الشخص الواحد يقوم بتقديم أكثر من طلب حتى أن بعضهم عندما يأتيه اعتذار يقوم بتقديــم طلبات بشكل أكبر، والبعض تصدر له التأشيرة ويستمر في تقديم الطلبات وآخرون تكتب لهم ملاحظة ولا ينظر إليها ويستمر في تقديم طلبات جديدة وهذه التصرفات تعطل وتربك سير العمل حيث إن كل طلب يتم التعامل معه على حدة ولا يوجد أي تأخير من الفرع أو السفارات لأنه عندما يصدر إذن التأشير للممثلية يصلها في حينه. آلية الحصول على التأشيرات • هل بالإمكان التعرف على آلية الحصول على التأشيــرات؟ إجراءات الحصول على التأشيرات بالنسبة للزيارة العائلية تتم إجراءاتها كالتالي: يقوم صاحب الطلب إذا كان مواطنا بالدخول لموقع الوزارة (www.mofa.gov.sa) وتعبئة الطلب وإحضاره إلى الفرع مع صورة الهوية وبطاقة العائلة والأصل للمطابقة في حالة كانت الزوجة مضافة في بطاقة العائلة أما إذا لم تكن مضافة فالأمر يتطلب إحضار إقامة الزوجة. أما إذا كان الشخص من الوافدين فعليه الدخول لموقع الوزارة وتعبئة الطلب ومن ثم تصديقه وتفعيله من الغرفة التجارية، ويتم الرد عليه آليا دون مراجعة الفرع إلا إذا تطلب الأمر مراجعته. أما الزيارات التجارية وزيارات العمل فيتم تعبئة الطلب على موقع الوزارة واختيار (خطاب دعوة مقدم للممثلية) وتصديقه وتفعيله أيضا من الغرفة التجارية ويرسل للمستفيد لمراجعة الممثلية لإصدار التأشيرة وذلك تسهيلا للإجراءات وسرعة إنجاز الطلبات، وفي حالة كان الشخص المطلوب للزيارة أنثى فيتم طباعة الطلب سواء كان الطلب زيارة تجارية أو عمل بعد تصديقه وتفعيله وتقديم الطلب مع صورة من السجل التجاري للمنشأة وصورة من جواز السفر الخاص بالسيدة المطلوبة للزيارة والتعهد الخاص بالسيدات لفرع الوزارة. وفيما يتعلق بالزيارة الشخصية فيتم أيضا تقديم طلب على موقع الوزارة وإحضاره مع الهوية الوطنية وصورة منها للوزارة لاعتماد الطلب من قبل المدير العام. • نتحدث عن المحور الخارجي، ما هو تقييمكم لقرار المملكة الخاص بالاعتذار عن شغل مقعد مجلس الأمن؟. ردود الفعل كانت واسعة وكان هناك إجماع على أن القرار كان قويا وشجاعا ينم عن ثقة كبيرة في النفس وإدراكا لقدرات المملكة الدبلوماسية ومكانتها الدولية. كما أن القرار يقدم دليلا عمليا على استشعار الدبلوماسية السعودية لمسؤولياتها تجاه القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأعتبر أن القرار كانت بمثابة صدمة دبلوماسية حركت المياه الراكدة في هذه المنظمة العتيدة، وإنني على ثقة أنه إذا ما أحسن استثمار الزخم الكبير الذي أحدثه من شأنه أن يحرك المجتمع الدولي للسعي الجاد نحو إصلاح مجلس الأمن بما يمكنه من القيام بدوره على الوجه الأكمل في صيانة السلم والأمن الدوليين حسبما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما موضوع استخدام الفيتو والتمثيل غير العادل في مجلس الأمن الدولي. • هل هذا يعني أن المملكة تفكر في الابتعاد عن الأمم المتحدة؟ إطلاقا، إن القرار يجب أن يفهم على أنه تعبير عن التزام واهتمام المملكة بالأمم المتحدة. والدعوة لإصلاح أي مؤسسة تعني الاهتمام والحرص على دور وفعالية هذه المؤسســة. • يلاحظ عليكم أنكم تتحدثون في المنتديات بحماس عن حوار الأديان والحضارات. ألا تشعرون أن الطرف الآخر ليس على نفس الدرجة من الحماس؟ أنا من المؤمنين بأهمية الحوار والتفاهم مع الآخر وعلى الأخص ما بين أتباع الأديان والثقافات الأخرى. وإيماني هذا نابع من فهمي لمقاصد الرسالة الإسلامية السمحة التي جاء بها نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي رسالة مكملة للرسالات السماوية المتقدمة وليست مناقضة لها، ودائما ما أستحضر قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم)، وكان في مقدور الله سبحانه أن يجعلنا نسخة واحدة ولكن هذه حكمة الله حيث يقول سبحانه وتعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين)، فخلقنا الله مختلفين لنتعارف، وحدد سبحانه وتعالى قاعدة التفاضل على أساس التقوى وليس العرق أو الجنس أو القبيلة أو اللون أو اللغة. وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو رائد دعوة الحوار والتفاهم مع الآخر عندما أطلق مبادرته التاريخية حول الحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأخرى في 2008 استنادا على ركيزتين أساسيتين هما: الحوار بالتي هي أحسن «حرية الديانة» فقال حفظه الله «إننا نحاور بالتي هي أحسن فما اتفقنا عليه قبلناه، وما اختلفنا حوله نحيله إلى قوله تعالى (لكم دينكم ولي دين)، ولا أرى مخرجا من حالة التأزم والحروب إلا من خلال الحوار والتفاهم). • كيف يمكن تحقيق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للانتقال من صيغة التعاون إلى الاتحاد الخليجي؟ لا بد أن نعرف أن الدعوة إلى قيام «الاتحاد الخليجي» هي لتحقيق الهدف الأول من أهداف مجلس التعاون حيث بين ميثاق المجلس (المادة 4) أن الهدف الأول هو «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها». وبعد مرور 33 عاما على إنشاء المجلس فإنه من الطبيعي أن يتم العمل على تطوير صيغة التعاون إلى الاتحاد، وأنا متفائل بأن الاتحاد الخليجي سيرى النور قريبا لأنه يمثل طموحات شعوب الدول الأعضاء.