أبهجني اجتماع مجلس إدارة صندوق التنمية العقاري الأخير وما تم استعراضه من إنجازات متميزة حققها الصندوق خلال هذا العام مع إيضاح لمجهوداته خلال العام الماضي ومنذ إنشائه كلاعب رئيسي في تنفيذ خطط الدولة التنموية.. وهي مجهودات متميزة لا يمكن التقليل من حجمها بل ربما لا أبالغ إن قلت إن الصندوق يمثل أفضل برامج الدولة التنموية الناجحة ذلك أن توفير المسكن يمثل الركن الأساسي في استقرار الأسرة السعودية.. والدارس لما تم تحقيقه من نقلات تنموية شاملة عاشتها الأسرة السعودية خلال فترة السبعينات والثمانينات بشكل خاص من خلال نشاط الصندوق العقاري الذي كان الحصول على قرض منه يتم في فترة ربما لا تصل لعام واحد وما حققه هذا البرنامج الطموح الذي نقل المواطن السعودي من الخيمة أو البيت الطيني الخرب إلى بيت من الخرسانة والاسمنت تتوفر فيه كافة وسائل الراحة يشكل قفزة رائعة في حياته يكبر بحق هذا البرنامج ومن سعى لتنفيذه وسهل امكانية الحصول عليه بل ويفاخر فيه بين الناس.. وعلى الرغم من أن الحاجة إلى المسكن في تلك الفترة لم تكن بهذه القسوة التي يعيشها المواطن السعودي حاليا إلا أنني تفاجأت من إعلان وزير الاسكان رئيس مجلس الصندوق العقاري عن بهجته وسعادته أن تم تطوير أعمال الصندوق بحيث تقلصت فترة انتظار المواطن من 15 عاما إلى عشرة أعوام (تم نشر الخبر في هذه الصحيفة يوم الاثنين الماضي)!! وهو في اعتقادي لا يمثل أي خطوة ناجحة!! فانتظارنا الذي طال منذ إنشاء وزارة متكاملة للإسكان تمخض عن تقليص فترة الانتظار لقرض الصندوق العقاري إلى عشر سنوات!! ومن المعلوم أن حاجة المواطن بعد هذه العشر سنوات ربما تكون قد انتفت كما أن الاسعار وقيمة العقار وقيمة المال المدخر بهدف المساعدة مع قرض الصندوق على بناء المسكن "الموعود" ستكون حتما قد تبدلت وانخفضت أيضا!! ولعلنا نتساءل عن منجزات وزارة الاسكان منذ تأسيسها وهل عملت على معالجة القضية "الهم" الأولى لدى المواطن وهل بالفعل عالجت مشكلة الإسكان أو ساهمت في معالجتها بشكل أفضل مما كان عليه الوضع قبل إنشاء تلك الوزارة؟! كنت ولا أزال أعتقد أن تأسيس وزارة الاسكان لم يأت بجديد للمواطن وللقضية "الإسكان" وكنت ولا أزال أرى مناسبة أن يتم حل هذه الوزارة وإلغاؤها تماما وتحويل كافة مهامها ومخصصاتها لصندوق التنمية العقاري الذي كان ناجحا قبلها وربما يضعف أو يفشل من خلال إشرافها عليه!! كما أعتقد أننا لسنا بحاجة لمزيد من الترهل في المنشآت الحكومية من وزارات وهيئات ومؤسسات عامة وربما تمت إعادة هيكلة قطاعاتنا الحكومية من خلال المجلس الاقتصادي الأعلى أو غيره من الجهات بحيث تحقق فائدة أكبر للمواطن والوطن ولكم أن تتخيلوا ضخ ميزانية وزارة الإسكان كاملة في حساب صندوق التنمية العقاري.. ولكم أيضا أن تتخيلوا كيف يمكن أن يطمس هذا الإجراء كافة قوائم الانتظار أو يقلص المدة إلى فترة معقولة وهي في نظري يجب أن لا تزيد مطلقا عن عامين إلى ثلاثة أعوام.. وبما أننا على أعتاب ميزانية مليئة بالخير كهذا الوطن وبما أن الميزانية ستحفل بفائض ضخم جدا لهذا العام ولأن الإسكان يمثل القضية الأكثر التي تؤرق البيت السعودي والحكومة أيضا فلماذا لا يتم تخصيص النصيب الأكبر من هذه الفوائض لصندوق التنمية العقاري كما نتطلع إلى توجيه وتسهيل الدولة للقطاع الخاص ليساهم بفاعلية ودون "شراهة" في تنفيذ مشاريع إسكانية يعود نفعها على المواطن والوطن أيضا.. وماذا لو أنشأت الدولة شركة وطنية للإسكان يساهم المواطن في رأسمالها أيضا ويتم تحويل كثير من أموال الأوقاف "الراكدة" إليها أملا في تحقيق ميزتين إحداهما مساهمة فاعلة في معالجة قضية الإسكان والأخرى تطويرا ونماء لأموال الأوقاف.. ودمتم.