أشارت مصادر دبلوماسية بالأمم المتحدة إلى أن إصرار المبعوث الأممي على فرض تعتيم إعلامي على المحادثات أمر ليس بغريب، بل يجري في أحيان كثيرة فرض التعتيم على تفاصيل اجتماعات دولية للتوصل إلى سلام بين أطراف متحاربة، بغرض عدم تسريب أي معلومات يقوم الإعلام بتفسيرها بطريقة قد تراها الأطراف المشاركة في المحادثات تسيء إلى الحوار أو تسيء إلى المفاوضين. واكتفي مسؤول دبلوماسي رفيع بالأمم المتحدة بالقول: «الأسباب وراء منع الصحافيين من تغطية المحادثات ترجع إلى الرغبة من جانب مسؤولي الأمم المتحدة إلى تجاوز جميع الخلافات التي برزت في المحادثات السابقة». وأكد فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن محادثات السلام اليمنية ستعقد في موعدها المقرر منتصف الشهر الحالي في إحدى المدن السويسرية تحت رعاية الأمم المتحدة والمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد. ومن جانب آخر، قال السفير خالد اليماني مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة إن الحكومة اليمنية ذاهبة إلى محادثات جنيف، ولديها رغبة جادة في تحقيق السلام. وأبدى اليماني تفاؤله في الخروج بنتائج إيجابية من المحادثات. وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ما زال هناك فرصة لتحقيق السلام وقبول المتمردين لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216. ومن جانبنا، فقد التزمت الحكومة اليمنية بوقف إطلاق النار، وقام الرئيس عبد ربه منصور هادي بالتنسيق مع دول التحالف لبدء خطوات وقف إطلاق النار». وأكد الرئيس هادي في خطابه إلى الأمين العام للأمم المتحدة في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي العمل لإفساح المجال أمام إنجاح فرص الحل السلمي. وأضاف اليماني: «الحكومة اليمنية قامت بتنفيذ كل الالتزامات التي تم الاتفاق عليها وقدمت قائمة المشاركين والمفاوضين إلى المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وكلنا أمل في أن يتم التوصل إلى السلام، وإعادة بناء اليمن من جديد». وقد أعلنت الحكومة اليمنية تشكيلة الوفود المشارك في المحادثات بشقيه الفني والسياسي، حيث يرأس الوفد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وعضوية وزير الخدمة المدنية والتأمينات ونخبة من أبرز القيادات السياسية اليمنية، فيما لم يعلن الحوثيين قائمة ممثليهم في المحادثات. وشككت بعض المصادر في الحكومة اليمنية في التزام الطرف الانقلابي وتعاونه للتوصل إلى حل سلمي خلال المحادثات. وأشارت المصادر إلى العراقيل التي يضعها الانقلابيون خلال هذه الأيام التي تشهد مرحلة التحضير النهائية قبيل إجراء المحادثات الرسمية. وقالت المصادر اليمنية: «حتى الآن، لم يتقدم الطرف الآخر بقائمة مفاوضيه، ولم يتم الانتهاء من إنجاز أجندة المفاوضات، مما يؤشر إلى نيات لدى الأطراف الانقلابية لإفشال هذه المشاورات مثلما فعلوا في المشاورات السابقة». وتشير المصادر إلى أن الحوثيين يمارسون جميع أشكال الابتزاز والتصعيد العسكري والسياسي والإعلامي، ويلوحون في تصريحاتهم بالمزيد من القتل والتدمير وإهدار فرص السلام. وقالت المصادر إن مثل هذه التصريحات هي التي تهدد المحادثات وتفرض حالة من الشكوك حول التزام الحوثي بالقرارات الدولية. وقد تحفظ عدد كبير من المسؤولين بالأمم المتحدة الذين تحدثت إليهم الشرق الأوسط في توضيح تفاصيل أجندة المحادثات والقضايا التي سيتم مناقشتها بين وفد الحكومة اليمنية ووفد الانقلابيين. وعلمت الشرق الأوسط أن هناك شكوكًا حول مدى التزام الحوثيين بتنفيذ بنود القرار 2216 الذي يفرض عليهم الانسحاب من المدن التي احتلوها وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها. وتدور الخلافات في قضية تسليم الأسلحة حول الطرف الذي يتم تسليم الأسلحة إليه، ويراوغ الحوثيون حول هذا الأمر بمحاولات للتنصل من تسليم الأسلحة إلى الحكومة اليمنية الشرعية. وتعمل عدة قوى دولية وأعضاء بمجلس الأمن على دفع الجهود لإنجاح محادثات السلام في منتصف الشهر الحالي، والتوصل إلى صيغة اتفاق بين الجانبين يتم على أساسه تمديد هدنة وقف إطلاق النار والالتزام بتنفيذ بنود قرار مجلس الأمن 2216 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن، ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلية تنفيذها.