هنالك فقط تستطيع أن تشم رائحة التاريخ القديم، بل ربما تلمسه وتتحسسه بيديك. على تلك الأرض لا تملك سوى أن تستسلم مشدوها منبهراً لكل ما تراه عيناك. حتماً تضبط أذنيك منصتتين في استسلام لتلك الأصوات الرخيمة التي تطل عليك من تلك الوجوه العتيدة الشامخة التي راحت كالبنيان المرصوص في ثبات لتكون شاهدة على أقدم وأهم حضارة في التاريخ. فقط على أرض الأحلام، وعلى تراب مدينة الأرقام القياسية وعلى بعد دقائق من مطار دبي الدولي تجده وقد صمم على غرار أهرام مصر الثلاثة التي هي من عجائب الدنيا السبع. تقف متأملاً تائهاً حائراً متسائلاً: أين أنت؟ هل امتطيت آلة الزمن وعدت إلى الوراء سبعة الآف عام أم أنك ضللت طريقك إلي دبي لتجد نفسك على ضفاف نهر النيل العظيم صاحب الحضارة الفرعونية؟ لكنك سرعان ما تفيق لتعرف أنك في قلب أحد أهم المراكز التجارية الضخمة وافي مول. تلك هي دبي التي استحقت بجدارة أن تحفر لنفسها مكاناً في قلب العالم لتصبح واجهته السياحية الأولي وقِبلته في الاستثمار العالمي. هكذا كنت أتحدث مع نفسي طوال الطريق إلي تلك المدينة التي لا أبالغ عندما ألصق بها لقب العالمية، هكذا كانت تشق بي السيارة شوارعها وميادينها المختلفة، هكذا أجد نفسي وقد وقعت فريسة للانبهار، وسؤال لاحقني طوال رحلة الطريق : تُرى ماذا يخفي لي ذلك الصرح الملقب بالمدينة الفرعونية في دبي؟ هل ستخفي أسواره التي ازدانت باللغة الهيروغليفية جديداً ومختلفاً؟ أم إنه في النهاية مجرد مركز تجاري يستمد شهرته من كونه في مدينة عالمية وفريدة من نوعها مثل دبي؟ صمت وتأمل، حيرة ودهشة، اندهاش وانبهار، من أين أبدأ وكيف تكون نقطة الانطلاق؟ وكيف سأنقل وأرصد ما عرفته وما رأيته؟ أسوأ الحالات التي يمكن لإنسان أن يمر بها هي تلك الحالة من العجز التي تنتاب القلم الذي تحتضنه بين يديك. هكذا تحدثت مع نفسي ما إن وقفت أمام بوابات وافي مول الضخمة، ها هي الأهرامات الثلاثة التي تناطح قممها السحاب تطل معانقة سماء دبي، قشعريرة تدب في جسدي أعرف السر وراءها تماماً، إنها رائحة المحروسة الطيبة مصر، بحضارتها الفرعونية القديمة، رائحة تغزو صدري لتجعلني مسيرة لا مخيرة لأخطو خطواتي الأولى في مول وافي التجاري الذي قررت إدارته منذ نشأته أن يبنى على الطراز المصري لذا فقد صممت الأهرامات الثلاثة خصيصاً له. ماذا انتابني من عجز في التعبير أمام وصف حالة الهدوء والفخامة والتنوع والتفرد التي سرعان ما تشعر بها ما إن تصبح في قلب ذلك المركز التجاري، فقط تستسلم بعينيك إلى هذا الكم من المحال التجارية التي بالتأكيد تخطف العقول والأبصار، إذاً هو وافي مول الذي افتتح في عام 1991 وكان واحداً من مراكز التسوق الأولى في دبي. وعلى مر السنين وبعد الكثير من التوسعات من خلال مشاريع التنمية والتطوير التي مر بها أصبح مزيجاً رائعاً مما يقرب من 300 منفذ لبيع بالتجزئة تمثل أكثر من 200 من العلامات التجارية الأكثر تميزاً. بالإضافة إلى أهم وأكبر المطاعم والمقاهي ذات الجودة العالمية والمتاحة لرواده. وقفت كثيراً أمام هذا الكم من التماثيل الفرعونية التي انتشرت على مداخل وافي مول، ورفعت عيني إلى السماء محاولة أن أصل بها إلى قمة الأهرامات الثلاثة، شردت بذهني أمام تلك الطائرة التي راحت تحلق في سماء دبي مقتربة من مهبط مطار دبي الدولي، لا أعرف لماذا رأيت إطلالة الركاب من نوافذها لتقابلهم أهرامات مصر العملاقة وتماثيل ضخمة لملوك الفراعنة وأعمدة زهرة اللوتس الأثرية ومعالم اشتهرت بها الحضارة الفرعونية، بالتأكيد سيظن البعض منهم أن قائد الطائرة قد ضل طريقه وهبط بالقاهرة. تلك هي دبي التي تتفنن في الترويج لزيارتها، أقامت مجسمات ضخمة مستمدة من معالم مصر الفرعونية، وزينت بها أحد أكبر مراكزها التجارية ليتحول مركز وافي للتسوق إلى معبد فرعوني يكاد لا يختلف عن أي معبد فرعوني أصلي في مصر ومدنها الأثرية. حين تدخله تقابلك تماثيل الملك رمسيس الثاني والملكة الجميلة نفرتيتي وإلى جوارها متاجر لأحدث الأزياء والموضة. وتحيطك لوحات غنية بالنقوش الهيروغليفية وأنت جالس في المقاهي أو المطاعم العالمية المنتشرة في مختلف أرجاء المول، لينجح بتصميماته الفريدة من نوعها في أن يصبح واجهة لعشاق الحضارة الفرعونية من المتسوقين والسياح القادمين للإمارات. سيلفا أكتين كانت تجلس على أحد المقاهي وتتأمل الجدران الفرعونية من حولها، وانهمكت في التقاط الصور لتلك التصميمات الدقيقة، اقتربت منها لأقطع عليها خلوتها لأعرف انطباعاتها عن المكان، أجابتني بلا تردد: ابتكار ذكي جداً في عالم التسوق - والكلام على لسان سيلفا- ما أجمل أن تتسوق وأنت في أحضان الحضارة الفرعونية التي أدهشت العالم، لقد قرأت عن تلك الحقبة التاريخية المهمة ليس بالنسبة لمصر فحسب بل للعالم أجمع، وتمنيت أن أزور القاهرة وأدخل إلى معابد الأقصر، ولكنها زيارة مؤجلة، والحقيقة أنني عندما أتيت إلى دبي من أجل التسوق والترفيه، لفت نظري بعض الإعلانات في الفندق الذي أقيم فيه عن مركز وافي مول، وأكثر ما لفت انتباهي هو تصميمه على شكل الأهرامات، لذا قررت أن أزوره، والحقيقة أنني اليوم لن أتسوق ويكفيني الجلوس والاستمتاع بوقتي بين أحضان الحضارة الفرعونية أما عن التسوق فسوف أزور هذا المركز التجاري الذي يضم كل المحال ذات العلامات التجارية التي أريدها. ساندي شولز لم يختلف حديثه كثيراً عن سيلفا عندما قال: اندهشت حين رأيت هذا المزيج العبقري والفريد ما بين التسوق والحضارة الفرعونية، وأعترف بأنني لم أشعر بمتعة في حياتي مثلما شعرت بها في دبي، حين تسوقت بين مبان فرعونية شاهقة قريبة في حجمها من الصروح الفرعونية الأصلية. وأيضاً أعجبت للغاية بمستوى المحال التجارية والمطاعم والمقاهي التي تنتشر في مركز وافي. الفتاة المصرية هايدي عمار التي تزور دبي لأول مرة في حياتها عندما قررت أختها أن ترسل لها دعوة للزيارة تحدثت وهي في حالة انبهار مما رأته في مدينة دبي من معمار ونظافة واستقرار وقانون يسري على الجميع بلا هوادة، ومحال تجارية ضخمة ومراكز تجارية - والكلام على لسان هايدي - نصحتني أختي بأن أتجول في مدينة دبي من خلال الباص الكبير الذي يتجول بي في كل أنحاء دبي ويسنح لركابه بالنزول في المحطات المختلفة، والحقيقة أنني انبهرت وفوجئت بوافي مول وعندما رأيت الأهرامات الثلاثة والمسلات الفرعونية وسمعت صوت مرشدنا السياحي في الباص الكبير يشرح لنا كيف بني هذا المركز التجاري على الطراز الفرعوني المصري فشعرت بالفخر وقررت أن أتجول في هذا المركز، والحقيقة أنني أمضيت ما يقرب من 3 ساعات أتجول فيه وأستمتع بالجلوس على المقاهي فيه، ولا أخفي عليك فقد شعرت بالفخر لكوني مصرية، وأيضاً أعتبر أن هذا المركز التجاري ما هو إلا شاهد على علاقة مصر بدولة الإمارات، فنحن لن ننسي الدور الذي لعبه الشعب الإماراتي مع مصر في محنتنا الأخيرة وكيف ساندتنا تلك الدولة العريقة. شيلا فيرن السمراء الأوغندية الجنسية والزائرة لمدينة دبي للمرة الرابعة على التوالي والتي استوقفتها قبل خروجها من وافي مول لتتحدث عن زيارتها للمركز قائلة: اخترت فندق رافلز دبي المجاور لوافي مول لأنه مستوحى في تصميماته من أهرامات الجيزة المصرية، ويعتبر مَعلماً بارزاً في أفق دبي. والحقيقة أنه يعتبر في قلب وافي مول بل جزء لا يتجزأ منه وقد تعودت كل عام أن أقضي عطلتي فيه فهو بالفعل متميز بديكوراته وزخارفه المصنوعة يدوياً، و شرفاته الخاصة ذات المساحات الواسعة التي تتميز بإطلالاتها على أفق دبي. هذا بالإضافة إلى أنني اعتبر مقيمة في وافي مول الذي يوفر لنا كل احتياجاتنا من التسوق والترفيه. سميح نتشة الأردني الأصل والذي ترك موطنه منذ وقت طويل، ليستقر مع عائلته على أرض الإمارات تحدث عن جولته قائلاً: أهوى كل ما يرتبط بالكلاسيكية، بدءاً بالطعام ومروراً بالأزياء وحتى جولات التسوق، والحقيقة أنني أشعر بأن وافي مول ينتمي إلى هذا النوع الكلاسيكي في بواباته، والزخارف المنحوتة على جدرانه، وحتى المطاعم والمقاهي، لذا لا أتسوق ولا أشتري مستلزماتي سوى من هذا المركز التجاري الضخم، والذي يعتبر من أجمل وأقدم المراكز التجارية في الإمارات.