99% من ثروته البالغة 45.1 مليار دولار قرر الرئيس التنفيذي لموقع فيسبوك مارك زوكربيرغ التبرع بها لصالح مؤسسة خيرية إكراما لعيون ماكس إبنته الأولى التي ولدت بداية ديسمبر 2015. مبادرة علقت عليها ماتيلدا زوجة بيل غيتس أغنى رجل في العالم بالقول: أول كلمة خطرت في بالي هي واااو النموذج الذي قدمه مارك زوكربيرغ مصدر إلهام لنا وللعالم، فيما علق الملياردير وارن بافت بالقول إن قرار زوكربيرغ سيغير حياة الملايين من الأشخاص. المؤسسة الخيرية هي شركة ذات مسؤولية محدودة ومارك هو من يترأس إدارتها، وستركز على التعليم والوقاية من الأمراض وربط الناس ببعضهم بعضا. تشير تحليلات الخبراء إلى أن مارك وزوجته سوف يتبرعان بما يمتلكان من أسهم في الفيسبوك، والتى يقدر عائدها السنوي بنحو 333 مليون دولار، أما اصول الثروة التى تبلغ نحو 45.1 مليار دولار فستبقى في حيازة الزوجين. ويفسر المحللون هذه الخطوة بأنها وسيلة للتخلص من قيد الضرائب، إذ أن عائده من الارباح سوف يصب في مؤسسة خيرية ومن ثم يعفى من الضرائب، لكن الواقع أنه لا يزال يتحكم بهذا العائد بحكم ترؤسه لهذه المؤسسة الخيرية. ويظهر تطور سهم فيسبوك في البورصة أن مؤسس الموقع الأزرق سيكون بإمكانه استرجاع ما سيفقده مع الأيام، فقد ارتفعت قيمة سهم فيسبوك منذ سنة 2012 بنحو 180 مرة، وهو ما يعني أن زوكربيرغ يتوقع المزيد من الأرباح بفضل حصته الكبيرة في موقع التواصل الاجتماعي الأشهر عالميا. عبقرية .. تعب .. أم إلهام؟ النجاح لا يأتي صدفة … عندما سئل ثومس أديسون ، كيف أنت عبقري ؟ ، اجاب بكل بساطة ، العبقرية هى ٩٩٪ جهد وعرق، و١٪ إلهام، ستة نصائح تجعلك ناجحا وعبقريا. النصيحة الاولى : استثمر في التعليم … وقدم عروض مجانية فتى بسيط، يعشق البرمجيات والعاب الكومبيوتر … اسمه مارك زوكربيرغ … ولد في ١٤ من مايو/ايار عام ١٩٨٤ لأسرة طبية يهودية تقطن مدينة نيويورك، أبوه طبيب اسنان، وامه طبيبة نفسية، منذ نعومة اظافره وهو شغوف بالبرمجة، طور العديد من ألعاب الكومبيوتر وبرامج الدردشة وهو لا يزال في الثانية عشر من عمره، ومن أشهر ما قام بتطويره برنامج الدردشة “Zucknet” الذي استخدمته اسرته في التواصل فيما بينها، كذلك طور لعبة “الاخطار”، ومشغل موسيقي مبني على نظام الذكاء الاصطناعي لمعرفة عادات المستخدم في الاستماع. عندما وصلت أخباره لشركتي مايكروسوفت و AOL قدمت كلتهما له عرضا بشراء ذلك المشغل الذي اطلق عليه الوصلة العصبية، وتوظيفه كمبرمج لديها، لكنه رفض العرضان وفضل رفع البرنامج بالمجان على الانترنت، واكمال دراسته. اثناء دراسته بالمدرسة التحق باكاديمية “فيليبس اكستر”، وتخرجها فيها عام ٢٠٠٢. وبخلاف البرمجة، تعلم مارك ستة لغات هى الإنجليزية والفرنسية والعبرية واللاتينية واليونانية القديمة والصينية، وكان والده حريصا على تطوير مهاراته البرمجية، كرس له مدرس خصوصي يأتيه اسبوعيا لتعليمه علوم البرمجيات، كخطوة تمهيدية نحو الجامعة. بعد اتمام المرحلة المدرسية التحق بجامعة هارفارد، وكعادته يترك بصمة في كل مكان يدخله، طور برنامج كورس ماتش الذي يسمح للطلاب باختيار صفوفهم مع وضع الاولوية للطلاب النخب، كما طور برنامج اخر خاص بشبكة هارفارد وهو برنامج “Facemash”، وظيفة هذا البرنامج هي مقارنة صور الطلبة واتاحة التصويت لهم بناء على جاذبية صاحب أو صاحبة الصورة، لجأ مارك وقتها لاختراق مواقع محمية في شبكة الجامعة للحصول على صور الطلاب دون إذن، وهو ما جعل إدارة الجامعة تتهمه باختراق الخصوصية، وكاد يتعرض للطرد، إلا أن الجامعة اسقطت عنه التهم في نهاية الامر واكتفت باغلاق الموقع كاجراءا تأديبا … فهل يستسلم مارك؟ النصيحة الثانية : أجعل عملك أكثر شعبية الشهرة والاقبال اللتان حظي بهما برنامج “Facemash” كانت بداية الانطلاق، عرض عليه أربعة من اصدقاءه وهم “تيلر نيكلفوس” و “ديفيا نارندا” و التوأم “كاميرون” أن يشاركهم في مشروع “Harvard Connection”، المشروع يهدف إلى بناء شبكة اجتماعية للتعارف بين نخب جامعة هارفرد، لكن الأمر لم يعجب مارك فانسحب من المشروع، وقرر تصميم موقع أكثر شعبية يتيح لكل طلاب الجامعة التواصل، أطلق على الموقع … Facebook. شارك مارك أثنين من زملائه في تصميم الموقع، وهم “داستن موسكوفيتز” و”كريس هيوز”، فريق العمل نفذ المشروع داخل سكن الجامعة، بعد فترة وجيزة أنضم لفريق العمل “إدواردو سافرين” و“أندرو ماكلوم”، واستطاع الفريق تطوير الموقع ليسمح لطلاب كليات مدينة بوسطن، وجامعة إيفي ليغ، وستانفورد وكولومبيا وبيل بالاشتراك فيه، لكن طموح الشباب الأربعة كان أوسع من ذلك بكثير. فبعد تخرج مارك في جامعة هارفرد انتقل إلى مدينة “بالو ألتو” في كاليفورنيا، استأجر منزلا صغيرا، كان مقرا للاقامة والعمل، وفي ٤ من يناير عام ٢٠٠٤ أسس هو واصدقاءه الاربعة شركة الفيسبوك، واشترى اسم النطاق com.facebook بمئتي الف دولار، كان مستخدمو الموقع وقتها قد تجاوز المليون مشترك، ولان مارك كان يعاني من عمى ألوان ولديه حساسية للون الأحمر والأخضر، قرر وقتها أستخدام اللون الازرق في تصميم الموقع، وقام بتركيز كل اهتمامه على تطوير ذلك الموقع. في العام التالي (عام ٢٠٠٥) تلقى مارك عرضا سخيا من شركة أكسل بارترز للاستثمار في الموقع بقيمة ١٢ مليون دولار، كان الموقع وقتها قاصرا على طلاب الجامعات ، فقامت الشركة بتطوير الموقع ليشمل طلاب المدارس الثانوية، ثم موظفي الشركات بما فيها أبل ومايكروسوفت، وهكذا ارتفع عدد المستخدمين إلى ٥.٥ مليون مستخدم مع نهاية عام ٢٠٠٥، العرض التالي للاستثمار جاء بقيمة 27.5 مليون دولار من شركة “جرايلوك بارتنرز”. وفي ٢٠٠٦ تم فتح الموقع للجمهور من عمر ١٣ عام وما فوق، رفض مارك وقتها جميع العروض الإعلانية من أكبر الشركات كـ yahoo و شبكةMTV و قرر فقط التركيز على زيادة عدد مستخدمي الموقع و تطوير خدماته. في ذات العام واجه مارك دعوة قضائية من شركة connect you التى يمتلكها اصدقائه القدامى ، اتهمه أصدقاءه الاربعة القدامى بسرقة فكرة برنامج Harvard Connection والكود الرئيسي، حاول مارك ترضية أصدقائه، فدفع لهم مبلغ 65 مليون دولار، لكنهم لم يتنازلوا عن الدعوة حتى الآن، أما مارك فلم يتوقف عند حدود هذه المشكلة واستمر في التطوير… النصيحة الثالثة : انفتح على العالم واجتذب إليك الاصدقاء في 24 من مايو عام 2007 أعلن مارك عن ميزة جديدة … اطلق عليها منصة الفيسبوك، المنصة ببساطة هى مساحة مخصصة للمبرمجين، وهى تعمل من خلال نظام تشغيل خاص بالفيسبوك هو F7، وبلغة برمجة خاصة أيضا بالموقع هى facebook markup language ، هذه الميزة أثارت اعجاب المطورين، حيث وفرت لهم إطار عمل لبناء تطبيقات قادرة على التفاعل مع الخصائص الرئيسية للموقع كإضافة الاصدقاء والحجب والاعجاب ونحو ذلك. وفي غضون أسابيع ظهرت مئات التطبيقات التى اجتذب بعضها ملايين المستخدمين، وكان اشهرها لعبة Farm Vile، كذلك سمحت لهم المنصة ببرمجة سمات اضافية للفيسبوك كتبادل الهدايا الافتراضية بين المشتركين، وابلاغ الاصدقاء عن الاحداث المرتقبة ودعوتهم لها، وتبادل الفيديو. وفي ذات العام قامت فيسبوك بتطوير تطبيق خاص لتسمح لمستخدمي الأيفون والأيباد الدخول للموقع من خلال اللوائح الذكية، وقد استفاد من هذه الخدمة ١,٥ مليون مستخدم. وبحلول ٢٠٠٨ أعلن القائمون على إدارة الفيسبوك عن طرح نسخة جديدة من نظام التشغيل F8 ، والتى سمحت بتطوير ما يقرب من ٣٣ ألف تطبيق على الموقع، وتجاوز عدد المطورين العاملين على الموقع الـ ٤٠٠ ألف مبرمج. واليوم، هناك أكثر من ٨٠٠ ألف مطور برامج من مختلف أنحاء العالم ينشئون تطبيقات على منصة الفيسبوك. فكرة المنصة جعلت الموقع صديق للجميع، واجتذب اليه متسخدمين من شتى الاهتمامات، وهذا الامر دفع العديد من الشركات العملاقة إلى تقديم عروض للفيسبوك لشراء جزء من أسهم الشركة، وبالفعل اعلنت مايكروسوفت أنها نجحت في شراء حصة تقدر بـ 1.6 ٪ من اسهم فيسبوك بـ 240 مليون دولار. لكن هذا التطور لم يكن آخر المطاف … النصيحة الرابعة : لا تتوقف مهما حدث .. استمر في العمل فالنجاح السريع الذي حققه مارك ضمن له بعض الوقت من الفراغ ورصيدا كافيا في البنك، لكنه لم يتوقف عن العمل، حصد الشاب ٥٠ براءة اختراع تحمل اسمه، ورغم أن اسمه تردد في كثير من وسائل الاعلام، إلا أنه لا يحب الظهور كثيرا، ومع ذلك اختارته مجلة تايمز كشخصية العام لأنه الاكثر تأثيرا في حياة الملايين، كذلك وضعته مجلة فوربس في الترتيب الاول على قائمة رواد الاعمال الشباب الامريكيين تحت 40 عاما، فقد نجح زوكربيرغ في عمر الـ 31 بتكوين ثروة قيمتها 45.1 مليار . ويمتلك مارك زوكربيرغ أكبر حصة في اسهم شركة الفيسبوك بنسبة تصل إلى 28.4%، وهى تساوي 4 ملايين سهم من فئة ألف، و422.3 ملايين سهم من فئة باء، ولديه قوة تصويتية داخل الشركة بنحو 54 % . والأن يترأس مارك هذه الشركة التى تضم أكثر من ثلاثة آلاف مهندس في ولاية كاليفورنيا في أكبر مقر عمل مفتوح في العالم، وبفضل ادارته وتطويره المستمر للموقع بلغ عدد مواطني امبراطورية الفيسبوك نحو 500 مليون نسمة. وبحسب تقدير مجلة فوربس لعام 2015، يحتل زوكيربرغ المرتبة الـ 19 في قائمة الاشخاص الاكثر تأثيرا في العالم، والمرتبة الـ 16 في قائمة مليارديرات العالم، والمرتبة الـ 12 في قائمة أثرياء الولايات المتحدة، والمرتبة السابعة في قائمة أغنى 400 شخصية عالمية، والمرتبة الرابعة في قائمة أثرياء عالم التكنولوجيا. النصيحة الخامسة: لا تنسى واجبك نحو الناس أثناء دراسته في جامعة هرافرد تعرف مارك على شريكة حياته بريسيلا تشان، كانت تدرس الطب في ذات الجامعة، وبعد صداقة دامت تسع سنوات قررا أن يكون يوم تخرجها هو يوم زفافهما، كان ذلك في ٢٠١١، منذ ذلك الحين بدء مارك يتوقف عن اكل اللحوم واصبح نباتيا. في ذات العام أعلنت فيسبوك عن خدمة التواصل بالفيديو(Video call) بالتعاون مع شركة سكايب الشهيرة، وقد استفاد من هذه الخدمة ٨٠٠ مليون مستخدم. النصيحة السادسة: لا تثق في الشبكة العنكبوتية يعتبر موقع الفيسبوك هو أضخم موقع تواصل اجتماعي في العالم، حيث يبلغ حجم التداول على الموقع نحو 1.35 مليار مستخدم شهريا، ويتم رفع وتحميل ١٤ مليون صورة يوميا على الموقع، واصحاب الهواتف الذكية يراجعون الموقع بمعدل ١٤ مرة في اليوم، وهناك حوالي 1.8 مليون إعجاب يتم كل دقيقة، و ما يقرب من 600 ألف محاولة قرصنة على الحسابات تحدث يوميا. الموقع بات بمثابة حكومة الكترونية دولية، وحسب تقديرات شركة فيسبوك هناك ٣٠ مليون حساب لاشخاص توفوا بالفعل، بينما هناك ٩٪ من الحسابات وهمية. لكن أخطر ما يحسب على الموقع أنه يراقب جميع المواقع الالكترونية التي زرتها حتى إذا كنت مسجل خروج من الموقع، ويتم حفظ جميع النصوص التي تكتبها وترسل إلى الخادم الرئيسي للموقع حتى لو لم تقم بنشره، واخيرا فإن مارك زوكربرغ هو الشخص الوحيد الذي لا يمكن منع صداقته على الفيسبوك … باختصار شديد أنت مراقب في دولة الفيسبوك. تقاس قوة الدول والمؤسسات بحجم ما تمتلكه من معلومات، والفيسبوك يمتلك بيانات أكثر مما تمتلكه غوغل وميكروسوفت، هذا جعل كثير من الجهات الامنية والاستخباراتية على مستوى العالم تستخدم الموقع كآداة لجمع المعلومات وقياس الرأي العام الجماهيري، أما الحكومات فقد تباينت في طريقة تعاملها مع هذا الموقع، فبعض الحكومات استخدمت الفيسبوك كوسيلة للتواصل مع المواطنين، وكانت استراليا سباقة في ذلك المجال، ففي أواخر 2008، قضت المحكمة العليا لمقاطعة سدني بأن الفيسبوك يمثل بروتوكولا صالحًا لتقديم إخطارات المحكمة إلى المدعى عليهم. لكن حكومات أخرى وجدت أن فيه قدر من الخطورة على الامن القومي لاسيما بعد احداث الربيع العربي، ومن ثم قامت بحجب الموقع في بلادها ، مثل سوريا وإيران. وبين ذاك وتلك، يبقى الفيسبوك دولة افتراضية عظمى ، المواطن فيها يتمتع بحقوق المواطنة العالمية، حرية لا تخلو من المراقبة والاختراق … هل لديك حساب فيسبوك؟ بقلم: ياسر هواري