أكد الباحث في تاريخ المدينة الدكتور تنيضب الفايدي أن الدنانير الذهبية العباسية سكت من منجم المهد بالمدينة المنورة، وفقا لشواهد أثرية وتاريخية وجدت منتشرة في طريق القوافل في العهد العباسي، وأثبت المؤرخون ارتباطها بالدولة العباسية التي استخرجت كميات كبيرة من الذهب في المهد شجعتها لإقامة مصانع لمجوهرات وحلي النساء. وقال في ورقته العلمية (مهد الذهب في التاريخ الإسلامي) التي ألقاها أمس في ندوة "مهد الذهب عبر التاريخ" الذي تنظمه الجامعة الإسلامية، اكتشفت قطعة ثرية مهمة عبارة عن قالب صب لصنع الخواتم، كما وجدت أحجار الرحى مختلفة الأحجام التي كانت تستخدم لتفتيت الصخور لاستخراج الذهب وقطع خزفية ملونة منتشرة في طريق القوافل في أراضي الخلافة العباسية، تشير إلى فترة زاهرة من تاريخ التعدين العباسي في منطقة مهد الذهب. استغلال مكثف للمعدن وتابع "إن الشواهد الأثرية تدل على أن المعدن استغل بشكل مكثف في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وبلغ إنتاجه في العهد العباسي 40 طنا، بحسب تقديرات خبراء التعدين، مشيرا إلى أن المعدن المديني هجر بعد زوال الدولة العباسية نتيجة انعدام الأمن، وجهل القبائل التي حلت في المنطقة بعد رحيل قبيلة سليم، وهي أول قبيلة عربية عملت في استخراج الذهب من المهد خارج الجزيرة العربية ليصل مبكرا لكل أنحاء العالم. وبيّن أن الوثائق العثمانية تؤكد إنتاج المعادن في عهد الدولة العثمانية إلا أنها لم توضح الكمية المنتجة. ونقل الفايدي عن المؤرخين قولهم إن تراب أرض المهد كان مخلوطا بالذهب قديما يظهر بريقه ولمعانه إذا سطعت عليه الشمس، مشيراً إلى أن استخراج الذهب كان في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، إذ ثبت أن بني سليم جاؤوا بالذهب بعد أن استخرجوه واستخلصوه، وكان يشبه بيض الحمام فابتاعه النبي وسد دينه واقتطع لبعض أصحابه منه. وبين المحاضر أن مهد الذهب أكبر مناجم الذهب والفضة والأحجار الكريمة في العالم يعود تاريخه إلى عهد نبي الله سليمان، حيث ظهر بتحليل ما تبقى من مخلفات التعدين في المهد أن مناجم الذهب يعود تاريخها إلى 961 قبل الميلاد، وهو يتفق مع فترة نبي الله سليمان، عليه السلام. وأكمل كان يسكن المهد بنو سليم وتأخر إسلامهم، وأظهروا العداء للنبي، صلى الله عليه وسلم، مما دعاه إلى غزوهم أكثر من مرة، ومن بين تلك الغزوات غزوة قرقرة أو غزوة بني سليم الشهيرة. مكانة مميزة وأضاف أخذت مهد الذهب مكانا مرموقا في عهد الدولة الأموية والعباسية، ففي العهد الأموي كانوا يعينون عمالا على المعدن، فأشار المؤرخ ابن الأثير إلى أنه في عام 128 كان كثير بن عبدالله عاملا على معدن بني سليم. ويقول إن طريق الحج المعروف بدرب زبيدة الشهير أكسب المهد أهميتها عندما مر بأرضها وحولها لإحدى أهم طرق قوافل التجارة القديمة، وذهب الفايدي إلى أن معادن مهد الذهب استغلت، ويبدو أن مهد الذهب كان من المواقع التي اهتم بها الأمويون، واستغلت مهد الذهب في العصر العباسي المبكر، خصوصا في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين لإخراج المعدن، ويتضح ذلك من الكسر الفخارية المنتشرة في الموقع حتى أصبحت للمهد شهرة عالمية في استخراج خامات الذهب إضافة إلى الفضة، وكشف التنقيب وجود معادن أخرى مثل النحاس والرصاص والقصدير في كل من مركز ثرب والعمق وصفينة والنطاق الإشرافي. هذا وشهدت المحاضرة مجموعة من المداخلات من الباحثين من أبناء محافظة المهد.