قبل ثلاثة أعوام، وبالتحديد في 5/12/2012م نشرت صحيفة التايمز اللندنية، بأن الولايات المتحدة وبريطانيا أعدّتا خطة عسكرية لمواجهة سوريا بريًّا، بمشاركة قوات من الأردن، وتركيا، وإسرائيل، حيث يقوم 75000 مقاتل من القوات البرية، ووحدات الكوماندوز بالسيطرة على منشآت الأسلحة الكيماوية السورية، كما ستفرض حظر طيران في أجواء سوريا لمنع الطائرات من ضرب الأهداف بصواريخ مزوّدة برؤوس نووية وكيماوية. ولم يُكذِّب «بوتين» خبرًا، فعمل على أن «يتغدّى بهم قبل أن يتعشوا به» -كما نقول في أمثالنا الشعبية- حيث غزا سوريا، وطبّق مثله الذي تبنّاه والقائل: (إذا فُرض عليك الشجار، فلتبادر أنت في توجيه الضربة الأولى)، وجعل الأمريكيين والغربيين تحت الأمر الواقع، وأعاد للأذهان غزو الاتحاد السوفيتي في عام 1970 لتشيكوسلوفاكيا الذي «تم في ليل»، وأوحى للجميع بأنه الوحيد الذي يمتلك مفاتيح الحل في سوريا، ولذلك فهو حينما يتحدّث عن أن الأولوية في حل المشكلة السورية يبدأ بطرد «داعش»، وأن الأسد يجب أن يظل، فهو يتحدّث من منطق القوة. فسُفنه الحربية ضاق بها ميناء طرطوس، وقاعدة حميميم في ريف اللاذقية تكتظ بأنواع عدة من القاذفات، وشتّى أنواع الأسلحة التي كانت مُعدّة لحرب عالمية، وليس لحماية نظام الأسد، وهو ما جعله يستفز تركيا أكثر من مرة باختراق أجوائها؛ حتّى نفد صبر الأتراك، فأسقطوا إحدى مقاتلاته، ويبدو أنه لم يأتِ بهدف محاربة داعش، وأن المقصود بانتهاك الأجواء التركية هو من أجل استفزاز الغرب الذي رأى أنهم ضعاف، ومتردّدون. ولذلك تحوّل بوتين من محارب لداعش، إلى مهدد لتركيا، وبدأ الروس في نبش الماضي، حيث لوّحوا بتقرير روسي تحدثت عنه وكالة «سبوتنيك» الروسية الحكومية، يتضمّن السعي لاستعادة أراضٍ لها كانت تحت الإدارة التركية، بموجب معاهدة «موسكو قارص» الموقعة في 1921 بين البلدين تقوم روسيا بالتصديق عليها كل 25 سنة، وهي مدينة قارص الأرمينية، وأردوهان، وجبل أرارات. من المؤكد أن طائرات «السوخوي» بجميع أنواعها، وطائرات «يوم القيامة» التي تحدث عنها وزير الدفاع الروسي، وصواريخ 300، و400، والقاذفات، والمضادات الدفاعية، لا يمكن أنها جاءت من أجل طرد داعش، بل لأهداف أخرى محاطة بكثير من السرية، سيباغت بها بوتين الغرب، فـإستراتيجية «بوتين» في سوريا -كما قال عنها الجنرال الأمريكي المتقاعد (ويسلي كلارك) القائد السابق لحلف الناتو- هي (إبادة كل القوى المعارضة لبشار الأسد في سوريا، والتي هي خارج إطار تنظيم الدولة الإسلامية، وجعل العالم بين خيار من اثنين، إمّا داعش، أو بشار)، وهي نظرية صحيحة إلى حدٍّ بعيد، فالروس أصبحوا الآن هم مَن يملكون زمام الأمور على الأراضي السورية، متسلّحين بدعوة رئيس النظام السوري لهم بالتدخّل. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تسنَّى لسلاح الجو الإسرائيلي قصف قاعدة عسكرية للفرقة 155 التابعة للجيش السوري في القطيفة، في ضواحي دمشق الجمعة الماضية، التي استهدفت قافلة شاحنات محمّلة بصواريخ باليستية، مع وجود منظومة إس 400 الصاروخية المضادة للطائرات؟!، الإجابة عن هذا السؤال -قطعًا- لا يملكها سوى اثنين: (بوتين، ونتنياهو)، وإذا عُرف السبب بطل -عند إيران، والأسد- العجب!. hnalharby@gmail.com