جاءت الزيارة التي يقوم بها الوزير الأول الفرنسي إلى الجزائر على رأس وفد مكون من 9 وزراء و 50 رجل أعمال لتنشيط الاجتماع الأول للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى التي ترأسها أمس الاثنين كل من جون مارك آيرو وعبدالمالك سلال، متناغمة مع الرغبة في فتح صفحة جديدة بين الجزائر وفرنسا التي عبَّر عنها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال زيارته للجزائر في ديسمبر 2012. وتأتي القمة الجزائرية الفرنسية التزاماً بتعهد نص عليه "إعلان الجزائر" حول الصداقة والتعاون بين فرنسا والجزائر الموقع عليه في ختام زيارة هولاند إلى الجزائر، والذي نص على إنشاء لجنة حكومية مشتركة رفيعة المستوى تعقد أول اجتماعاتها خلال العام 2013 لكنها مناسبة لفرنسا لإبراز حسن نواياها فيما يتعلق بطرح استثمارات مغرية توجد فرص عمل للجزائريين. وتمخضت اجتماعات اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى خلال اجتماعها امس عن توقيع على عدد من الاتفاقيات والعقود في عدد من مجالات التعاون على رأسها التوقيع على وثيقة إنشاء شركة جزائرية - فرنسية لإنجاز مصنع للصفائح الضوئية "أوراس سولار" بباتنة شرق الجزائر المنتظر تدشينه شهر مارس 2014، والتوقيع على اتفاقي شراكة بين "فرانس ميديا" ووسائل إعلام جزائرية من القطاع العام، واتفاقات في قطاع التكوين المهني والتعليم العالي تقضي بإنشاء مدرسة للمهن الصناعية ومدرسة وطنية للاقتصاد الصناعي. وهذا في وقت لا تتجاوز الاستثمارات الفرنسية في الجزائر أصابع اليد الواحدة والمتمثلة في مصنع الأسمنت "لافارج-اوغاز" و"سانوفي" للدواء ومصنع رونو للسيارات الذي يرتقب إنتاج 25 ألف سيارة في المرحلة الاولى على أن تصل الى 75 ألف سيارة وكلها استثمارات تتمركز في الغرب الجزائري بمنطقة وهران تحديداً، فضلا عن مشروع "تراموي" وهران الذي تسعى فرنسا إلى الفوز بصفقته. وتتهم الجزائر فرنسا بالتقاعس في دفع العلاقات من مجرد علاقات تجارية إلى شراكة استراتيجية متكافئة، فالجزائر غير راضية عن سقف التعاون كما هو عليه الحال اليوم مع بلد تجمعه مع الجزائر الكثير من العوامل المشتركة تاريخياً وعاطفياً وثقافياً وإنسانياً، لكن هذه العوامل غير مستثمرة في العلاقة بين البلدين والدليل تراجع مكانة فرنسا اقتصاديا في الجزائر خلال الستة أشهر الأخيرة من 2013 لصالح الصين وتركيا، وسعيها في هذه القمة إلى فتح صفحة جديدة، وإعادة التموقع مجدداً على المستوى الاقتصادي والسياسي على مقربة من استحقاقات الرئاسة 2014 وفي ظل أزمة مالية واقتصادية تعيشها فرنسا في وقت لا تتجاوز الاستثمارات الفرنسية في الجزائر عتبة 2.6 مليار دولار. وتم التعبير مجددا عن الرغبة في فتح صفحة جديدة بين الجزائر وفرنسا في الحوار المطول الذي أجراه جون مارك آيرو مع ثلاث صحف جزائرية خاصة منها صحيفة إلكترونية ونشر أمس في قول الوزير الأول الفرنسي أن فتح صفحة جديدة يجب أن "تستند إلى ركيزة الحقيقة لكي تتطور والحقيقة تمهد الطريق لتحقيق سلام الذاكرات وبناء المستقبل"، وشدد الوزير الأول الفرنسي إن بلاده ترغب أن "تتقدم مع الجزائر دون طي صفحة النسيان على الجراح مع الاستمرار في العمل على موضوع الذاكرة".