تقريبا اتفقت معظم الصحف اليومية المصرية الصادرة صباح أمس على إبراز قصة الخناقة بين عبدالله نجل الرئيس محمد مرسى وأحد الضباط المكلفين بحراسة منزل الرئيس فى الزقازيق، حيث قال النجل للضابط «أنا هقلعك الميرى.. وأقعدك جنب أمك»، إضافة إلى كوكتيل تهديدات أخرى كما ورد فى التقارير الصحفية. لو كنت مكان الرئيس وقرأت ما نشر عن ابنى بهذا الشكل لربما كان أول شعور ينتابنى هو أن معظم هذه الصحف تتربص بى وبأسرتى. البعض لن يلوم الرئيس إذا فكر بهذا الشكل، باعتبار أن حزبه وجماعته لديهما يقين لا يتزعزع أن معظم ما يكتب فى هذه الصحف تقف خلفه حملة منظمة تقودها الثورة المضادة لتشويه كل ما يبذله الرئيس والجماعة. لكن وبعد أن يفكر الرئيس فى هذا الشعور المبدئى أتمنى أن يفكر بعمق فى شىء آخر مهم جدا وهو أن بعض تصرفات أسرته بدأت تتحول إلى عبء عليه. علينا أن نتذكر أن نفس النجل هو الذى وصف معارضى والده بالبغال، وهو الذى تعدى على مراسل صحيفة الوادى بالشرقية. هناك احتمال ولو ضئيل ان ابن الرئيس برىء، وأن كل الوقائع السابقة هدفها تشويه صورة اسرة الرئيس. لكن هناك احتمالا آخر وهو أن الابن أخطأ وهنا وجب على الرئيس، لا أن يحاسبه، لكن أن يفكر فى الأمر بصورة أكبر وهى أن يطلب من أنجاله بحسم أن يعيدوا النظرفى مجمل تصرفاتهم. أتمنى أن يدرك الرئيس وسائر أنجاله وكل أنصاره أن المعارضة فى كل مكان بالعالم تضع تصرفات أسرة الرئيس تحت منظار مكبر، وتحاول أن تصطاد لهم أى هفوة، يحدث ذلك فى أمريكا وأوروبا مثلما يحدث فى أى دولة متخلفة. يدرك الرئيس أكثر منا الحديث الشريف «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس...» إلى آخر الحديث». يا سيادة الرئيس: البسطاء من الناس لن يدققوا كثيرا ويسألوا من كان المخطئ ابن حضرتكم أم ضابط الشرطة، سيصل إلى ذهنهم فورا أن النجل يحاول استغلال نفوذ والده. يا سيادة الرئيس لو كنت مكانك لطلبت من أنجالى أن يقرأوا مرة ومرتين وعشرين، قصة أولاد مبارك وكيف جعلوه ينتهى هذه النهاية المهينة، لو قرأوا قصة جمال مبارك ما خاطب ابنك الضابط بعبارة «إنت مش عارف بتكلم مين». كنا نظن أن هذه العبارة انتهت إلى الابد بعد أن بات الرئيس وأنجاله ينامون على «البرش» وليس فى القصور. مرة أخرى قد يكون بعض الإعلام يتربص بالرئيس وأسرته، لكن على الرئيس أن يعى أن تصرفات أولاده قد صارت عبئا عليه فعلا. حل ذلك سهل جدا، أن يتجنب الأولاد الأمور المشتبهات، وان يدركوا ان أى «نرفزة» أو انفلات أعصاب ــ حتى لو كان على حق ــ سيتحول فورا إلى خصم من رصيد والدهم. إذا قابل أحدهم غفيرا أو وزيرا، صحفيا أو ضابطا أن يتعامل معهه بأكبر قدر من التواضع والحرص حماية لسمعة والدهم، عليهم أن يتحملوا حتى لو تعرضوا للإساءة. قد يكون الأولاد صغار السن، وقد لا يدركون أن بعض التصرفات البسيطة والعفوية قد تحمل دلالات خطيرة تسىء إلى والدهم. ليس عيبا أن تكون هناك إدارة متخصصة تدرب هؤلاء الأنجال على كيفية التصرف فى الأمور المختلفة. المصريون لم يسمعوا عن جمال مبارك إلا بعد عشرين عاما من حكم والده، ولذلك يبدو غريبا أن يسمعوا عن أولاد مرسى بعد أقل من عشرين أسبوعا فقط من حكمه. *نقلاً عن صحيفة "الشروق" المصرية ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.