لا أعرف كيف نفوز في الحرب على «داعش». لكنني أعرف كيف نخسرها. وكانت الأيام الماضية توجهًا شاملاً ومحبطًا في ذلك الشأن. نخسر الحرب من خلال رد فعلنا على مجزرة باريس، وكذلك النقاش بشأن مسار التقدم إلى الأمام المدفوع بالمظالم الحزبية والمواقف، بدلاً من المحاولة الناضجة والدقيقة لمعالجة القلق المفهوم لدى الأميركيين، ومعرفة أننا لا نقوم بالأشياء الصحيحة، أو نفعلها بشكل غير كافٍ. نخسر الحرب إن لم يتخلص الرئيس الأميركي باراك أوباما من انزعاجه من منتقديه، واشمئزازه من معاداة بعض الجمهوريين البارزين الأجانب الذين يقودونه إلى إعادة النظر في استراتيجيته، وإدراكه أن شكوك كثير من الأميركيين حيال ذلك الأمر، جادة ولها ما يبررها. قال أوباما: «لا نصنع قرارات جيدة عندما نتخذها ونحن في حالة هستيرية». وكان يجب توضيح ذلك في واقع الأمر، وكان الرئيس مصيبًا تمامًا في كلامه هذا. لكن لا يمكننا الانغماس في التفكير الحالم هذا. يجب على الرئيس الميل إلى مشاعر الرأي العام، والإصغاء إلى مخاوف الساسة الآخرين في اختيار كلماته وتعديل نبرة خطابه. ولا يمكن تجاوز القلق الطبيعي الذي أعقب هجمات باريس من خلال السخرية والاستخفاف به. الأمر يتعلق بشرح - بوقار واحترام - الأسباب الكامنة وراء انتهاج مسارات معينة للعمل، وكيفية تعارض ذلك مع المبادئ الأميركية - مثل التعددية - التي نسعى لأن تجعلنا مثالاً يحتذيه العالم. نخسر الحرب ضد «داعش» إذا أصبحت إراقة الدماء في باريس - أو في بيروت - أرضًا خصبة للأفكار السيئة مثل الاختبارات الدينية الحاسمة للاجئين، أو الاختبارات الدينية بوجه عام. لا يا دونالد ترامب، لا ينبغي علينا إغلاق المساجد وتسجيل المسلمين. هذه أساليب رجعية وقمعية يتبعها أعداؤنا. ولا يا تيد كروز، لا ينبغي علينا قبول اللاجئين المسيحيين فقط. أجب عن هذا: كيف يمكن للدين أن يحدد مصير لاجئ أو أي شخص آخر؟ التعصب ليس زيًا يرتديه الشخص أو نصًا يحمله إنسان. التعصب موجود في القلب، بعيدًا عن نظر واكتشاف الآخرين. يا جون كاسيتش، أعلم أنك تتخبط في السباق الرئاسي، وتبلغ ذروة السخط، وأنت محق في التساؤل عن سبب عدم رؤية الناخبين الجمهوريين أنك ستكون خصمًا للمرشح الديمقراطي أفضل من دونالد ترامب أو بن كارسون. لكن الإجابة ليست مسرحًا خطابيًا سخيفًا، مثل اقتراحك مؤخرًا بإنشاء وكالة فيدرالية جديدة لتعزيز القيم اليهودية - المسيحية. يمكنني كتابة عشرات الآلاف من الكلمات عن كيف أن ذلك سيكون مضللاً ومخطئًا، لكن ليندسي غراهام رد على خطة كاسيتش بشكل جيد وموجز. قال غراهام: «أعتقد أنها كانت الحروب الصليبية». نخسر الحرب ضد «داعش» إن لم نكن جادين في اختيار مرشحينا الرئاسيين. كم يجب على ترامب وكارسون أن يتحدثا بشكل بذيء ويتلفظا بكلام تافه حتى يستفيق الأشخاص الذين يدعمونهما، ويدركوا أن اختيار الرئيس المقبل لهو أمر حاسم لمستقبل البلاد؟ يجب علينا انتخاب شخص يكون مستعدًا بشكل أفضل من كارسون. ويجب علينا انتخاب شخص أقل تهورًا وتغطرسًا من ترامب. ويجب علينا انتخاب شخص يكون منطقيًا أكثر من كونه آيديولوجيًا. نخسر الحرب ضد «داعش» إذا أصبحنا مشتتين للغاية في البحث عن العقول المدبرة لمؤامرة معينة، وعن الإرهابيين الذين نعرف أسماءهم. ويجب على وسائل الإعلام أن تركز الانتباه على ذلك. كما يجب علينا أن نتذكر أننا قتلنا أسامة بن لادن، وأننا استخدمنا الطائرات من دون طيار لضرب أهداف محددة تابعة لـ«داعش»، ومع ذلك، ندفن ونحزن على مقتل عشرات الباريسيين. ويرجع السبب إلى أن «داعش» ليس مجرد تنظيم يحرك دمى لا ترحم.. إنه يسيطر على منطقة تعيش في حالة فوضى عنيفة، وثقافة أزمات، وكل أنواع التيارات المتقاطعة الوحشية التي لا يمكن التعامل معها بالطائرات من دون طيار وحدها. يجب أن يكون هجومنا على «داعش» متعدد الأوجه. نخسر الحرب ضد «داعش» من خلال تبسيطنا الأمور. ونخسر الحرب من خلال السماح للعاطفة بتجاوز السبب. ونخسر الحرب من خلال تحويل انتباهنا إلى الداخل، وانشغال بعضنا باستهجان بعض، وابتعادنا عن المبادئ، لدرجة أن ما نقوم بحمايته لم يعد هو ما نفكر فيه. نخسر الحرب ضد «داعش» من خلال خسارة أنفسنا. وبهذه الطريقة يهزمنا «داعش». * خدمة «نيويورك تايمز»