كتاب (ساعات القدر في تاريخ البشرية) للروائي النمساوي ستيفان زيفايج، يزعم فيه في 14 محطة في التاريخ الإنساني أن تاريخ الجنس البشري فيها تغير وحسم عند هذه المحطات. وهو ينهج نفس نهج كتاب سبعة معارك فاصلة، أو ذلك الذي صنف أهم مائة وسبعة عشرين كتابا في تاريخ العقل،أو(مايكل هاردت) الفلكي الأمريكي الذي سرق كتابه كاتب عربي، ورصع اسمه عليه، بعنوان المائة الأعظم في تاريخ البشر أولهم محمد صلى الله عليه و سلم. وزيفايج يذكر قصصا عجيبة عن باب منسي (كيركا بورتا) في السور الداخلي الذي سمح للعثمانيين بولوج سور القسطنطينية (كان السور من جدارين). وأعظم شعر كتبه جوته من لحظة قبلة من (أولريكه فون فولستوف) بنت 19 ربيعا وهو ابن 74 عاما، وشيشرون أبو الجمهورية كيف أضاع اللحظة الخالدة، بعد مقتل قيصر في استعادة الجمهورية فدلفت روما للحرب الأهلية. وودرو ويلسون صاحب المبادئ الـ 14 لعصبة الأمم كيف تمكن منه السياسيون كليمنصو وأشباهه في 15 نيسان 1918 في مؤتمر الصلح في باريس؛ فذهبت مبادئه أدراج الرياح، وسلم الراين والألزاس لذئاب السياسة الفرنسيين ففتح الباب للحرب العالمية الثانية. وكيف ضاعت واترلو من يد نابليون، بحماقة الجنرال غروشي الذي أضاع الفرصة الخالدة بالاتباع الحرفي للأوامر؛ فضاع في غابات بوهيميا خلف الجيش البروسي المهزوم مطاردا، والألمان كانوا في واترلو مع ولنجتون يطحنون ناي ونابليون والجراند أرمي (الجيش العظيم). وبطل اكتشاف القطب الجنوبي سكوت وهو يخط الأسطر الأخيرة لزوجته ويقول زوجتي ثم يشطب ويقول أرملتي فقد وصلوا القطب في النهاية ولكن أمواتاً؟ وكذلك قصة مد كابل التلغراف بين أوروبا وأمريكا، في ملحمة من أعظم ملاحم العلم والتقنيات، على يد سايروس فيلد، والفشل المتكرر الذي لا يحطم إرادة العظماء؟. وقصة الغربال المشؤوم في كاليفورنيا، حين اكتشف الذهب في أرض سوتر؛ فلم تبق أرضا ومات فقيرا، وهو يمتلك إمبراطورية من الذهب الخالص ولكن بيد الحرامية وليس بيده؟. أهمية ماذكر تسفايج الذي أنهى هو بدوره حياته منتحرا في الأرجنتين بعد أن احتل النازيون بلده. أهمية ما ذكر أن لحظات حاسمات تغير مجرى التاريخ، ويمضي التاريخ أحيانا قرونا دون تغير يذكر. ويشير ديورانت المؤرخ إلى ملوك وقيادات غيروا مجرى التاريخ، بينما تسير مجريات التاريخ على سير ملوك لم يحدث أي شيء هام في عصرهم إلى درجة قوله بفكرة ضغط الزمن.