تونس علي قربوسي، أ ف ب يُتوقَّع أن تشهد ولاية سيدي بوزيد (وسط غرب تونس)، مهد «الربيع العربي»، غداً الثلاثاء يوم «غضب» في الذكرى الثالثة لاندلاع «الثورة» التونسية، وذلك للاحتجاج على تردي ظروف المعيشة وتفاقم البطالة والفقر التي كانت من الأسباب الرئيسة للثورة. وبدأت الثورة التونسية في سيدي بوزيد في 17 ديسمبر 2010 عندما أضرم البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عاما) النار في نفسه أمام مقر الولاية احتجاجا على مصادرة الشرطة البلدية عربة الخضار والفاكهة التي كان يعيش منها. وتوفي البوعزيزي في الرابع من يناير 2011 في المستشفى متأثرا بحروقه البليغة، وأججت وفاته احتجاجات شعبية عارمة انتهت يوم 14 يناير 2011 بسقوط النظام. ودفعت ولاية سيدي بوزيد أول «شهيدين» خلال الثورة عندما قمعت قوات الأمن بالرصاص يوم 24 ديسمبر 2010 تظاهرة في معتمدية منزل بوزيان التابعة للولاية. وقال يوسف الجليلي الناطق الرسمي باسم لجنة 17 ديسمبر 2010 التي تأسست يوم أحرق البوعزيزي نفسه: «غداً الثلاثاء سيكون يوم غضب في سيدي بوزيد احتجاجاً على سياسة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية؛ لأنها لم تف بوعودها وخانت مبادئ الثورة». وأضاف «من المتوقع تنظيم مسيرة سلمية كبيرة غداً تجمع كل القوى الديمقراطية» بالتنسيق مع منظمات أهلية ومع المكتب الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل. ورفض المتحدث تنظيم أي شكل من أشكال الاحتفال «الفلكلورية» في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التي يُنتظر أن يتم خلالها أيضا إحياء ذكرى المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا العام الحالي على يد جماعة تكفيرية، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية. وأدخل اغتيال بلعيد والبراهمي تونس في أزمة سياسية حادة أدت إلى مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. ورفض المنظمون بشكل قاطع حضور رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) مصطفى بن جعفر أو رئيس الحكومة علي العريض إلى سيدي بوزيد للمشاركة في إحياء الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة. وكان متظاهرون طردوا في 17 ديسمبر 2012 المرزوقي وبن جعفر من سيدي بوزيد ورشقوهما بالحجارة. وقال الكاتب العام للمكتب الجهوي لاتحاد الشغل في سيدي بوزيد لزهر قمودي «نرفض رفضا قاطعا حضور الرؤساء الثلاثة؛ لأن كل ما فعلوه هو تفقير منطقتنا، ليس لهم أي مصداقية». في المقابل، من المنتظر تنظيم احتفالات «رسمية» في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة في سيدي بوزيد. وقال محمد الجلالي رئيس الهيئة المديرة لمهرجان 17 ديسمبر 2010 بسيدي بوزيد إن الدورة الثالثة للمهرجان لن تكون «احتفالية» بسبب «الوضعية الحرجة التي تمر بها البلاد». ويعول الجلالي على حضور مسؤولين رسميين كبار إلى سيدي بوزيد بحسب برنامج المهرجان. ويعيش سكان ولاية سيدي بوزيد التي يقطنها حوالي 418 ألف شخص (وفق آخر الإحصائيات الرسمية) حالة من الإحباط والسخط بسبب البطالة والفقر وارتفاع الأسعار، وتبلغ النسبة الرسمية للبطالة في الولاية 24.4% وهي الأعلى في تونس، ويمثل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي نسبة 57.1% من إجمالي العاطلين. وقال منجي الشعيبي العضو في لجنة 17 ديسمبر 2010 «مضت ثلاث سنوات (منذ اندلاع الثورة) ولم يتغير شيء، ولا يزال الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعباً في هذه المنطقة الغارقة في البؤس». وأضاف أن «الشيء الوحيد الذي تغير في سيدي بوزيد هو بناء جدران عالية حول مقرات مؤسسات الدولة». وشهدت ولاية سيدي بوزيد خلال العامين الأخيرين احتجاجات على تردي ظروف المعيشة، وتحولت بعض هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف تم خلالها الاشتباك مع الشرطة وحرق مقر حركة النهضة الإسلامية الحاكمة ومحاصرة مقر الولاية. في سياقٍ آخر، اختير وزير الصناعة الحالي مهدي جمعة رئيساً للحكومة الجديدة بـ 9 أصوات مقابل صوتين لجلّول عيّاد بعد عملية اقتراع جرت بين الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني. وسيكلّف جمعة بتشكيل الحكومة الجديدة خلال الأسبوع المقبل لاستكمال خارطة الطريق التي أعلن عنها وسطاء الحوار الوطني. ومهدي جمعة هو وزير الصناعة في حكومة علي العريض وقد حظي بدعم من حركة النهضة في سباق اختيار رئيس الحكومة الجديد ضمن جلسات الحوار الوطني. وُلِدَ جمعة في 21 إبريل 1962 في المهدية، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال، حصل على شهادة مهندس أول من المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس سنة 1988، ثمّ شهادة الدراسات المعمقة في الميكانيكا والنمذجة من المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس عام 1989. اختير جمعة وزيراً للصناعة في حكومة علي العريض التي تسلمت المهام بصفة رسمية يوم 13 مارس الماضي عقب أدائها اليمين الدستورية وتزكيتها من المجلس الوطني التأسيسي.