×
محافظة المنطقة الشرقية

العنبري: فوزنا على الوصل عزز ثقة اللاعبين

صورة الخبر

لست أُنكر أني من قرَّاء الزميل العزيز علي الموسى، والمنتفعين بما يكتب، وهو واحد من الكتاب الذين أحرص على متابعتهم وأستنير برأيهم، كما أني كثيراً ما أتفق معه فيما يكتب، ومن النادر أن أختلف معه، لكن هنالك حالات استثناء لولا معرفتي بسموِّ فكره ونبل هدفه وثراء لغته لقلت: إنه يكتب أحياناً بطريقة مزاجية، يخالف لأجل المخالفة، ويسبح عكس التيار، فيكون رأيه أشبه ما يكون بالتجديف على الرمال، فتراه يجر الموضوع إلى حيث يريد أن يكتب، ولا يذهب إلى حيث يجب أن يذهب، فيجيب عن أسئلة لم تُطرح، ويصطنع متهمين بلا قضايا، فمع أن من المسلمات أن وجود بعض الشيء لا يعني بالضرورة وجود كل الشيء، إلا أني لا أدري كيف توصل الزميل العزيز إلى أن معرفته بوجود شيوخ يتمتعون بدرجة عالية من النزاهة، تعني نفي وجود شيوخ آخرين مخالفين لهم تماماً، كما لا يجوز له أن يحاكم النصف الحسن الذي يعرف بالقياس على النصف غير الحسن الذي نعرف، فله عين ولنا أعين، ومع أن هنالك فارقاً كبيراً بين أن تقول للناس: (هناك قرارات مصيرية يكون لشيوخ القبائل دور حاسم فيها)، وبين أن تقول: (شيوخ القبائل يمنحون الجنسية أو يسحبونها) إلا أن الزميل العزيز تعامل مع هاتين العبارتين على أن لهما نفس المعنى، من خلال إشارته الضمنية لذلك في مقاله السابق، وتحليله بناء على هذا الأساس، مع أن من المعروف أن توقيع شيخ القبيلة شرط لازم، ولكنه غير كافٍ في حصول أبناء القبائل على الجنسية، كما أني أطمئن الزميل أني لست بحاجة لأن أذهب إلى بيئته الاجتماعية ومنطقته الجغرافية لأكتشف أن هناك شيوخ قبائل على درجة عالية من النزاهة والإيثار، يدفعون من جيوبهم شهرياً أضعاف ما ينفقونه على أسرهم وحياتهم الخاصة كما ذكر الزميل، لأن في بيئتي الاجتماعية ومنطقتي الجغرافية ما يغنيني عن هذه الزيارة، ولدينا من شيوخ القبائل في منطقتنا من هم بهذه المواصفات التي ذكرها الزميل العزيز وأكثر، ولا شك في أن هذا الصنف من الشيوخ غير معني بمقالي السابق، وأنا وغيري من أبناء المنطقة نحترمهم ونعلي من أقدارهم، بل نضعهم فوق رؤوسنا، لكنني تحدثت عن صنف واحد وبإمكان الزميل وغيره الحديث عن الباقين، مع أهمية الفصل بين هذه الأصناف، وإنزال كل واحد منهم المنزلة التي يستحقها، فلو أني أردت الحديث عن النوع الآخر من شيوخ القبائل لأتيت بمآثرهم وأفضالهم ولدعوت الله أن يكثر من أمثالهم، ويطيل في أعمارهم، ثم إنه ليس من المعقول أنه كلما أراد أحدنا انتقاد ظاهرة من الظواهر توجب عليه أن يكتب عنها بكل تفاصيلها ودرجاتها، ولا يُلجأ لهذا الأسلوب عادة إلا حين يريد الكاتب أن ينتقد دائرة يرأسها مسؤول كبير، فتراه يأخذ دورة رقابية في الثناء على ذلك المسؤول وذكر مآثره وأفضاله وتاريخه قبل أن يتغافل الرقيب ويقول رأيه. يجب القول إن ما ذكرت عن بعض شيوخ القبائل في المقال السابق هو جزء من الحقيقة، وليس الحقيقة كلها، كما أني آثرت التلميح لا التصريح، لا خوفاً من المسؤولية، لوضوح الأدلة، بقدر ما أنه حتميات قبلية، لأن ما ذكرت أكبر من أن يُخفَى، وأوضح من أن يُنكَر، كما أني أقول ذلك على اعتبار أنه أقل الإنسانية في باب المشاركة للمعدمين والمحرومين الذين يتم استغلالهم من بعض شيوخ القبائل، ويعملون على تعقيد قضيتهم وتصعيب حلها، مع العلم أنهم أبناء قبائل معروفة، دعتهم ظروف آبائهم للعيش في دول خليجية مجاورة، وقد لا يكون لهم ذنب فيما يحصل، ولو أني حوَّلت للزميل العزيز بعضاً من الرسائل التي وردتني تعليقاً على ذلك المقال، وأكثرها من خارج الوطن، لهاله الوضع واستهوته أحزان، مؤكداً له أني أنتمي لقبيلة تكاد لا تعاني في مجال التجنيس تحديداً، ليعرف أني أكتب بشكل مبدئي لا شخصي، وقد يكون لعدم معرفته بالشريحة التي أتحدث عنها وعدم إحاطته بالظروف القاسية التي ترزح تحتها دور كبير في الضبابية وعدم وضوح الرؤية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقال، كما أن من الواضح أن الزميل العزيز قد تحسس من كلمة (الإقطاع)، مع أن الفساد لا يخضع لأذواقنا، ولا نتلذذ في الإتيان على ذكره، فليته يشرفنا في بعض المحافظات لنأخذه في جولة بسيطة على بعض القرى والهجر المحيطة بها، ليرى أعلام الدولة مرفوعة على أسطح بعض بيوت شيوخ القبائل، وليرى الناس يتوافدون على مبنى الإمارة المنقول إلى بيت شيخ القبيلة، لإعلان الولاء له من جهة ولإنجاز المعاملة من جهة أخرى، إلا الذين هم على خصومة مع الشيخ -وما أكثرهم- فعليهم البحث عن حلول أخرى، منها تأجيل معاملتهم، أما المستعجلون منهم فليس لهم من حل سوى البحث عن وساطة أشخاص آخرين مقرَّبين من الشيخ، وهذا يتطلب مزيداً من الإذلال والمسكنة وإراقة ماء الوجه، فإما أن يرقَّ لهم قلب الزميل العزيز، وإما أن يدعوا ربهم أن يرزقهم مشيخة تدفع الأموال من أجلهم كمشيخة الغالي علي الموسى.