لدينا ظاهرة فريدة على مستوى العالم كله!.. وهي ليست ظاهرة طبيعية بأي حال من الأحوال! .. وهذه الظاهرة تتمثل في سرعة الانتقال من الأحياء الجميلة اذا اكتملت خدمتها وتكامل العمران فيها وانتهت الحفريات، مع انها لا تنتهي عندنا بحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه! فعدم التنسيق بين الدوائر الحكومية وشركات الكهرباء والماء جعل الحفريات تلازمنا في كل الاوقات والأحياء والأنحاء ولكنها أقل بكثير في الأحياء المتكاملة والتي تكثر الهجرة منها الى أحياء جديدة كلها (غبار وبناء وعُمّال وأراضٍ بيضاء وعجاج وخَبْطٌ وإزعاج من مشروعات البناء الجديدة المبعثرة كالمعزى في ليلة مطيرة ..). هذه الظاهرة السيئة جعلت المدن عندنا تتمدد بشكل مخيف ومزعج ومتعب للدولة في توفير الخدمات وتعميم الأمن وتنفيذ الشوارع والطرق (وبمناسبة الشوارع نلاحظ أن الحفر تكثر حتى بعد السفلتة، والأرصفة صارت تكبر والشوارع تصغر مع أننا أقل دول العالم حاجة للأرصفة لقلة المشاة ومن أكثر دول العالم حاجة لسعة الشوارع بسبب كثرة السيارات!. إن الهجرة من الأحياء الجميلة المتكاملة الى أحياء بعيدة خالية ظاهرة غير صحية بكل المقاييس، وهي تجعل مدننا تتورم أوراما مخيفة نخشى أن تتحول إلى (خبيثة) اذا استمر التمدد الرهيب .. ومع الأسف تنقصنا الدراسات الاجتماعية الرصينة ، والوعي المطلوب، بل ربما قلت ينقص الكثير منا الهدوء والطمأنينة فكأننا في رحلة مستمرة ومُسْرِعة ومُزْعِجة. ومع الهجرة من الأحياء المتكاملة، او من أسبابها، وجود المؤسسات والمدارس الخاصة وسكن العمالة في تلك الأحياء..لا أدري أيهما الأسبق : هجران الكثيرين للأحياء المتكاملة الجيدة أم زحف المؤسسات والمدارس الخاصة والعمالة الوافدة على تلك الأحياء؟ لا نعرف السبب من النتيجة؟ لكن تلك الظاهرة مرهقة، مزعجة، مكلّفة للجميع : للأفراد والأُسر والدولة وشركات الخدمات المختلفة، وهي ايضاً من أسباب ارتفاع اسعار الأراضي غير المبرر واللامنطقي، ومن أسباب قلة التواصل الاجتماعي وصلة الأرحام لتباعد الأحياء وشدة الزحام.. انها ظاهرة جديرة بالتقصي والمعالجة وإزالة الأسباب التي أدت إليها وإلى توابعها البغيضة.