أعتقد أن الحديث عن تطبيق العقوبات على التجاوزات المالية والإدارية والخلل في المشاريع الحكومية أصبح مضيعة للوقت، فليس من المعقول أن يرى المواطن العادي هذا التقصير بالعين المجردة، بينما يعجز مجهر الأجهزة المتعددة عن كبح كل ذلك!. لذا، وصلت إلى قناعة أن الحل هو بابتعاث المقصرين في واجباتهم إلى كوريا الشمالية، لأخذ دورة "تأديبية" على يد زعيمها والمعروف عنه أصلا أنه "مدوّر الزلات". وأنا على يقين أنهم سيعودون، وقد نهلوا من العقوبات ما يجعلهم يغيرون طريقة قيادتهم لدوائرهم الحكومية إلى الأفضل! ففي العاصمة "بيونغ يانغ" رجل لا يرحم، ولا يتردد في إيقاع عقوبات غير مألوفة على المقصرين، ولو كانوا من أقرب الناس إليه. لكن ما قد يحول دون الابتعاث إلى هناك عدم وجود علاقات دبلوماسية مع كوريا الشمالية. وبذلك، لا يتبق من حل إلا استيراد بعض من أفكار العقوبات التي يبتكرها ديكتاتورها، وتطبيقها هنا بعد إجراء بعض التعديلات عليها لتصبح وفق "الخصوصية السعودية"! لا أطالب بعقوبات عنيفة كما يفعل "كيم جونغ أون" بأتباعه من رمي أحدهم إلى الكلاب الجائعة لتنهشه، أو وضع آخر على فوهة مدفع ومن ثم إطلاقه، أو إجبار بعض مخالفيه على تجرع السم، المطلوب أرق من ذلك بكثير، فقط عقوبات تأديبية من جنس العمل الذي قصر فيه المسؤول. فمثلا، عندما يوصل أب ابنته على دراجته إلى مدرستها البعيدة لتعذر قبولها في المدرسة المجاورة لبيتها –كما نشر قبل يومين- يعاقب المسؤول بنقل الطالبة على ظهره يوميا من وإلى المدرسة بعدد الأيام التي "تبهذلت" فيها الطفلة ووالدها، ثم يقوم بإصلاح الخطأ وينقلها لأقرب مدرسة إلى بيت ذويها. وحينما تفشل مشاريع تصريف مياه السيول والأمطار، يوضع المسؤول داخل تجمع المياه، ولا يسمح له بالخروج إلا بعد سحب آخر قطرة ماء من شوارع المدينة. وعندما يتعذر وجود سرير لمريض في مستشفى رغم حاجته إليه، يمنع صاحب القرار من النوم حتى يوجد له سريرا. وهكذا. صحيح أن عقوبات ديكتاتور كوريا الشمالية لم تحصن مسؤوليها من الفساد، إذ إن بلاده -إلى جانب الصومال– من أكثر دول العالم فسادا وفق مقياس الفساد العالمي، لكنها على الأقل عقوبات تشفي غليل من يشعر بالغبن لترك فاسد يهنأ بفساده!.