×
محافظة المدينة المنورة

غرق 13 والدفاع المدني يخلي مسؤوليته

صورة الخبر

استضافت العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر المناخ، وهو حدث عالمي بالغ الأهمية لموضوع جدلي ولكنه حساس، وكان المؤتمر أشبه بقمة حضرها العديد من قادة وزعامات العالم. ظاهريًا تبدو القمة معنية باستحداث أنظمة وقوانين جادة وعالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري التي ترفع من درجة الحرارة في الكرة الأرضية فتمنع من تبخر مياه البحار، فيزداد منسوبها، فتكون سببًا في أعاصير وعواصف مدمرة وغرق بعض الجزر أيضًا وتآكل الحدود الشاطئية للمدن الساحلية. هناك صراع كبير داخل الولايات المتحدة نفسها ومحوره أن هناك فريقًا (الديمقراطيين) يرون أن هناك دلائل علمية قوية ودامغة ومؤيدة تشرح وبشكل قطعي الأضرار التي تسببها هذه الظاهرة على الطبيعة والإنسان، وهناك فريق آخر مقابله (الجمهوريين) يرون أن هناك مبالغات وتهويلاً وتضخيمًا بلا دلائل كافية لدعم الاتهامات والادعاءات، وأن تبني وجهة النظر هذه سيجعل المتضرر الأول بسببها القطاع الاقتصادي الأميركي، لأنه سيتحمل خسائر عظيمة بسبب الشروط والضرائب والرسوم التي ستفرض عليه وبقسوة حتى يكون مطابقًا لما هو مطلوب. كذلك هناك حرب خفية أخرى تروج لها دول الصين وروسيا والهند تحديدًا، فهي تعتقد أن المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة يرغب في كبح جماح النمو الاقتصادي لهذه الدول التي ستشكل تهديدًا وخطرًا تنافسيًا عليهم في المدى المنظور وغير بعيد، علمًا بأن أكبر دولة «ملوثة» ومسبِّبة لمشكلة الاحتباس الحراري هي الولايات المتحدة، وإن كان لديها توعية وقوانين أكثر بكثير من الصين والهند اللتين تتصدران العالم في أكثر الدول في التلوث «التصاعدي» نظرًا لأن اقتصاديهما لا يزالان يعتمدان بشكل أساسي على وسائل الطاقة الملوثة مثل النفط والفحم، وهي تجرم اليوم بشكل واضح لتكون في فوهة مدافع الاتهام والمساءلة، مما يجعل الموضوع يتحول إلى المسؤولية التي ستقع على البرامج البيئية في الدول العربية (إن وجدت)، فها هي السحابة السوداء لا تزال تحتل سماء القاهرة باعثة سمومها للناس، والقمامة لا تزال تحديًا إعجازيًا في بيروت، والصرف الصحي لا يزال مشكلة، وكذلك سيول مياه الأمطار وتصريفها وردم النفايات وإعادة تدويرها واجتثاث الأشجار لصالح مقالع الصخور لإنتاج الخرسانة الجاهزة هي أيضًا معضلة لا يمكن إغفالها، ناهيك بتلويث البحار والأنهار بشكل همجي. الوعي البيئي والتحديات المصاحبة لهذا المجال الحيوي يتم التعامل معها على أنها نوع من الترف الفكري لا يهم سوى نخبة من المثقفين، ولكن الغيبوبة البيئية العميقة التي يعيش فيها العالم العربي سيدفع ثمنها بشكل باهظ جدًا حينما تطاله تشريعات مهمة وقاسية جدًا، فالخطر البيئي اليوم لم يعد فقط حملات توعية عن الضوضاء والتلوث، ولكن تمت إعادة تعريفه بشكل أكثر دقة وأهمية وخطورة ليكون تهديدًا صريحًا للبشرية وحياتها على كوكب الأرض نفسه، وفي هذه الحالة لن يسمح لأي أحد بتهديده. وهناك تكمن خطورة التحدي المقبل.