لم تغير الثورة التي شهدتها ليبيا قبل أكثر من 4 سنوات من طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الشبان والفتيات، الثقافة التقليدية المحافظة ضوابط المجتمع الصارمة لا تزال تتحكم في علاقاتهم العاطفية. مازالت فرص التقاء الشاب بالفتاة وإقامة علاقة بينهما محدودة أو مخفية في ليبيا يحكمها سواء الدين أو الطبيعة البدوية المحافظة والقيود المجتمعية والرقابية. المدون عيسى عبد القيوم أكد إن الاختلاط والعلاقات بين الجنسين فى ليبيا أصبح يسير فى منحنى تنازلي. وأضاف لـCNN بالعربية أن العلاقات كانت أيام المملكة وحتى السبعينات من العهد الجمهوري مألوفة فى الجامعات والأعمال وفى الشارع، ولكنها بدأت تنحسر فى العشريات الأخيرة بضغط من الاسلام المغلوط. وأوضح أنه بعد الثورة أصبح الأمر أكثر شحا، حيث باتت الكثير من الأسر لا تأمن على سلامة بناتها وسط الشعارات المتشددة والرافضة لوجود المرأة مع الرجل وزاد من تفاقم الأمر سيطرة بعض المليشيات المسلحة على بعض البوابات ومداخل المؤسسات. وقال إنه منذ السنة الماضية بدأ تنظيم داعش في فرض قيود أكبر على حركة النساء عموما فى مدينتي سرت ودرنة فيما شهدت بنغازي تحسنا طفيفا بعد سيطرة الجيش على أغلب أحياءها. وتشهد ليبيا في الفترة الأخيرة تزايدا لنفوذ التيارات الإسلامية، مع سيطرة تنظيم داعش على عدد من المدن والأحياء. عبد الستار عاشور ناشط اجتماعي، قال لـCNN بالعربية إن هذا الوضع ساهم في تقلص العلاقات العاطفية في ليبيا بين الشبان وقلل من حجم التواصل بينهما، مشيرا إلى أن الامر راجع إلى التخوف من هيئات المحاسبة والعقاب التي شكلتها التنظيمات المتشددة. وكانت التنظيمات الاسلامية المتشددة التي فرضت وجودها في ليبيا شكلت هيئات أطلقت عليها اسم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ودعت المواطنين في بياناتها إلى ضرورة اتباع أوامر الشريعة الإسلامية في التشديد على عدم اختلاط الجنسين وحرمة خلو الانثى بالذكر دون محرم. وأضاف عاشور أن الانفتاح السياسي الذي عرفته البلاد لم يعقبه انفتاح اجتماعي حيث مازالت العلاقات التي تربط الجنسين مغلقة في أغلب المناطق، مشيرا إلى أن النظرة المتزمتة مازالت هي المتحكمة. وعزا ذلك إلى أن المجتمع الليبي يتميز بمحافظة اجتماعية كبيرة وهو ذو أساس قبلي وعشائري ممّا يصعب عملية التغيير نحو الاتجاه العصري. وتابع أن التغيير سهل على مستوى الشكل أمّا على المستوى الفكري فهو يحتاج إلى وقت طويل من أجل إزاحة منظومة فكرية تقليدية وإحلال محلها منظومة حديثة متجددة. وفي ظل هذا الواقع، يجد الشباب صعوبة في إقامة علاقات عاطفية بسبب ضغط الأهل ونظرة المجتمع. عائشة الطرابلسي لا تمانع في الدخول في علاقة مع شاب ولديها رغبة كبيرة في الاختلاط مع الجنس الآخر، لكن عائلتها مازالت عائقا أمام طموحها. تقول لـCNN بالعربية " أسرتي ترفض بتاتا أن أقيم علاقة عاطفية مع شاب وأن أتصاحب مع الأولاد، يعتبرون ذلك شيء محرّم ومخالف للدين، مجتمعنا هنا يقيّم أخلاق وتربية وعفة الفتاة انطلاقا من علاقاتها بالجنس الآخر". وأوضحت أن العلاقات العاطفية مازالت لا تجد الاعتراف في المجالات الأسرية بل تعدّ من المحّرمات خاصة بالنسية للفتيات، مضيفة أنها تطمح وتطوق إلى تغيير هذه الثقافة نحو مزيد من الانفتاح والحرية. زكريا بن خالد متخرج من إحدى جامعات بنغازي أفاد لـCNN بالعربية أن كل علاقات الحب في ليبيا محكوم عليها بأن تبقى في الخفاء، إلى أن تموت في الخفاء، أو في أحسن الأحوال، إلى أن يتقدم الشاب لخطبة صديقته والزواج بها. ويتألم بن خالد لأنه لم يعد يجد مكانا يلتقي فيه حبيبته، بعد انتهاء جامعتهما، مؤكدا صدق مشاعره تجاهها خاصة أن التقدم لخطبتها قد يستغرق بعض الوقت بسبب الظروف المادية. ومع تعنّت المجتمع ورفضه العلاقات المختلطة، وجد الشباب الليبي ضالته في شبكة الانترنيب خاصة المواقع الاجتماعية للبحث عن الحب بعيدا عن الواقع الاجتماعي والثقافي والديني المفروض عليه. أسماء قمو باحثة عن شغل، أفصحت لـ CNN بالعربية أنه لم تتوفر لها الفرصة لإقامة علاقة عاطفية واقعية بسبب قيود العادات والتقاليد وبالتالي فهي تجد في شبكة الانترنيت وسيلة للتعارف والتواصل مع الجنس الآخر دون رقيب. من جهته أخرى الكاتب محمد أقميع أكد لـ CNN إن الطبيعة التي تحكم العلاقات بين الجنسين تختلف من مدينة إلى مدينة ومن بيئة إلى بيئة، موضحا أن سكان الأرياف والجنوب الليبي خاصة لديهم نظرة محافظة تحرّم إقامة مثل هذه العلاقات في حين تكتسب هذه العلاقات نوعا من التحرر في المدن الكبيرة.