اندلع صراع جديد بين وزارة العدل والحريات في المغرب ومجموعة من القضاة، وذلك على خلفية استدعاء قاضيين للتحقيق بتهمة "الإخلال بالواجبات المهنية وبواجبات التحفظ"، إثر تعبيرهما عن آراء رأت فيها الوزارة ضربًا لحيادية القاضي. القراران الجديدان يهمان القاضية آمال حماني، عضو المجلس الوطني لقضاة المغرب، التي تم استدعاؤها من طرف المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات بسبب "بعض المقالات والتدوينات" التي نشرتها على فيسبوك، بينما تمت إحالة القاضي محمد الهيني، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، على المجلس الأعلى للقضاء بسبب "اتخاذه موقفًا سياسيًا". وقال المفتش العام بوزارة العدل والحريات، في تصريحات نقلها الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، إن استدعاء آمال حماني تم بأمر من وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بما أن بعض البرلمانيين، اعتبروا تدويناتها المنشورة في مجموعة الصفحة الرسمية لنادي قضاة المغرب على فيسبوك "تهديدًا لهم وخرقًا لواجب التحفظ والأخلاقيات المهنية". التدوينة معرض الجدل، قالت فيها القاضية: " المحاكم ملعبنا والقانون عملنا وخباياه لا تخفى علينا، وتفسيره جزء كبير من مواهبنا وأسراره الهواية التي نتسلى بها فلا خوف علينا لأن مكة أدرى بشعوبها.. لأننا في كل مرحلة سنجد دائما أسلوبا مبتكرا يرد كيدهم في نحورهم ويجعلهم يندمون على اليوم الذي خطت أيديهم هدا القانون أو ذاك فلن نعدم الوسيلة". وذلك في حديثها عن مشروعي قانون إصلاح العدالة في المغرب. في الجانب الآخر، نقلت رسالة صادر عن وزارة العدل والحريات، نشرها القاضي محمد الهيني على حسابه بفيسبوك، إنه تمت إحالته على المجلس الأعلى للقضاء بسبب "ما نسب إليه من ارتكاب إخلالات بالواجبات المهنية، وذلك باتخاذ موقف يكتسي صبغة سياسية، والإخلال بواجب التحفظ، حسب التقارير الواردة في هذا الشأن". ويعد قرار الإحالة في حق الهيني، هو الثاني من نوعه، بعد متابعته سابقًا بتهمة الإخلال نفسها. "قرار متابعتي قرار سياسي وانتقامي وتحكمي من طرف وزير العدل شخصيًا، مشوب بالانحراف في استعمال السلطة للتغطية على الفشل الذريع لوزارته في إقرار مشاريع ضامنة لاستقلال السلطة القضائية بغية تكميم الأفواه وقمع حرية القضاة في التعبير والتنظيم" يقول الهيني في تصريحات لـ CNN بالعربية. وتابع الهيني: "لقد تم حرماني من حقي في معرفة أولا مضمون الشكاية وثانيا أطرافها الوهميين المحركين لخيوطها، وثالثا حرماني من تسلم نسخة من الشكاية، ورابعا لم يتم تمكيني من أجل إعداد الدفاع"، مضيفًا:" مخالفة "الإدلاء بتصريح سياسي" مخالفة وهمية لا وجود لها في النظام الأساسي للقضاة، لأن تجريمها تّأديبيا لم يدخل بعد حيز التنفيذ، فهي من نكت المشروع الحالي، كما أتساءل هل الدفاع عن استقلال السلطة القضائية موقف سياسي؟" وقام العديد من القضاة في فيسبوك بحملة واسعة تستنكر قرار إحالة القاضيين، ممّا زاد من درجة التوتر بين الجسم القضائي ووزارة العدل والحريات، بعدما دخل الطرفان في مناوشات كبيرة بسبب مشروعي القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، والقانون الأساسي للقضاة، وصلت حد تنظيم إضرابات واحتجاجات. وفيما يتهم جزء واسع من القضاة وزارة العدل والحريات بالعمل على التضييق عملهم، وتعداد المتابعات في حق الكثير منهم بسبب آرائهم بينما يتم تناسي "المفسدين الحقيقيين"، يدافع الكثير من المتتبعين عن أداء الوزارة ومشاريعها الرامية إلى إصلاح العدالة في المغرب، لا سيما بعد مصادقة البرلمان، على استقلالية النيابة العامة عن الوزارة، وهو المطلب الذي نادى به على الدوام الجسم القضائي في المغرب.